كل صامتٍ شَريك

كل صامتٍ شَريك

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

«هذا هو الفصل الأخير من الإبادة الجماعية، إنه الدفع النهائي الملطَّخ بالدماء لطرد الفلسطينيين من غزة، لا طعام، لا دواء، لا مأوى، لا مياه نظيفة، لا كهرباء».. «إسرائيل حوَّلت القطاع بسرعة إلى موقع من البؤس الإنساني، حيث يُقتل الفلسطينيون بالمئات، وقريبًا، مجددًا، بالآلاف وعشرات الآلاف، أوسيُجبرون على الرحيل دون عودة».

هكذا لخص «كريس هيدجيز» الكاتب والمراسل العسكري الأمريكي، الوضع الأكثر مرارة في التاريخ المعاصر، حيث لم تتوقف آلة الحرب «الإسرائيلية» ـ منذ 7 أكتوبر 2023 ـ عن شنِّ حرب إبادة جماعية في غزة، خلَّفَت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وآلاف المفقودين!

ورغم كل تلك البشاعة، لم يكتفِ «الاحتلال الصهيوني» بذلك، بل استأنف جرائم الإبادة الجماعية في غزة، منذ 18 مارس الماضي، لتتجاوز الحصيلة في القطاع 1350 شهيدًا، وآلاف المصابين، في الوقت الذي يصعب تحديد عدد الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث يتم استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني «عمدًا»!

يقينًا، لم تكن لتستمر وحشية «الاحتلال الصهيوني» إلا بتواطؤ «عربي ـ غربي»، ودعم وغطاء أمريكي، لتنفيذ مخطط «دونالد ترامب»، بتهجير الفلسطينيين، وبالتالي تحقيق أهداف «الفاشي نتنياهو»، في الإبادة والحصار والتجويع، لخلق واقع سياسي جديد، وإجبار جميع سكان قطاع غزة على النزوح والتهجير.

إن ما يحدث لأشقائنا الفلسطينيين، لا أقل من وصفه بوصمة عار في جبين الإنسانية، بعد احتلال رفح بالكامل، وإخلاء شمال وشرق بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا والشجاعية وخان يونس، في ظل ممارسات «إسرائيلية» بربرية تنسف البيوت والخيام على رؤوس من فيها وهم أحياء نيام، إذ تتساقط عليهم الصواريخ المزلزلة «المحرمة دوليًّا»، لِتُفَتِّت ما تبقَّى من بشر أو حجر! 

لا أعتقد أن إنسانًا ـ مهما كان دينه أو عرقه ـ تدبُّ في أوصاله ذرة من نخوة أو شهامة أو إنسانية أو مروءة، استطاع أن يغمض له جفن أو يخلد إلى النوم بسكينة وطمأنينة، بعد مشاهدة نُذُرٍ يسيرٍ من تطاير الأشلاء والمذابح المروعة والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الأبرياء الفلسطينيون، في ظل حصار خانق وتجويع متعَمَّد!

بكل أسف، أصبحنا نعيش في عصر «ما بعد الغاب»، الذي تبلدت فيه المشاعر والأحاسيس، ولا يُحرك فيه ساكنًا، موت طفل أو امرأة أو شيخ مُسن، تحت القصف أو من الجوع، إذ أصبحت العدالة الإنسانية فيه مجرد أسطورة، تحكيها كتب التاريخ في الأزمنة الغابرة!

أخيرًا.. نحن على يقين بأن «كل صامتٍ شريك»، في هذا العالم الذي يعج بالمنافقين والمضللين والأفاقين وعلماء السلطان والجبناء الخانعين المرتعبين، بعد أن «أصبحنا في زمنٍ بائسٍ، القويُّ يفعل ما يشاء، والضعيف يعاني ما يجب أن يُعانيه»، ولذلك فإن «أسوأ مكان في الجحيم مخصص للذين يقفون على الحياد في المعارك الأخلاقية الكبرى».

 

فصل الخطاب:

 

يقول «الإمام الحُسين بن عليّ»: «إن لم يكن لكم دينٌ وكنتم لا تخافون الآخرة، فكونوا أحرارًا في دنياكم».

[email protected]