هل يعود السبب إلى الشناوي؟ أسرار تفاوت جائزة أفضل لاعب في نهائي كأس العالم للأندية بين اللاعبين العرب والأجانب.

هل يعود السبب إلى الشناوي؟ أسرار تفاوت جائزة أفضل لاعب في نهائي كأس العالم للأندية بين اللاعبين العرب والأجانب.

في النسخة الحديثة من كأس العالم للأندية 2025، تحوّلت جائزة “رجل المباراة” إلى ما يُعرف الآن باسم “أفضل لاعب في المباراة” – وهو مصطلح محايد ظاهريًا، لكنه يرتبط ارتباطًا مباشرًا باسم راعي البطولة: “Michelob Ultra”، إحدى شركات الخمور العالمية.

قد يبدو التغيير شكليًا، لكنه يعكس واقعًا جديدًا لكرة القدم، حيث أصبحت الجوائز تحمل عبء المعادلة بين الهوية الثقافية والهوية التجارية.

في مشهدٍ بدا عابرًا لكنه لم يكن كذلك، لاحظ الجمهور أن بعض اللاعبين العرب والمسلمين لم يتسلموا الكأس وعليها شعار الشركة الراعية.

ميسي – الشناوي – كأس العالم للأندية 2025 (المصدر:Gettyimages)

مفاجأة جائزة رجل مباراة كأس العالم للأندية للاعبين المسلمين

ظهر اللاعب المصري وسام أبو علي نجم النادي الأهلي، بعد تسجيله هاتريك تاريخي أمام بورتو، وهو يحمل جائزة رجل المباراة دون أي علامة تجارية ظاهرة، والسيناريو ذاته تكرر مع يوسف بلايلي من الترجي التونسي، ياسين بونو حامي عرين الهلال السعودي، وأشرف حكيمي مدافع باريس سان جيرمان الفرنسي.

الأمر ليس خطأً تنظيميًا، بل تقديرًا مقصودًا؛ فالاتحاد الدولي أو المنظمون المحليون باتوا يدركون أهمية احترام معتقدات اللاعبين، واختاروا تعديل شكل الكأس انسجامًا مع تلك الخصوصية الثقافية.

ورغم محاولة الفيفا تقديم الاسم الجديد للجائزة في كأس العالم للأندية كجزء من لغة محايدة جنسانيًا، إلا أن الحقيقة أن التغيير يرتبط أولًا وأخيرًا باسم الشركة الراعية.

الجائزة تُمنح بناءً على تصويت الجمهور بين الدقيقة 60 و90، إلا أن اسمها ليس خيارًا محايدًا، بل صفقة تسويقية كاملة، تحمل ما هو أبعد من كرة القدم.

الشناوي.. البذرة الأولى لهذا “الاحترام”

السابقة الأبرز ترجع إلى كأس العالم 2018 الذي أُقيم في روسيا، عندما رفض محمد الشناوي، حارس منتخب مصر، تسلّم الجائزة بعد تألقه أمام أوروجواي، بسبب رعايتها من شركة مشروبات كحولية.

ورغم أن الحدث مرّ سريعًا، إلا أن صورته وهو يلوّح بيده رافضًا الكأس أشعلت نقاشًا عالميًا حول حدود التسويق واحترام الأديان، لتصبح تلك اللحظة مرجعًا لكل ما حدث بعدها.

في سياق آخر؛ لم تمر التسمية الجديدة مرور الكرام؛ فوسائل التواصل الاجتماعي امتلأت بالسخرية. منهم من قال: “أفضل لاعب في المباراة؟ ما هذا التعقيد؟ رجل المباراة وانتهى!”، وآخرون رأوا في المصطلح خطوة إضافية نحو “التمييـع” المزعوم للعبة، فيما اكتفى البعض بالإشارة إلى أن “المهم هو الجائزة، لا الاسم”.

في البطولة الجارية، حمل العرب الراية… وحصدوا الجوائز؛ يوسف بلايلي، ياسين بونو، أشرف حكيمي، وسام أبو علي — أربعة أسماء عربية، كل منهم استحق الجائزة عن جدارة، وكل منهم تسلّم نسخة خالية من الشعار الكحولي، في مشهد بدا أنيقًا، مهيبًا، ومحترمًا.

كذلك عند تسلّمهما جائزة رجل المباراة في كأس العالم للأندية 2025، خضع كلًا من فرانكو ماستانتونيو، لاعب ريفر بليت الأرجنتيني، وإستيفاو ويليان نجم بالميراس البرازيلي، لتعديل بروتوكولي واضح.

حيث تم حجب شعار شركة المشروبات الكحولية الراعية للجائزة من الكأس الخاصة بهما، وذلك احترامًا لصغر سنهما، إذ لم يتجاوزا الثامنة عشرة بعد.

ويأتي هذا الإجراء التلقائي في بطولة كأس العالم للأندية، تماشيًا مع القوانين التي تمنع ربط القُصّر بالإعلانات التجارية المتعلقة بالكحول، حتى في إطار الجوائز الرياضية الرسمية.

عندما تنطق الكؤوس صمتًا.. باسم القيم

أبعد من المهارة، وأبعد من التكتيك، وأبعد من الأهداف، تبقى بعض اللقطات أقوى من صافرة الحكم.

أن تُمنح الجائزة منزوعة الشعار احتراما لعقيدة اللاعب، هو اعتراف ضمني بأن كرة القدم ليست فقط ساحة منافسة، بل منصة للتفاهم بين الثقافات.

تلك المواقف، من روسيا إلى أمريكا، ومن الشناوي إلى أبو علي، تؤكد أن كرة القدم الحديثة ما زال بإمكانها أن تُنصت… أن تُراعي… أن تُقدّر.

ولعل هذا هو الهدف الأسمى من أي جائزة تُمنح في مباراة — أن تحترم الفائز كما هو، دون أن تغيّر هويته ليطابق قالبًا تسويقيًا جامدًا.