الشطرنج لا المصارعة: كيف صعق برشلونة ريال مدريد؟

قبل أن نبدأ فهناك قصة تستحق أن تُروى: في ذلك اليوم المشحون بالدراما، جلس دانيال تيلور، أحدث مراسلي الجارديان في ذلك الوقت، في مدرجات “كوينز بارك”، أمام حاسوبه المحمول، مستعداً لإرسال تقريره الذي صاغه بعناية خلال 90 دقيقة من كرة القدم الصافية، العنوان الذي اختاره كان قاسياً للغاية: “مانشستر سيتي لن ينسى أبداً اليوم الذي خسر فيه البريميرليج”، في جملة تختزل مأساة فريق كاد أن يلامس المجد قبل أن يسقط بين أنامله كقطرات المياه، حسنًا، كل شئ مضبوط، التقرير جاهز، العنوان صادم وهذا يعني مزيدًا من القراءات، والحياة تسير بما تشتهي سفن الصحافة الجيدة، لكن الكرة، كما الحياة، لا تنتهي حتى تُسمع الصافرة الأخيرة.
وفي الثانية 93:20، انقلب كل شيء رأساً على عقب، وفجأة وجد الرجل نفسه أمام شاشة فارغة بيضاء، فاقع لونها، لا تسره بأي حال من الأحوال، بعد تسديدة أجويرو الأسطورية، تلك التسديدة لم تُسقط شباك كوينز بارك رينجرز فقط، ولم تحمل لقب الدوري الإنجليزي للأزرق السماوي فحسب، بل أسقطت أيضاً ذلك العنوان الذي اعتقد تيلور أنه تحفة صحفية، فكيف يُنقذ ما تبقى من تقريره؟ حسنًا، حاول صياغة عنوان جديد يعبّر عن اللحظة التي قلب فيها السيتي التاريخ، ليظهر التقرير الجديد تحت عنوان: “مانشستر سيتي يفوز باللقب في النهاية بعد أن أغرق أجويرو كوينز بارك رينجرز”، عنوان تقليدي، باهت مقارنةً بما خطط له، لكنه كان كل ما يستطيع كتابته تحت وطأة الصدمة.
اللطيف في الأمر أن تيلور عاش نفس اللحظة التي أراد أن يصفها للجماهير، فبينما كان يُعدّ نفسه لرواية قصة الخسارة المأساوية، وجد نفسه فجأةً في قلب قصة الانتصار الأسطوري، لم يكن لديه رفاهية الوقت ليعيد ترتيب أفكاره أو يستوعب ما حدث، وكان عليه أن يكتب بسرعة، عن لحظةٍ لم يصدقها هو نفسه، ولذلك ربما كان هذا درساً مهنيًا ثميناً: لا شيء واضح قبل صافرة النهاية، فحتى أفضل العناوين قد تتحول إلى مجرد ذكريات لم تكتمل، وأجمل القصص قد تُكتب بيد القدر، لا بقلم الصحفي.
View this post on Instagram A post shared by 365Scoresarabic (@365scoresarabic)
حسنًا، قد يقول قائل: قصة جميلة وصادمة فعلًا، ولكن ما علاقتها بما نحن فيه الآن؟ ممم، سؤال جيد، لأن هذا هو ما حدث معي بالضبط قبل كتابة تلك الكلمات، الفارق فقط أنني غيرت العنوان والمتن والعناوين الفرعية حوالي 64 مرة تقريبًا، وتلك هي ضريبة أن يطلب منك رئيس التحرير الكتابة عن أفضل كلاسيكو عايشناه منذ سنوات طالت بعض الشيء.
حلبة المصارعة
شهدت الأيام السابقة ليوم المباراة دراما غير مسبوقة، حيث بدأ الحدث مبكرًا بلقطة للحكم دي بورجوس، وهو يبكي تأثرًا بالانتقادات الشديدة التي شنها عليه تلفزيون ريال مدريد، والتي طالت عائلته أيضًا في بعض الأوقات، وقد ردّ ريال مدريد على ذلك بمقاطعة جميع الفعاليات التمهيدية الرسمية للمباراة، ورغم الكم الكبير من الهرطقة و أطنان الحبر التي أريقت في الحديث عن طاقم التحكيم قبل المباراة، إلا أن الحكام، وصدق أو لا تصدق، قد اجتازوا أول 95 دقيقة و21 ثانية دون اتخاذ أي قرارات صعبة نهائيًا، بل بالعكس، كانت قراراتهم جيدة بالنظر إلى المجموع الكلي لما حدث داخل الملعب طوال المباراة.
View this post on Instagram A post shared by 365Scoresarabic (@365scoresarabic)
ولكن، ونحن نتجه إلى الوقت الإضافي، حدث ما لا يحمد عقباه، بعدما اندفع رافينيا نحو منطقة جزاء مدريد، وعرقله أسينسيو، ولم يتردد في احتساب ضربة جزاء عيانًا بيانًا على رؤوس الأشهاد، انطلقت ضجة في الملعب، حيث أبدى اللاعبون والمدربون والمشجعون آراءهم حول القرار، وبينما كان رافينيا يستعد للتنفيذ.
ظهرت عبارة “Var chick” على شاشة لا كارتوخا، حيث رأى حكم الفار، بابلو غونزاليس فويرتيس، والذي انتقد بشدة طريقة تعامل تلفزيون ريال مدريد مع الحكام في اليوم السابق للمباراة، أن الأمر يستحق إعادة النظر، وبالفعل، حضر الحكم إلى الشاشة، وأوقفه مدرب برشلونة هانسي فليك في الطريق، وتحدث معه قليلًا، لكنه في النهاية تراجع عن قراره الأصلي، ومر الأمر كأن لم يكن، رغم الضغوط الهائلة التي وقعت على المسؤولين، بالنظر إلى ما حدث بالأمس وفي السنوات الأخيرة.
الـVAR يقرر.. لا لوجود ركلة جزاء لبرشلونة ❌
#ريال_مدريد_برشلونة
#CopaDelRey | #SSC pic.twitter.com/TizyFox7yT— SSC (@ssc_sports) April 26, 2025
كان قرارًا مثيرًا للجدل فعلًا، ورغم أننا نراه قرارًا صحيحًا، إلا أنه يمكن الطعن فيه بأي شكل من الأشكال، خاصة وأن الدقائق الـ 95 الماضية التي سبقته شهدت العديد من الحوادث والقرارات التي كان على الحكام اتخاذها، وكادت المباراة في أوقات مختلفة أن تتحول إلى “خناقة في حارة شعبية”، مع انزعاج اللاعبين والمدربين والمشجعين من كلا الجانبين في كثير من الأحيان.
إذ ثار غضب برشلونة عندما أفلت الظهير الأيمن لوكاس فاسكيز من العقوبة بسبب ارتكاب خطأ على رافينيا، وشهد فريق فليك مطالبة بركلة جزاء بسبب لمسة يد ضد فيديريكو فالفيردي، لكن الحكم رفض ذلك بعد أن ضربت الكرة ذراع فالفيردي، وهكذا استمرت الحوادث التي تطورت بعض الوقت إلى مشاجرات بالأيدي، إذ أمسك سيبايوس في خناق لامين يامال خلال مشادة بينهما، كما تصارع سيبايوس أيضًا مع كوبارسي بعد ركلة ركنية لبرشلونة كادت أن تتسلل إلى القائم البعيد لتيبو كورتوا، حيث جادل مشجعو برشلونة بأن كوبارسي شد قميص المدافع أثناء وصول الكرة، ولكن الحكم، كعادة معظم أحداث المباراة، اتخذ القرار الصحيح، ولو بشكل نسبي.
المهم؛ لقد بدأنا بالحديث عن تلك النقطة لنصل في النهاية إلى نتيجة هامة جدًا، صدق أو لا تصدق؛ الحكم مجرد بشر، وحكم الفار مجرد بشر، ونحن جميعنا بشر في هذا الكوكب، وبما أننا جميعنا بشر، إذن فلا بد من ارتكاب بعض الأخطاء، معلومة بديهية؟ ربما بالنسبة لك، ولكننا نعيش في عالم يغذيه العنف والقبلية والتجمهر، ولذا وجب التأكيد على بعض البديهيات.
تقرير حكم مباراة الكلاسيكو يوضح سبب طرد ثلاثي ريال مدريد ضد برشلونة
+20
حسنا، هيا بنا نترك المصارعة ونعود لكرة القدم، ولكن قبل ذلك دعونا نكن واضحين بعض الشئ: النتيجة الكبيرة قد تخدع، نعم، فهناك خمسة أهداف كاملة في المباراة، ولكن هذا لا يعكس حقًا ما حدث على العشب فعلًا: 22 محاولة للبارسا مقابل 15 فقط لمدريد، هذه ليست مواصفات مباراة سحق فيها أي من الطرفين بالمعنى الحرفي، ولكن في نفس الوقت، فكرة القدم لا تُحكى بالأرقام المجردة فقط، خاصة وأن المفارقة دائمًا ما تكمن في التفاصيل الدقيقة: 9 تسديدات فقط من محاولات البارسا وصلت إلى مرمى كورتوا، بينما كان هناك 7 تسديدات للميرنجي اخترقت دفاعات البارسا.
ما الفارق؟ حسنًا الفارق يكمن في الجودة، وليس في الكم، كم من تلك التسديدات كانت من مواقع مستحيلة؟ كم منها كان قراراً متسرعاً؟ وبعد دراسة كل العناصر، يجب الإقرار أيضًا بأن ريال مدريد كاد يقلب الطاولة على رؤوس سكان كتالونيا في 20 دقيقة فقط بعد الهدف الأول، كان فيهم الطرف الأخطر بوضوح وكان قاب قوسين أو أدنى من إفساد مخططات فليك تماماً.
نفس الـ 20 دقيقة التي كانت في صالح مدريد في الشوط الثاني، جاءت في صالح البارسا تمامًا في الشوط الأول، حيث أعادت أول دقائق المباراة إلى الأذهان ذكريات الخماسية الماضية، خاصة وأن الهيمنة كانت متشابهة إلى حد مدهش: هجمات متتالية، احتواء محكم للتحولات، ضغط عكسي حاد وفعال، واستحواذ تام على مجريات اللعب، لينجح فليك في تقديم نفس النموذج ثلاث مرات متتالية في موسمه الأول على رأس الفريق الكتالوني.
View this post on Instagram A post shared by 365Scoresarabic (@365scoresarabic)
وقد ساعد في ذلك خط وسط برشلونة الذي قدم عرضاً شاملاً يفوق بكثير ما قدمه خط وسط ريال مدريد، فبينما كان الكتلان ينسجون خيوط اللعب ببراعة، مؤمنين التغطية الدفاعية حيناً وبناء الهجمات بحكمة حيناً آخر، ظل وسط الملكي يتخبط في بحر من العشوائية، الفارق هنا لم يكن في الموهبة بقدر ما كان في التنظيم والفهم التكتيكي، ولنا في رافينيا مثال حي، الذي كان نموذجاً للاعب الذي يؤدي واجباته بلا كلل، حركاته الذكية بين الخطوط وضغطه المستمر عطلت الكثير من هجمات الخصم، وفي الجهة المقابلة، ظل بيلينجهام يدور في حلقة مفرغة من المحاولات الفردية التي لم تثمر سوى عن إضاعة الفرص.
الشيء الأكثر إثارة يكمن أيضًا في ضغط برشلونة العكسي القاتل، إذ أن كل محاولة لريال مدريد للضغط والهجوم كانت تزيد من تعرضه للخطر، أو دعنا نقول أن ما ما يميز أداء برشلونة الحالي هو تلك الآلية الدفاعية المزدوجة التي يعتمد عليها: الضغط العكسي القاتل مصحوباً بخط دفاع وقائي محكم، هذه التركيبة القاتلة تحولت إلى سلاح سري يجعل من الصعب اختراق الفريق الكتالوني، ولذلك فكل محاولة هجومية من الخصم تواجه بحائط صد منظم يدفن التهديد في مهده قبل أن ينضج، والنظام الدفاعي لفليك يعمل كساعة سويسرية دقيقة: عند فقدان الكرة، ينطلق الضغط العكسي فوراً لاستعادتها، وفي حال نجاح الخصم في التقدم، يتحول الفريق إلى تشكيل دفاعي منظم، ثم هناك الأخطاء التكتيكية والتي تُستخدم بذكاء لإيقاف الهجمات دون تعريض اللاعبين للعقوبات.
View this post on Instagram A post shared by 365Scoresarabic (@365scoresarabic)
هذه الفلسفة الدفاعية لم تترك مجالاً للمفاجآت نهائيًا، فكل تحول خطير كان يُحبط قبل أن يبدأ أصلًا، وكل هجمة مرتدة تُقمع في مهدها، والسر يكمن في التنسيق التام بين خطي الوسط والدفاع، حيث يتحرك الجميع كوحدة واحدة غير قابلة للاختراق، ولذلك فالنتيجة واضحة للعيان: برشلونة أصبح فريقاً يصعب هزيمته، ليس لأنه يمتلك أفضل المدافعين، بل لأنه يمتلك أفضل نظام دفاعي جماعي في الدوري، وهذه المنظومة المحكمة أيضًا هي التي تفسر تفوق الفريق رغم كل التحديات التي واجهها هذا الموسم، نعم؛ فهذه النسخة من برشلونة تختلف عن سابقاتها، خط الوسط لا يخشى الضغط العالي، بل يزدهر معه، ولذلك فالمشهد الأكثر دلالة في هذا الشوط يمكن اختزاله في لحظتين حاسمتين:
لحظة وقوف بيلينجهام في منتصف الملعب يحملق في شباك فريقه المحطمة، بينما كان يمكنه التدخل لمنع الهدف الأول.
لحظة التسلل على فينيسيوس التي لو تركها لفيران جارسيا لكانت صحيحة قانوناً.
هذه التفاصيل الصغيرة تختزل قصة المباراة بأكملها: برشلونة الذي يحول كل فرصة إلى خطر داهم، وريال مدريد الذي يدفع ثمن أخطائه بدقة قاتلة، فبينما كان ريال مدريد يلعب كرة القدم، كان برشلونة يلعب الشطرنج، كل حركة، كل تمريرة، كل جرية، كانت جزءاً من خطة أكبر، وهذا ما صنع الفارق في النهاية.
20 دقيقة في هدف واحد
حسنا، رغم سيطرة برشلونة الكاملة في أول 30 دقيقة والتي تحدثنا عنها فعلًا، إلا أنها لم تسفر عن العديد من الفرص الواضحة، حتى جاء هدف بيدري في الدقيقة 28 ليظهر نهج البارسا المباشر تحت قيادة فليك، بدأت الهجمة بتمريرة بين فيران توريس وجود بيلينجهام، الذي انطلق للأمام وحاول تمرير الكرة إلى فينيسيوس جونيور. لكن باو كوبارسي كان بالمرصاد، ونجح في قطعها ببراعة نظيفة.
التقط بيدري الكرة المرتدة، نظر إلى الملعب من حوله، فيما يعرف بعملية الـ Scanning، الغريب هنا فعلًا، هو وقوف بيلينجهام واضعًا يده على رأسه في حالة من عدم التصديق، رغم إمكانية الضغط واللحاق ببيدري.
⚽ هدف برشلونة الأول بصوت المعلق فهد العتيبي 🎙️
#ريال_مدريد_برشلونة
#CopaDelRey | #SSC pic.twitter.com/uYRkgZ5PXf— SSC (@ssc_sports) April 26, 2025
لم يستيقظ بيلي من ثباته حتى أرسل بيدري تمريرة عمودية فوق دفاع ريال مدريد إلى لامين يامال على اليمين، قبل أن ينطلق بسرعته إلى منطقة الجزاء.
وقف يامال على كرته ثانيتين جذب بهما العديد من المدافعين إليه، في حين تمركز داني أولمو وتوريس ورافينيا في منطقة الجزاء، وعندما لمح المساحة، لعب يامال تمريرته إلى حافة منطقة الجزاء، ليستقبلها بيدري المنطلق من منتصف الملعب، ويقابلها بتسديدة مباشرة رائعة في الزاوية اليسرى.
ذلك هو لب فلسفة هانز فليك، السرعة، الرشاقة، والانطلاقات السريعة، ففي لمح البصر، تحول الموقف من مجرد خطر قد تسقطه الحسابات إلى هدف قاتل، تدخل واحد حاسم، يليه تمريرتان دقيقتان، وكان ذلك كل ما احتاجه برشلونة لقلب الطاولة على خصمه، بسرعة البرق، بدقة الجراح، وبفعالية لا تترك مجالاً للرد. كل حركة محسوبة، وكل تمريرة مقصودة، وكل هجمة تنتهي حيث يجب أن تنتهي. هذه هي الفلسفة الجديدة، باختصار مخل بعض الشيء طبعًا، ولكنها بشكل عام هي التي أعادت للبارسا هيبته.
ما وراء تبديلات أنشيلوتي
نشط ريال مدريد في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول، لكن هيمنته ظلت بلا أسنان، دخول مبابي لفت الأنظار بعض الشئ، لكن التغيير الحقيقي جاء مع دخول مودريتش وجولر بعد عشرة دقائق، ما حوّل خطة الفريق إلى نهجٍ أكثر فوضوية.
“لم يصل إلى هنا من أجل كأس الملك، بل من أجل كبرياء مدريد وتاريخه”🤯
من ركلة ثابتة، كيليان مبابي يسدد بدقة ليعلن أول أهداف ريال مدريد في كلاسيكو نهائي الكأس⚽🔥
ريال مدريد 1 × 1 برشلونة
#ريال_مدريد_برشلونة
#CopaDelRey | #SSC
pic.twitter.com/rRFpjwv7Qi— SSC (@ssc_sports) April 26, 2025
وتلك هي اللبنة التي يستند عليها السيد كارلو أنشيلوتي بشكل هامشي، وريال مدريد بشكل أساسي، في فلسفته: صناعة الفوضى، ولكن لم تكن الفوضى التي أحدثها أنشيلوتي عشوائية تمامًا، بل كانت فوضى مُوجهة، تستهدف نقاط ضعف محددة في دفاع برشلونة، حيث أن دفع فالفيردي إلى مركز الظهير الأيمن لم يكن مجرد تغيير في المراكز، بل كان يهدف إلى استغلال سرعته وقوته البدنية في اختراقات الجبهة اليمنى لبرشلونة، والتي بدت مهتزة بعض الشيء، وبالمثل، فإن منح بيلينجهام حرية الحركة خلف المهاجمين كان يهدف إلى استغلال قدرته على التحرك بين الخطوط وإيجاد المساحات.
ولكن هذا نتج عنه مشكلة هامة: أن اندفاع جولر للأمام للتغطية على حركة فالفيردي، خلق بعض الفجوات دفاعية، وترك جارسيا وحيدًا في مواجهات فردية مع مهاجمي البارسا، استغل أولمو هذه الثغرات، وصنع فرصتين ذهبيتين لرافينيا، لكن الأخير أهدرهما، ومن جهة أخرى، دفع برشلونة ثمن أخطاء دفاعية متتالية: تمريرات مفككة، تدخلات فاشلة، وأخيرًا خطأ تكتيكي أدى إلى ركلة حرة لمبابي سجل منها التعادل، فقد بيدري ودي يونج السيطرة على الكرة تدريجيًا، وبعد سلسلة كرات ثابتة دافع عنها البارسا، وصلت تمريرة جولر الدقيقة إلى تشواميني ليسجل التقدم. أنشيلوتي، بالمخاطرة، نجح في قلب الموازين مؤقتًا قبل هدف توريس المتأخر.
ولذلك يمكن القول أن كارلو أنشيلوتي لجأ إلى “الفوضى المنظمة” كحل تكتيكي لإعادة فريقه إلى المباراة، خاصة بعد التأخر في النتيجة، ولقد كانت مقامرة جريئة حقًا، تحمل في طياتها احتمالية النجاح والفشل على حد سواء، وبينما نجح الفريق في قلب الطاولة مؤقتًا بفضل هذه التغييرات، فإن هدف التعادل المتأخر لتوريس يظهر أن هذه الفلسفة، وإن كانت فعالة في خلق الفرص والضغط على الخصم، إلا أنها قد تكون أيضًا عرضة لاهتزاز التوازن الدفاعي إذا لم تطبق بحذر ودقة.