من الخزي إلى العظمة: كيف استعاد يوفنتوس مجده بعد فضيحة 2006؟

في صيف عام 2006، انهارت أعمدة الثقة في كرة القدم الإيطالية مع تفجر فضيحة “الكالتشوبولي”، التي وضعت يوفنتوس في قلب العاصفة.
النادي الأنجح في تاريخ الدوري الإيطالي وجد نفسه أمام حكم قضائي قاسٍ: الهبوط إلى الدرجة الثانية، وخصم نقاط من رصيده، وتجريده من لقبين في الدوري.
لكن بدلًا من الانكسار، بدأت قصة العودة.
تخلٍ جماعي وصمود نادر.. يوفنتوس أمام عواصف القانون
فور صدور العقوبات، رحل عدد كبير من اللاعبين الكبار؛ زلاتان إبراهيموفيتش، ليليان تورام، فابيو كانافارو، باتريك فييرا وغيرهم غادروا إلى أندية الصفوة في أوروبا.
بدا أن المشروع قد انهار بالكامل، وأن يوفنتوس سيتحول إلى نادٍ من الدرجة الثانية بالاسم والمضمون.
لكنّ المفاجأة جاءت من داخل الفريق؛ قادة مثل جيانلويجي بوفون، أليساندرو ديل بييرو، بافل نيدفيد، جورجيو كيليني، دافيد تريزيجيه، وماركو ماركيزيو قرروا البقاء.
كان قرارًا غير مألوف في عالم تحكمه المصالح، اختار هؤلاء القتال من أجل اسم النادي، واستعادة الكرامة قبل البطولات.
57′ Conceição also gets his second of the night!
Watch the @FIFACWC | June 14 – July 13 | Every Game | Free | | #FIFACWC #TakeItToTheWorld #AINJUV pic.twitter.com/6TNflgiLlK— DAZN Football (@DAZNFootball) June 19, 2025
في الموسم الذي تلا السقوط، تولى الفرنسي ديدييه ديشامب تدريب الفريق، وبدأ العمل على مشروع استعادة الهوية، لم يكن الهدف فقط الصعود مجددًا، بل الصعود بثقة، وتحويل الأزمة إلى طاقة بناء جديدة.
اعتمد ديشامب على مزيج من الخبرة والدماء الشابة، وأعاد رسم طريقة اللعب داخل حدود واقعية، تراعي مستوى المنافسين في دوري الدرجة الثانية، دون التخلي عن هيبة النادي.
رغم بداية الموسم برصيد سالب 9 نقاط، حقق الفريق الصعود المباشر، وخسر فقط أربع مباريات من أصل 42، ليُنهي الموسم بطلًا للدرجة الثانية.
الهوية قبل النتائج.. يوفنتوس ينتفض
ما ميّز يوفنتوس في تلك المرحلة لم يكن فقط الفوز بالمباريات، بل الدفاع عن الهوية، شعار النادي لم يتغيّر، ولم يُخفِ أحد من القائمين عليه ما حدث.
حتى على الملعب الجديد الذي افتُتح لاحقًا، أُدرجت الألقاب المسحوبة من رصيده ضمن قائمة بطولاته، وكأن الإدارة أرادت إيصال رسالة: “لن ننكر، ولكن لن نتنصل من المجد”.
مع العودة إلى الدرجة الأولى، بدأت مرحلة جديدة من التجديد المؤسسي، تولى أندريا أنييلي رئاسة النادي، وبدأ في إعادة الهيكلة من الجذور.
تم تعيين جوسيبي ماروتا مديرًا رياضيًا، واستقطاب أنطونيو كونتي لاحقًا كمدرب، ليبدأ بناء فريق حديث بأفكار هجومية حديثة ونظام انضباطي صارم.
بصناعة رائعة من كونسيساو..
يلدز يسجل ثاني أهداف يوفنتوس #يوفنتوس_تورينو#الدوري_الإيطالي pic.twitter.com/c3WvkK7YaV— ADSportsTV (@ADSportsTV) November 9, 2024
الميركاتو تغيّر، وصارت الصفقات تعتمد على القيم الفنية أكثر من الأسماء، كما تم العمل على التوازن المالي، وبناء ملعب خاص بالنادي، ليكون يوفنتوس أول نادٍ إيطالي يمتلك ملعبًا بشكل مباشر، ما وفّر له دخلًا ثابتًا ساعده على الاستقلال عن أزمات الكرة الإيطالية.
الفضيحة كانت جرحًا… لكنها لم تكن النهاية
في السنوات التالية، عاد يوفنتوس للهيمنة المحلية، محققًا تسعة ألقاب متتالية في الدوري الإيطالي، وبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين في 2015 و2017.
لم يكن ذلك صدفة، بل نتيجة لتخطيط طويل المدى، انطلق من الحضيض بفعل الأزمة، وصعد تدريجيًا برؤية واضحة.
خرج يوفنتوس من الكالتشوبولي بأكثر من مجرد استعادة للمكانة الرياضية، خرج بفلسفة جديدة، تقوم على العمل المستمر، والشجاعة في الاعتراف، وعدم الانحناء أمام أزمات مهما بلغت حدتها.
في كل موسم لاحق، كانت العودة إلى تلك الحقبة حاضرة كذاكرة مؤلمة، لكنها تحوّلت إلى وقود لا ينضب.
فكانت النتيجة: من الفضيحة إلى المجد.