هل تأثر إرث كريستيانو رونالدو بتواجده في السعودية؟

هل تأثر إرث كريستيانو رونالدو بتواجده في السعودية؟

في كرة القدم، لا يُقاس المجد فقط بعدد الأهداف، ولا تُصاغ الأساطير فقط من الألقاب، بل من البصمة التي يتركها اللاعب، سواء في أوج مسيرته أو في غروبها.

بينما يختار بعض النجوم أن يُغلقوا ستائر المجد على مسرح أوروبا، يقرر آخرون — كما فعل كريستيانو رونالدو — أن يخوضوا فصلًا مختلفًا، في بيئة جديدة، قد لا تُشبه الأضواء التي اعتادوا عليها، لكنها لا تخلو من التحدي.

في ديسمبر 2022، أعلن النصر السعودي انضمام كريستيانو رونالدو في صفقة هيمنت على العناوين عالميًا، وأثارت موجة انقسام حاد: بين من رآها ختامية باهتة لمسيرة ملكية، ومن اعتبرها ثورة بدأت بخطوة.

تزامن وصول رونالدو مع لحظة فارقة في مشواره، “لقد انتهيت من أوروبا، فزت بكل شيء هناك”، قالها النجم البرتغالي بثقة، معلنًا بداية جديدة في أرض لم تُعرف بعد كموطن لأساطير اللعبة.

كريستيانو رونالدو – النصر السعودي (تصوير: مصطفى الشحات 📷)

لكن رغم الوعود بالتطوير، والحديث عن تحدٍ جديد، بقي سؤال يهمس في أذهان الجماهير: هل يؤثر اللعب في دوري لا يزال في طور التشكّل على إرث أعظم هداف في تاريخ أوروبا؟

هل فقد كريستانو رونالدو توهد بريقه في السعودية؟

من حيث الأداء الفردي، لا يمكن لأحد أن يُنكر ما فعله كريستيانو؛ 72 هدفًا و16 تمريرة حاسمة في 74 مباراة — أرقام لا تصدر عادةً عن لاعب يبلغ 40 عامًا، دقة تسديد بلغت 62.9%، ونسبة تمريرات صحيحة تصل إلى 75.5%، كلها تدل على أن رونالدو لم يأتِ ليستعرض فقط، بل ليستمر كلاعبٍ مؤثر حتى الرمق الأخير.

لكن كرة القدم لعبة جماعية، وإرث اللاعب لا يُصاغ فقط بالأرقام، بل أيضًا بما يُنجزه ناديه بوجوده، وهنا، تتبدد الهالة.

منذ انضمام كريستيانو رونالدو، فشل النصر في تحقيق لقب الدوري السعودي، في كل مرة يقترب الفريق من الذهب، يظهر منافس أكثر ثباتًا — الهلال تارة، والاتحاد تارة أخرى، وبنزيما يقود المعركة من الجبهة المقابلة.

حتى على صعيد البطولات القارية، لم ينجح النصر في كسر هيمنة الفرق الأخرى، الخروج من ربع نهائي دوري أبطال آسيا، ونصف نهائي كأس السوبر، وخسارة كأس الملك، كلها نتائج تضع الكثير من علامات الاستفهام حول المشروع الرياضي الذي أراده كريستيانو “ثوريًا”.

في صيف 2023، نجح النصر في حصد لقب كأس العرب للأندية الأبطال، بفضل ثنائية كريستيانو أمام الهلال، نعم، لحظة مجد لا يمكن إنكارها، خصوصًا أن الحذاء الذهبي كان أيضًا من نصيبه، لكن… هل يكفي ذلك لحفر اسم لاعب في ذاكرة نادٍ وتاريخ دوري؟

إرث كريستيانو رونالدو لا يُمحى.. لكنه يحتاج إلى استمرار الشرارة!

عندما نتحدث عن ترك إرث، لا تكفي الشرارات، بل نحتاج إلى نار مشتعلة تغير وجه المشهد، وفي هذا السياق، يبدو أن وجود كريستيانو لم يكن كافيًا لتغيير قواعد اللعبة.

كريستيانو رونالدو ليس أول من ينهي مسيرته في دورٍ خارج أوروبا، من قبله، اختار ديفيد بيكهام الولايات المتحدة، وتوجه تشافي إلى قطر، وتسلل إنييستا نحو اليابان، لكن الفارق أن كريستيانو لم يأتِ إلى السعودية وهو في حالة انطفاء.

جاء كهداف مانشستر يونايتد في الموسم الذي سبق انتقاله، وسجل في كأس العالم، لا سيما التاريخ الأسطوري الذي سطره على جدران قلعة ريال مدريد، وكان لا يزال قادرًا على المنافسة في دوري الأبطال، وهنا، يبدأ الجدل الحقيقي.

التاريخ يتذكر الألقاب، يتذكر لحظات الحسم، يتذكر من كسر القاعدة، لا من كرّر الإخفاق، ورغم أن رونالدو هو من فتح أبواب الدوري السعودي أمام النجوم، إلا أن عدم قدرته على الظفر بلقب الدوري بعد موسمين يُثير التساؤلات، بل ويؤسس لفكرة مفادها: أن انتقاله لم يكن لتحقيق مجد جديد، بل للحفاظ على الوهج التجاري، وتعزيز العلامة، لا الشغف.

كريستيانو رونالدو سيظل أحد أعظم من لمسوا الكرة على مر العصور، لكن مرحلته في السعودية، مهما بلغ بريقها الفردي، تبقى نقطة تحول مثيرة للجدل.

فهل ستُكتب قصة رونالدو في السعودية كفصل بطولي، أم كخاتمة باهتة لأسطورة عظيمة؟

إحصائيات نجوم الدوري السعودي