زفيريف: روح تتحدى بمدربين: كرة المضرب ومرض السكري

في عالم كرة القدم… أو بالأحرى في الحياة بشكل عام؛ نحيا جميعًا حروبًا صامتة لا يراها من حولنا… أمراض تُنهك الجسد، جراح نفسية نُخفيها بابتسامة باهتة، وآلام نتعايش معها كأنها قدر لا يُفارقنا.

في كل يوم، هناك معركة تُخاض في الخفاء دون تدريب مُسبق لها، ومن دون جمهور يهتف أو مدرب يساند، فقط الإنسان وإرادته في مواجهة ما كُتب له، أمام نفسه دون أن يراه أحد.

تمامًا كما يعيش الألماني ألكسندر زفيريف نجم كرة التنس، الذي يحمل في جعبته قصة بطلًا ليس خصمه لاعبًا مثله بل داء السكري، في رواية إنسانية يقصّها عليكم موقع 365Scoers.

ألكسندر زفيريف لاعب تنس - المصدر: gettyimages
ألكسندر زفيريف لاعب تنس – المصدر: gettyimages

ما بين وخز الإبر وضربات الإرسال.. زفيريف يلهم العالم

في نصف نهائي بطولة سينسيناتي، تجمّدت اللحظة حين بدا ألكسندر زفيريف على وشك الانهيار، حينما تلألأت مشاعر الآلم في عينيه.

لم يكن المشهد مجرّد مباراة تنس تتعثر، بل كان صورة أخرى لمعركة يخوضها اللاعب صاحب الـ27 عامًا، منذ الطفولة مع داء السكري من النوع الأول.

ما حدث أمام منافسه كارلوس ألكاراز في نصف النهائي لم يكن مفاجئًا؛ جسده الذي اعتاد الصراع بدا وكأنه يخذله للحظات، فتباطأت خطواته، وارتسم الإرهاق على ملامحه.

ومع ذلك، ظل واقفًا يرد الكرات، وكأن وجوده في الملعب إعلان بأن المرض قد ينهك الجسد لكنه لا يكسر الروح، بعد انتهاء اللقاء، ورغم خسارة زفيريف لم يكن الحديث عن النتيجة بقدر ما كان عن إنسان يقاتل على جبهتين: في الداخل حيث يطارد المرض خلاياه، وفي الخارج حيث يطارده خصوم أقوياء.

حتى منافسه ألكاراز لم يُخف حزنه عليه، فالمشهد تجاوز حدود المنافسة ليصبح لحظة إنسانية خالصة.

عانى زفيريف من ارتفاع سكر الدم، فوصف له الأطباء الأنسولين، وكانت وصية الأطباء، قبل ما يقرب من عقدين من الزمن، هي نسيان التنس والتوقف عن المشاركة في رياضة صعبة كهذه.

لم يُصغِ الشاب، حتى لمحاولات والديه في إيقافه في البداية، اليوم، يُعتبر زفيريف قدوة في كثير من النواحي، سواءً في عالم التنس أو كشخص عانى من مرض السكري.

اللاعب رفض هذا المصير، وواجه الوخزات اليومية بحقن الأنسولين كما يواجه مضارب الخصوم؛ بابتسامة، وبقوة صامتة لا يراها أحد إلا في صموده.

ولمن لا يعلم، فنظرًا لقواعد التنس الصارمة، كان على أي شخص يحتاج إلى حقن الإنسولين أن يأخذ استراحة للذهاب إلى الحمام ويغادر الملعب، كان هذا الأمر صعبًا للغاية على زفيريف، إذ لم يكن بإمكانه طلب سوى استراحة مرتين.

قصة زفيريف تذكير دائم بأن الرياضة ليست مجرد نتائج وألقاب، بل حكاية إنسان يقاتل ليبقى حاضرًا، مهما اشتدت العواصف.