على الرغم من الخسارة أمام باريس.. ما هي الفوائد التي جناها ريال مدريد من كأس العالم للأندية؟

على الرغم من الخسارة أمام باريس.. ما هي الفوائد التي جناها ريال مدريد من كأس العالم للأندية؟

إن كنت متابعًا جيدًا لما نكتبه هنا عادة، فأنت بالتأكيد تتذكر ما ذكرناه قبل مباراة باريس سان جيرمان عندما أكدنا أن “ألونسو لن يخسر مهما كانت النتيجة”، ورغم الهزيمة القاسية التي تلقاها الفريق، إلا أننا سنسلط الضوء في هذه المساحة على المكاسب التي حققها ريال مدريد خلال البطولة برغم الهزيمة القاسية، والتي جعلت من باريس أول فريق فى التاريخ يفوز ضد ريال مدريد بفارق 3 اهداف او أكثر فى 3 بطولات قارية مختلفة، هل أنت مستعد؟ هيا بنا.

السياق

شكلت مشاركة ريال مدريد في كأس العالم للأندية الموسعة 2025 بالولايات المتحدة الأمريكية، مرحلة محورية، وإن كانت صعبة، في استعدادات النادي لعصر جديد تحت قيادة المدرب تشابي ألونسو. على الرغم من الهزيمة الكبيرة، قدمت البطولة رؤى تكتيكية لا تقدر بثمن، وسرّعت من تأقلم اللاعبين، وعززت المرونة النفسية والبدنية، وحققت توسعًا تجاريًا وجماهيريًا كبيرًا في السوق الأميركي الحيوي، لقد تحولت كأس العالم للأندية بفعالية من مجرد مسابقة تحضيرية إلى أداة تشخيصية عالية المخاطر واستثمار استراتيجي مربح لموسم ريال مدريد القادم.
كما كانت الهزيمة رغم ألمها، بمثابة أداة تشخيصية حاسمة للمدرب ألونسو، كاشفة عن الفجوة الحقيقية بين فريقه والأندية النخبوية، ومقدمة خارطة طريق واضحة للموسم القادم. هذا يحول النتيجة السلبية إلى فرصة تعليمية استراتيجية، وتعليقات ألونسو بعد المباراة تؤكد هذا التوجه، حيث صرح قائلًا: “الآن نعرف أين نحن، وإلى أين ننظر، وإلى أين نريد أن نصل ونستعد لذلك”، حيث أن حجم الخسارة أمام خصم من الطراز الرفيع مثل باريس سان جيرمان يوفر معيارًا لا يمكن إنكاره.
بالنسبة لمدرب جديد مثل ألونسو، فإن تحديد مثل هذه الفجوات الكبيرة مبكرًا في بداية ولايته، وقبل بدء موسم الدوري، يعد أكثر قيمة استراتيجية من انتصار ضيق قد يكون مضللاً، هذا يسمح بإجراء تعديلات مبنية على البيانات والوقائع الحية والتجربة بدلًا من التدريبات وحدها، مستهدفة بذلك التطبيق التكتيكي، وربما حتى تخطيط وشكل التشكيلة المستقبلية، ما يمثل فائدة عميقة مستمدة أولًا من الشدائد.
مثلت البطولة الاختبار التنافسي الأول للمدرب الجديد تشابي ألونسو، الذي تولى المسؤولية خلفًا لكارلو أنشيلوتي، وبدأت أولى حصصه التدريبية في 9 يونيو، قبل أيام قليلة من مباراتهم الافتتاحية، والذي ركز خلالها بشكل واضح على اللياقة البدنية، والاستحواذ على الكرة، وحركة الكرة، والضغط العالي، ورغم ضيق الوقت، كانت رحلة ريال مدريد إلى نصف النهائي ناجحة إلى حد كبير، حيث وصل الفريق دون هزيمة وسجل 11 هدفًا في خمس مباريات قبل مواجهة باريس سان جيرمان، كما قدمت البطولة حافزًا ماليًا كبيرًا، حيث قدرت الفيفا الأرباح المحتملة للفائزين بما يصل إلى 125 مليون دولار.
في دور المجموعات، تصدر ريال مدريد المجموعة الثامنة برصيد 7 نقاط من 3 مباريات (فوزين وتعادل واحد)، كانت مباراتهم الافتتاحية، والتي مثلت الظهور الأول لتشابي ألونسو كمدرب، تعادلًا 1-1 مع الهلال السعودي في أجواء ميامي الحارة للغاية وعلى ملعب هارد روك شبه الممتلئ، سجل جونزالو جارسيا، الذي حل محل كيليان مبابي المصاب بالحمى، هدف ريال مدريد الافتتاحي، بينما عادل روبن نيفيز النتيجة للهلال من ركلة جزاء، وأضاع فيديريكو فالفيردي ركلة جزاء في اللحظات الأخيرة.

حقق ريال مدريد انتصارات ضد باتشوكا المكسيكي، في مباراة شهدت حضور 70,248 مشجعًا في شارلوت، وضد ريد بول سالزبورج النمساوي، التي جذبت 64,811 مشجعًا في فيلادلفيا، حيث انتهت مباراة سالزبورج بفوز ريال مدريد 3-0، ليتقدم أكثر نحو الأدوار الإقصائية، في دور الـ16، حقق ريال مدريد فوزًا صعبًا 1-0 على يوفنتوس الإيطالي، حيث سجل جونزالو جارسيا الهدف الحاسم.
ثم تأهلوا إلى نصف النهائي بعد الصمود الجيد جدًا أمام صحوة بوروسيا دورتموند الألماني المتأخرة، محققين فوزًا 3-2 في ربع النهائي. في هذه المباراة، سجل جونزالو جارسيا هدفه الرابع في البطولة، وضاعف فران جارسيا النتيجة، وسجل كيليان مبابي، الذي دخل كبديل بعد شفائه من المرض، هدفًا رائعًا من ركلة مقصية ليعيد فارق الهدفين، على الرغم من طرد دين هويسين في وقت متأخر من المباراة.
ويشير هذا الأداء القوي لريال مدريد تحت قيادة مدرب جديد إلى تأقلم مبدئي سريع مع نظام ألونسو، لكن مباراة باريس سان جيرمان كشفت حدود هذا التقدم المبكر أمام منافس من النخبة وفي قمة مستواه، هذا يشير إلى وجود “فترة شهر عسل” انتهت فجأة، البيانات تظهر بوضوح المسار الإيجابي لريال مدريد قبل مباراة باريس سان جيرمان: تصدر مجموعته، الفوز في دور الـ16 وربع النهائي ، والوصول دون هزيمة مع 11 هدفًا في خمس مباريات، هذا النجاح الأولي قد عزز شعورًا بالثقة الزائفة للمدرب الجديد، وهو من الطباع العجيبة، حيث تخفي النتائج الإيجابية المبكرة قضايا أعمق لم تعالج بعد.
ومع ذلك، فإن الخسارة أمام باريس سان جيرمان لا تتناقض بشكل حاد مع هذا الأداء السابق، فبينما كانت تعديلات ألونسو التكتيكية الأولية واستجابات اللاعبين فعالة ضد الفرق الأخرى في البطولة، إلا أنها لم تكن قوية بما يكفي لتحمل الضغط المستمر والجودة العالية لفريق أوروبي كبير مثل باريس سان جيرمان، لقد انتهت “فترة شهر العسل” سريعًا، ما يوفر للمدرب فحصًا واقعيًا حيويًا وعالي المستوى، وسلط الضوء على الكثير من الأشياء بحاجة إلى التحسين، وهي نتيجة حاسمة لفريق يمر بمرحلة انتقالية.

السقوط

على ملعب ميتلايف في نيوجيرسي، فرض باريس سان جيرمان سيطرته مبكرًا، حيث بنى تقدمًا لا يمكن تعويضه بنتيجة 3-0 في أول 24 دقيقة عبر هدفين لفابيان رويز (حدثنا عنه بالأخص في المقال المشار إليه سابقًا) وهدف لعثمان ديمبيلي، مع إضافة جونزالو راموس هدفًا رابعًا في وقت متأخر من المباراة، ما أدى إلى امتعاض وإحباط الجماهير الكبيرة المؤيدة لريال مدريد بشكل واضح من التتابع السريع للأهداف.
وتميز انتصار باريس سان جيرمان بتفوق تكتيكي ساحق، حافظوا خلاله على نسبة استحواذ بلغت 68% مقارنة بـ 32% لريال مدريد، وسجلوا 17 تسديدة (7 منها على المرى) بينما تمكن ريال مدريد من تسديد 11 تسديدة (اثنتان فقط على المرمى، دون أهداف)، وأكملوا 631 تمريرة ناجحة مقابل 255 تمريرة لريال مدريد، ويمكن إيجاز هذا التفوق في نقطتين رئيسيتين:
ضغط باريس سان جيرمان العالي وتوليفاته السلسة: منذ صافرة البداية، أطلق باريس سان جيرمان ضغطًا عاليًا لا هوادة فيه خنق قدرة ريال مدريد على بناء اللعب من الخلف، مستغلًا توليفاته السلسة، خاصة على الجناح الأيمن حيث استغل أشرف حكيمي، وديزيريه دويه، وعثمان ديمبيلي، المساحات باستمرار، بينما نسق فابيان رويز اللعب من الوسط الملعب بأناقة وخطورة.
أخطاء ريال مدريد الدفاعية واللعب غير المترابط: في المقابل بدا ريال مدريد، على الرغم من تشكيلته المرصعة بالنجوم، مفككًا وبطيئًا، حيث سمح خط الوسط السلبي بشكل غير معتاد والدفاع المليء بالأخطاء لباريس سان جيرمان بفرض إيقاعه واستحواذه وانتقالاته طوال المباراة، مع تسليط الضوء على الأخطاء الدفاعية، بما في ذلك خطأ راؤول أسينسيو الذي أدى إلى هدف باريس سان جيرمان الأول وخطأ أنطونيو روديجر الذي سمح لديمبيلي بتسجيل الهدف الثاني.
عكست تقييمات اللاعبين هذه الصعوبات، حيث حصل روديجر وأسينسيو على درجات منخفضة للغاية، مع افتقار فيديريكو فالفيردي، الذي غطى مركز الظهير الأيمن بسبب الغياب المفاجئ لترنت ألكسندر-أرنولد، إلى التغطية الدفاعية ما أدى إلى استغلال كفاراتسخيليا للمساحة خلفه مرارًا وتكرارًا.
هذا الانهيار السريع لم يكن مجرد سوء حظ؛ بل هو عرض واضح لعيوب تكتيكية وفردية كامنة، حيث يشير التفاوت الإحصائي الهائل في الاستحواذ، والتسديدات على المرمى، والتمريرات الناجحة إلى انهيار كامل لسيطرة ريال مدريد وهيكله الدفاعي، كما أن تقييمات اللاعبين المفصلة والإشارات المحددة إلى أخطاء أسينسيو وروديجر الدفاعية توفر أدلة ملموسة على المسؤولية الفردية للاعبين ضمن هذا الفشل المنهجي.
بالنسبة لألونسو، تعد هذه المباراة “تشخيصًا” لا يمكن إنكاره لحالة الفريق العامة، حيث تسلط الضوء بدقة على نقاط ضعف الفريق الحالية: خط وسط سلبي، بطئ وغير قادر على حماية الدفاع أو القيام بما يسمى الـ “Rest defence”، وخط خلفي أكثر عرضة للأخطاء الفردية أمام الضغط العالي، هذا التحديد الواضح لنقاط الضعف يمثل فائدة حاسمة للمدرب الجديد الذي يهدف إلى بناء نظام قوي. بالمناسبة، هنا يمكن إجمال تقييمات اللاعبين فيما يلي:

تيبو كورتوا (6): قام بتصديين ممتازين في الدقائق الخمس الأولى وكان اللاعب الوحيد في ريال مدريد الذي تفاعل بحيوية مع الضغط القائم، أي نعم كاد أن يتسبب في ركلة جزاء قبل هدف فابيان رويز الافتتاحي، لكنه نجا.
فيديريكو فالفيردي (5.5): تحرك لتغطية مركز الظهير الأيمن لتعويض غياب أرنولد، ولكن دون القدرة على التمركز السليم في حالات اللعب المختلفة هجومًا أو دفاعًا، حيث هاجمه خفيتشا كفاراتسخيليا مرارًا وتكرارًا على الجناح الأيسر لباريس سان جيرمان، ونجح في إرهاقه.
أنطونيو روديجر (5): ارتكب خطأ فادحًا سمح لعثمان ديمبيلي بالانطلاق والتسجيل، مما أظهر نقصًا مقلقًا في منظومة القيادة في الخط الخلفي.
راؤول أسينسيو (5): أُشرك بالأساس لتغطية غياب دين هويسين (الموقوف)، ولكنه بدا متوترًا بشدة في وقت مبكر من المباراة، وارتكب خطأ حاسمًا، وبدا بعيدًا عن المستوى المطلوب.
فران جارسيا (6): على الرغم من أدائه المثير للإعجاب حتى الآن هذا الموسم، فقد واجه صعوبة في مواجهة ديمبيلي وديزيريه دويه، وافتقر إلى التغطية الدفاعية السليمة.
أوريلين تشواميني (6): أدت بطاقة صفراء مبكرة إلى تقييد قدرته على الاقتراب من لاعبي خط وسط باريس سان جيرمان، وعانى أيما معاناة من سيولة لعب الخصم، خاصة في وسط الملعب.
جود بيلينجهام (6.5): حمل عبء القتال في فترات وكان غاضبًا بوضوح من أداء ريال مدريد مع سيطرة باريس سان جيرمان، خاصة وأنه كان وحيدًا أمام سيل باريس سان جيرمان أغلب فترات المباراة.
كيليان مبابي (6): أبرز لقاؤه مع باريس سان جيرمان الفجوة بين الفريقين؛ فبينما شكلت سرعته في الهجمات المرتدة تهديدًا لا بأس به، إلا أنه فشل في إحداث تأثير حاسم على الباريسيين.
فينيسيوس جونيور (6): كان معزولًا على الخط في بعض الأحيان وبدأ أقل راحة في اللعب مع مبابي مقارنة بأدائه الأخير مع جونزالو.
أردا جولر (6): أظهر بعض اللمسات الجيدة، لكنه تعرض لضغط كبير في مركز أعمق، حيث منعت سيطرة وثقة باريس سان جيرمان من إحداثه لأي تأثير كبير، ورغم ذلك، ظهر بعد المباراة باكيًا أمام الكاميرات.

الإقرار بالفجوة

كان تشابي ألونسو صريحًا في تقييمه بعد المباراة، معترفًا بالفجوة الكبيرة بين فريقه وباريس سان جيرمان. صرح قائلاً: “هناك الكثير لتحليله والتعلم منه، كما اعترف قائلاً: “لقد عانينا وكان الأمر صعبًا. هناك العديد من الأشياء التي نريد القيام بها بشكل أفضل”، كما صاغ ألونسو المباراة كنهاية لموسم 2024/25، مشيرًا إلى أن “موسمنا الآن يبدأ في أغسطس”، مما يشير إلى نية واضحة على التحسن المستقبلي.
ويعمل هذا الإقرار المباشر بعدم الاقتراب “حتى من مستوى باريس سان جيرمان الحالي” بمثابة إعادة ضبط للنفس، يضبط التوقعات ويحدد بوضوح معايير للتحسن، مما يمنع الرضا عن النفس بعد النجاحات السابقة في البطولة، الهزيمة 4-0 تضر بالروح المعنوية للفريق بشكل جوهري لا شك في ذلك، ومع ذلك، يمكن لاستجابة المدرب أن تزيد من هذا الضرر أو تخففه، وإقرار ألونسو الصريح والعلني بالفجوة هو خطوة نفسية استراتيجية.
تواجه واقع مستواهم الحالي مقارنة بخصم نخبة مثل باريس سان جيرمان، وتمنع وجود أي خداع ذاتي أو رضا عن النفس قد يكون قد نشأ من سجلهم السابق الخالي من الهزائم في البطولة، كما توفر هذه الصراحة معيارًا واضحًا وطموحًا للاعبين، مما يعزز فهمًا جماعيًا للعمل المطلوب، هذا يحول التأثير العاطفي السلبي للخسارة إلى حافز لتجديد العزيمة وهدف مشترك للموسم القادم، كما يصفه: “موسمنا الآن يبدأ في أغسطس”، تلك فائدة نفسية استراتيجية في حد ذاتها.
هل تعلم؟ الأمر أشبه بحالة المنتخب البرازيلي تحت قيادة لويز فيليبّي سكولاري قبل أن تسحقها ألمانيا بسباعية مفاجأة في نصف نهائي مونديال 2014، فيما عُرف لاحقًا بـ فضيحة “Mineirao”، فقبل تلك المباراة مباشرةً كانت إحصائيات الفريق تتمحور حول: 62 مباراة رسمية بلا هزيمة على أرضهم، وهزيمة وحيدة فقط في آخر 15 مباراة، بالإضافة إلى لقب كأس القارات في العام السابق لتلك الهزيمة.
كانت تلك الهزيمة بمثابة إعلان وفاة لأعضاء هذا الجيل، وهناك 10 لاعبين على الأقل من قائمة البرازيل في هذا المونديال لم يرتدوا قميص المنتخب بعد تلك الليلة، تخيل فقط أن البرازيل قبل هذه اللحظة تلقت 4 أهداف فقط في 6 مباريات، ثم انهاروا بعد ذلك، فيما يسميه علماء طب النفس الرياضي “الانهيار الجماعي للفريق” (Collective Team Collapse)، والذي يحدث كنتيجة مباشرة لفقدان السيطرة بسبب موقف محرج أو غير ذلك.
فهل نسوا تلك الفضيحة؟ الإجابة لا، أصبحت من الماضي، ولكنني لم يتجاوزوها بعد، لأنهم لم يتعاطوا معها برفق كحدث عادي عابر ضمن سلسلة أوسع من النجاحات والهزائم، بل وقفوا أمامها، ونسجوا حولها البكائيات، وكأن الكون بأكمله أصبح يدور حول تلك الليلة، وهنا يأتي دور تشابي ألونسو، الذي أقر بالهزيمة، ووضعها في سياق اجتماعي وفلسفي أوسع، وقال بشكل عادل أنهم ماضون في طريقهم أيًا يكن، لم تغره النجاحات السابقة الضئيلة، ولم تكسره هزيمة الليلة الثقيلة، وفي هذا نجاح للطرفين.

 

 
 

 
 

View this post on Instagram

 

 
 
 

 
 

 
 
 

 
 

A post shared by 365Scoresarabic (@365scoresarabic)

الإحصائية ريال مدريد باريس سان جيرمان
الاستحواذ (%) 32% 68%
التسديدات 11 17
التسديدات على المرمى 2 7
الأهداف 0 4
التمريرات الناجحة 255 631
البطاقات الصفراء داني كارفاخال – أوريلين تشواميني جواو نيفيز

خاصة وأنه مازال في البداية، ويريد تغيير فلسفة وشكل الفريق برمته، نعم؛ يختلف أسلوب ألونسو التكتيكي بشكل كبير عن ما كان يقدمه أنشيلوتي، حيث يركز ألونسو على الضغط العالي، وبناء اللعب من الخلف، وحركة الكرة السريعة، واللعب بلمسة أو لمستين، والإنهاء السريع للهجمات، يتطلب هذا الأسلوب من اللاعبين تعلم التحرك في كتلة واحدة كبيادق الشطرنج، والتأقلم بسرعة مع متطلبات اللعب، وهذا سيجعل لديه القدرة على أن يصبح فريقًا مهيمنًا للغاية، لكن تطبيقه سيواجه بعض الصعوبات.

كان أحد الأهداف الرئيسية لألونسو هو جعل الفريق يلعب كوحدة واحدة، سواء بالكرة أو بدونها، وفهم كيفية البقاء متراصين، وتحديد الارتفاع المناسب للهجوم والدفاع، ومتى يتم الضغط عاليًا ومتى يجب التراجع قليلاً، كما يهدف إلى تقليل المسافات بين اللاعبين لزيادة الفعالية، وضمان أن يكون الجميع في الموضع الصحيح لتنفيذ الخطط المطلوبة، وهو أمر شاق وصعب، وطريق طويل ومر طعمه.

فبالنسبة للاعبين مثل كيليان مبابي وفينيسيوس جونيور، سيتطلب الأمر تغييرًا في أسلوب لعبهم، حيث سيُطلب منهم الضغط بشكل أكبر والتعاون بسرعة فيما بينهم، ومع امتلاك ألونسو نهجًا “لا يقبل الهراء” في التعامل مع اللاعبين، وسعي دائم لضمان التزام الجميع بالعمل الجماعي، فهذا سيعرضه للمتاعب أيضًا، لاعبون مثل أوريلين تشواميني قد يواجهون صعوبة في التكيف بسبب بطء اتخاذ القرار، ربما يتناسب كامافينجا بشكل أفضل مع نظام ألونسو بفضل قدرته على مقاومة الضغط واللعب بسرعة، ولكن في النهاية فكلهم على بعضهم لديهم مشاكل، ولا يستطيعون اللعب بكثافة، لاعبين مجهدين.

اختبار الاجهاد

ركز ألونسو على الإعداد البدني منذ اليوم الأول لتوليه المسؤولية. ومع ذلك، واجه الفريق تحديات كبيرة خلال البطولة، منها الحرارة الشديدة في ميامي (كما حدث في التعادل 1-1 ضد الهلال) ، وسوء جودة أرضيات الملاعب (التي انتقدها جود بيلينجهام)، وإرهاق اللاعبين بسبب الشكل الموسع للبطولة، كما واجه ريال مدريد مشاكل لوجستية، مثل ترتيبات السفر غير المنظمة، مما أدى إلى إرهاق كبير، أدى بدوره إلى إصابة العديد من اللاعبين.
وهنا ننتقل إلى الميزة الثانية التي اكتسبها ألونسو: إدارة الإصابات، حيث اتبع الرجل نهجًا حذرًا في عودة اللاعبين الرئيسيين الذين اقتربوا من استعادة لياقتهم الكاملة، مفضلاً الانتظار حتى انتهاء البطولة، فعلى الرغم من أن داني كارفاخال، وإيدر ميليتاو، وإدواردو كامافينجا كانوا قريبين من الحصول على التصريح الطبي، إلا أن الجهاز الفني والطبي اتفقا على عدم المخاطرة بتعافيهم في بيئة تنافسية عالية المخاطر.
في المقابل، تدهورت حالة ديفيد ألابا بعد تعرضه لانتكاسة عضلية، لكن غيابه لم يغير خطط ألونسو بشكل كبير كونه يعتبر الخيار السادس في مركز قلب الدفاع، أما تعافي إندريك، فقد أظهر تقدمًا إيجابيًا، حيث بدأ إعادة تأهيله في فالديبيباس وانضم إلى الفريق في الولايات المتحدة في منتصف البطولة، مما سرّع عودته على أمل أن يكون متاحًا عند الحاجة.
هذه التجربة الجماعية للتغلب على الصعوبات الأولية، إلى جانب التواصل المباشر لألونسو، تبني الصلابة الذهنية والفهم المشترك للمعايير الصارمة المطلوبة في العصر الجديد، وهذه التقلبات في الأداء، من النجاحات الأولية إلى الهزيمة المدمرة، توفر للفريق مجموعة غنية من التجارب التي يمكن التعلم منها.
فالتغلب على التحديات في المباريات السابقة يغرس الثقة، بينما الهزيمة القاسية تجبر الفريق على مواجهة نقاط ضعفه بشكل مباشر، كما أن الطريقة التي يتعامل بها ألونسو مع هذه المواقف، من خلال الشفافية والتركيز على التعلم، تعزز من بيئة النمو والتطور، مما يعزز من صلابة الفريق النفسية استعدادًا لضغوط الموسم الكامل.
كما أن التحديات اللوجستية والجدول الزمني لكأس العالم للأندية سلطت الضوء على مجالات حاسمة للإعداد البدني وبروتوكولات التعافي تحت قيادة ألونسو، حيث أجبرت هذه الظروف الجهازين الطبي والفني على إدارة حمل اللاعبين ومخاطر الإصابات في بيئة تنافسية، مما وفر بيانات لا تقدر بثمن للموسم القادم، بالمناسبة؛ تلك التحديات حملت معها أيضًا كنزًا آخر لمدريد ككل، وليس لألونسو وحده، لقد حملت جمهورًا آخر لمدريد، في بلد تكره كرة القدم.

 

 
 

 
 

View this post on Instagram

 

 
 
 

 
 

 
 
 

 
 

A post shared by 365Scoresarabic (@365scoresarabic)

الغزو المدريدي

شهدت كأس العالم للأندية 2025، التي استضافتها الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة، زيادة كبيرة في اهتمام الجمهور الأمريكي بالرياضة، حيث صرح ما يقرب من نصف الأمريكيين (46%) أن استضافة البطولة زادت من اهتمامهم بكرة القدم، وترتفع هذه النسبة إلى 78% بين مشجعي كرة القدم، مما يدل على التأثير الكبير لاستضافة الولايات المتحدة على حماس الجماهير.
وكان ريال مدريد جاذبًا رئيسيًا للجماهير، بمتوسط حضور بلغ 64,906 مشجعًا في مبارياته الأربع، وهو الأعلى بين جميع الفرق، حيث مباريات ريال مدريد ذات الحضور الجماهيري المرتفع: 62,415 مشجعًا ضد الهلال في ميامي، و70,248 مشجعًا ضد باتشوكا في شارلوت، و64,811 مشجعًا ضد سالزبورج في فيلادلفيا، واحتلت 3 مباريات لهم المراكز الأولى في قائمة المباريات الأكثر حضورًا طوال البطولة.
حيث بلغ إجمالي الحضور في الدور الأول من البطولة 556,369 مشجعًا، بمتوسط 34,773 مشجعًا لكل مباراة، ووصل إجمالي الحضور في دور المجموعات إلى 1,667,819 مشجعًا بمتوسط 34,746 مشجعًا لكل مباراة، وارتفع متوسط الحضور في دور الـ16 إلى 42,751 مشجعًا، على الرغم من الطبقات الأمنية المشددة ونقص بعض وسائل الراحة في الملاعب التي لاحظها بعض المشجعين، إلا أن الإقبال كان قويًا، وتحديدًا لمدريد.
حيث تظهر البيانات بوضوح أن الفريق كان له الحضور المادي والجماهيري الأكبر: فقد سجل باستمرار أعلى متوسط حضور (64,906 مشجعًا )، يشير هذا إلى قدرة كبيرة على جذب الجماهير. علاوة على ذلك، فإن الزيادة الإجمالية في الاهتمام بكرة القدم بسبب استضافة كأس العالم للأندية على الأراضي الأمريكية، وأرقام المشاهدة القوية للبطولة على TNT تشير إلى اختراق مدريدي أوسع للسوق ككل، كما تؤكد المكاسب المالية لريال مدريد من البطولة (86 مليون دولار مضمونة) النجاح التجاري أيضًا.
هذا المزيج من الحضور القوي، والمشاهدة المتزايدة، والمكاسب المالية المباشرة يرسم صورة واضحة لنجاح توسع العلامة التجارية واكتساب السوق في الولايات المتحدة، ويتوافق تمامًا مع مفهوم “الغزو”.
وهو ما يجعل البطولة دسمة للنادي على كل الأصعدة، حيث تشمل استراتيجية التسويق للنادي توسيع القاعدة الجماهيرية العالمية من خلال جهود تسويقية وتوعوية مستهدفة، وحضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي، وموقع إلكتروني تفاعلي، ومنتجات مخصصة، وشراكات استراتيجية، ولذلك هناك فرص كبيرة للتوسع في الأسواق الناشئة مثل أمريكا الشمالية، خاصة مع الآداء الجيد للفريق طوال البطولة.
في الختام، يمكن القول إن كأس العالم للأندية، على الرغم من نهايتها المخيبة للآمال، كانت استثمارًا استراتيجيًا ذا قيمة عالية لريال مدريد، لقد كانت بمثابة مختبر حيوي لتكتيكات ألونسو، ومحفزًا للنمو النفسي والبدني للاعبين، ومنصة قوية لتوسيع نفوذ النادي التجاري والجماهيري، هذه التجربة، بكل تحدياتها ودروسها، ستكون هي نقطة الانطلاق القوية لريال مدريد في سعيه لتحقيق النجاح في الموسم القادم.