من بريق كأس الاتحاد إلى النسيان.. قصة تدهور ملعب تاريخي في إنجلترا

من بريق كأس الاتحاد إلى النسيان.. قصة تدهور ملعب تاريخي في إنجلترا

عام 1863، كان الظهور الأول لكرة القدم التي نعرفها الآن، حيث بدأ الاتحاد الإنجليزي للعبة، في تدوين قوانينها والتي وصلت إلينا، لكن على مدار الزمان كان هناك العديد من التغييرات في تلك القوانين.

لكن بعيدًا عن القوانين الكثير من الذكريات وتاريخ وشغف ارتبط باللعب وحكايات من المجد تلاشت مع مرور الزمن، وأساطير فُقدت لكن إسمها لا يزال بحروف من النور من التاريخ وأماكن ارتبطت بعشاقها

ملعب يورك ستريت يتحول إلى غابة

في قلب مدينة بوسطن الإنجليزية، يقف ملعب يورك ستريت، شاهدًا على حكايات مجد كروي تتلاشئ، حيث تحول من وجهة لعشاق اللعبة إلى قطعة أرض مهجورة تغزوها الأعشاب، بعد خمس سنوات فقط من استضافة آخر مباراة رسمية على أرضه.

افتُتح ملعب يورك ستريت رسميًا عام 1933، لكن جذور كرة القدم على هذا الموقع تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر فكان يُعرف في بدايته باسم شودفارايرز لان واستضاف عدة أندية محلية قبل أن يتخذه نادي بوسطن يونايتد مقرًا رسميًا له.

وفي سبعينيات القرن الماضي، شهد الملعب عملية تطوير شاملة، زادت طاقته الاستيعابية إلى أكثر من 6,500 متفرج، مع تركيب مدرجات جديدة، وكشافات إنارة، ودورات مياه، وبوابات إلكترونية، في محاولة لمواكبة متطلبات رابطة الدوري الإنجليزي.

ومن أبرز المحطات التاريخية للملعب كانت مباراة كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1974، حين استضاف لقاء الإعادة بين بوسطن وديربي كاونتي المباراة الأولى انتهت بالتعادل السلبي، لكن الفريق انهار في الإياب بخسارة ثقيلة 6-1، وسط حضور جماهيري قياسي بلغ 11 ألف مشجع وهو ما لم يتكرر مرة أخرى.

وبعد صعود بوسطن يونايتد إلى دوري القسم الثالث في عام 2002، عاش الملعب لحظات من المجد الكروي، قبل أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب.

أزمة مالية.. ثم الانهيار

بحلول عام 2007، عانى النادي من أزمة مالية خانقة، فتم خصم 10 نقاط من رصيده بسبب عدم سداد المستحقات ، ما أدى إلى هبوطه من الدوري الإنجليزي إلى الدرجة السادسة، ليدخل بعدها في دوامة من المعاناة في بطولات الهواة.

ورغم تاريخه الكبير، لم يشفع ذلك لـ”يورك ستريت”، الذي تُرك في طي النسيان بعد أن غادره الفريق في 2020، منتقلاً إلى ملعب جديد يُعرف باسم جاكمانز.

الآن، بعد مرور خمس سنوات فقط، تبدو أرضية الملعب وكأنها لم تعرف كرة القدم يومًا حيث أن صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت العشب وقد استُبدل بالأعشاب الضارة، والمدرجات متهالكة، والبوابات موصدة.

رغم أنه طُرح للبيع في 2022 بسعر 5 ملايين جنيه إسترليني، إلا أن السعر انخفض لاحقًا بسبب حالته السيئة، وسط تقارير تُشير إلى إمكانية تحويله إلى مشروع تجاري مثل مستودعات التجزئة.

لم يكن الملعب مخصصًا فقط لكرة القدم، فقد شهد في ثلاثينيات القرن الماضي سباقات كلاب السلوقي “جرايهاوند”، حيث حضر أكثر من ألف متفرج في أول فعالية من هذا النوع، قبل أن تتوقف تلك السباقات خلال الحرب العالمية الثانية، دون أن تعود مجددًا.

يورك ستريت لم يكن مجرد ملعب، بل قطعة من ذاكرة كرة القدم الإنجليزية في نسختها الشعبية والبسيطة، والتي كانت البداية الحقيقة للعبة الأشهر في العالم والتاريخ حتى الآن لكنه قد يكون بطلًا من أبطال اللعبة المنسيين والذي ضربهم البحث عن المكاسب المادية في عالم كرة القدم الحديثة.