“همسات”: لغة بصرية تجمع بين التعبير والتجريد

عمّان في
21 يوليو/ العُمانية/يقدم معرض “همسات” المقام على جاليري
الأورفلي، للفنانتين العراقيتين عشتار نصر الله وهبة اللامي، خطابًا بصريًّا يجمع
بين التعبيري والتجريدي، مركّزًا على الأنثى بوصفها مصدرًا للإلهام الفني، ويستمر
حتى 28 يوليو الجاري.
وعبّرت
أعمال التشكيلية عشتار عن تجاربها التي تعكس خلفية ثقافية وفنية متنوعة والمرتبطة
بتنوع الأماكن التي زارتها أو أقامت فيها، فقد وُلدت الفنانة في بغداد وتخرجت من
مدرسة الموسيقى والباليه، لتتنقل بعدها ما بين سويسرا وكندا والأردن، ثم درست
هندسة السيطرة والنظم وعملت في هذا المجال، ودرّست الرسم للأطفال.. لتجبل من كل
ذلك رسومات تنبض بالقوة والتحدي، مؤكدة على أن الرسم كان “نفَسًا يرافقها في
كل محطة” ودافعًا للتعبير عن رؤاها وأفكارها.
وقدمت
التشكيلية في المعرض عوالم الأنثى الداخلية التي بدت كحدائق تنمو بهدوء وتتشكل
بالألوان وتتحرك وفق إيقاع مختلف، كما لو أن المشاعر نفسها تنمو مثل النباتات
البرية من دون تنسيق أو تخطيط، إذ يمكن للمشاهد أن يلمس ذلك الحس الروحاني في
أعمالها، وتلك الألوان الدافئة التي تصنع حالة من المناجاة الصامتة والابتهال
العميق.
من جهتها،
تناولت التشكيلية هبة اللامي البعد الأنثوي وفق صياغات لونية تعبيرية، معنية بحركة
الجسد والملامح والملمس، إذ تؤكد الفنانة على أنها سعت إلى استكشاف عالم خاص
بالمرأة يحمل طاقة عاطفية وجمالية، ضمن رؤية تعبيرية ترتكز على تناغم لوني وقيم
جمالية تنبع من حركة الأجساد الأنثوية.
واستخدمت
اللامي عدة تقنيات، منها ضربات الفرشاة العريضة و”رول” الطلاء الكبير،
لتشييد إيقاعات بصرية عبر وجوه متعددة التفاصيل، ممزوجة بملمس خشن يسعى إلى خلق
انسجام أو تنافر مدروس بقدر، ويعزز القيمة التعبيرية والأفكار المبثوثة عبر
التشكيل وكأنما هي “همسات” تتلاقى فيها الألوان وتتشكل فيها الانطباعات
وتؤكد على الحضور الخافت للكائنات على اختلافها.
وفي أعمال
الفنانة عشتار ثمة طبقات لونية متعددة تنمو ببطء وتعتني بالإحساس الداخلي العميق
وبلحظة التأمل والاكتشاف، أما اللامي فنهضت أعمالها على إيقاعات بصرية مستوحاة من
الوجوه الأنثوية التي تتكرر وتعاد صياغاتها باستمرار لتعبر عن هوية المرأة وذاتها،
وتبرز الجسد الأنثوي لديها كموضوع رئيس، لا على الصعيد الفني فحسب، بل كعنوان
للحركة والحرية والتعبير الداخلي أيضًا؛ جسد لا يستقر، يكتشف، يتنقّل عبر الفراغ
اللوني، يجرب يحاول ويحاور.
كما كان
لملامس الأسطح الخشنة عند اللامي أثر في فرض نوع من الوجود المكثف للجسد الأنثوي
وتجسيد مفاهيم الهوية والحرية، فقد تداخل في أعمالها النسيج (الكانفس) بالتعبير
(الموضوع) لإيجاد حالة من التواصل الحسي مع المتلقي، وهنا غدت التقنيات الفنية لا
مجرد شكل وحسب، بل برزت بوصفها موضوعًا بحد ذاته.
/العُمانية/ النشرة الثقافية/ شيخة
الشحية