فهم العالم: دراسة حول الصور النمطية المتبادلة بين الذات والآخر

فهم العالم: دراسة حول الصور النمطية المتبادلة بين الذات والآخر

عمَّان، في
21 يوليو/العُمانية/ يرصد الباحث الأردني الدكتور زهير توفيق في كتابه “إدراك
العالم” الصورَ النمطية المُتبادَلة بين الأنا والآخر في العصور الحديثة
والوسطى.

ويستعرض في
مقدمة الكتاب الذي يمثل دراسة استقصائية تاريخية وتحليلية لجدل الأنا والآخر، نظرة
كلا الطرفين للآخر وأنها ثابتة لا تتزعزع، فيقول: “لم يخرج لا الشرق العربي
الإسلامي، ولا الآخر في الشرق والغرب قديمًا وحديثًا عن مُسلَّماته وطرائق تفكيره
في فَهْمِ الآخر، فقد بقيت الثوابتُ الحضارية والدينية والإثنية لكلّ منهما سُلطةً
مرجعيةً في فهم الذات والآخر، وتمييز الأنا عن الآخر”.

ويضيف
“مهما تغيَّرت هذه الصورة وتحوَّلت لأسباب داخلية وخارجية، فإن الثابت
البنيوي فيها هو (الآخرية) وعُمق الغيرية، أي تصعيد الخلاف والاختلاف، فالذات هي
المركز الذي تدور حوله الأطراف، وهي الأفضل والمعيار الأمثل، بينما الآخر أو
الآخرون مجرد هوامش، ولا يستحقّون أكثر مما تمنحه لهم الذات المتعالية”.

ويوضح
المؤلف أن قراءته للموضوع تفترض استمرار الصور النمطية للعرب والمسلمين، وهي الصور
التي تشكلت في العصور الوسطى، ودخلت معجم الغرب بشكل نهائي كما هو في الاستشراق
السياسي والأنثروبولوجي الحديث الذي نشأ في نهاية القرن الثامن عشر مع حملة
نابليون بونابرت على المشرق العربي”.

ويفصِّل
الدكتور القول حول أعلام الغرب البارزين الذين تبنوا أفكارًا تنويرية ومنهم
“جيبون”، ويقول “يبدو (جيبون) منسجمًا مع التنوير، ويقدم رؤية
مستقلة نقدية خاصة لأحكام الغرب المتحاملة والسلبية عن الإسلام حتى ذلك الوقت، ففي
عرضه لأخلاق العرب ودياناتهم قبل الإسلام يقول: (غير أنه في الدولة العربية، وهي
أكثر بساطة من الرومان واليونان، فإن الأمة حرة لأن كل فرد من أبنائها يستنكف أن
يُطأطئ الرأس في خضوع وذلة لإرادة سيد ما، ولقد حصَّن العربي نفسه بفضائل صارمة من
الشجاعة والصبر والاعتدال، ودفعه حبه للاستقلال إلى ممارسة عادة ضبط النفس، وحفظته
خشية العار من أن يذل بالخوف من الألم والخطر والموت، وإن رجاحة عقل العربي وضبط
نفسه واضحان في مظهره الخارجي”.

ويلخص
المؤلف جوهر الموضوع الذي طرحه بين فصول الكتاب، فيقول: “لم تكن الهُوَّة
واسعة ولا المفارقة أشد معرفيًّا ومنهجيًّا، إلا في قضية الأنا والآخر من العصر
الوسيط إلى الوقت الراهن، إذ بقيت العدالة والمساواة والرحمة والأخوّة والإنسانية
المطلوب ممارستها مع الآخر، محصورة في نطاق الأنا، وصعَّبت الذات العربية
الإسلامية الأمور على نفسها في الصراع والمواجهة بتضييق مجالها العام، مقابل توسيع
جبهة الآخر، وكلما توسَّع مجال الآخر وتعدَّد، تقلَّص مجال الأنا وضاق في الفكر
والتاريخ الواقعي”.

/العُمانية/ النشرة الثقافية/ شيخة
الشحية