“زبيبة.. الجدة ماكِدّا”: رواية بديلة تعزز الهامش وتستعيد مكانة الذاكرة النسائية

“زبيبة.. الجدة ماكِدّا”: رواية بديلة تعزز الهامش وتستعيد مكانة الذاكرة النسائية

عمّان في 30 يونيو / العُمانية / قدّم الأكاديمي والناقد الدكتور خالد عبد الرؤوف الجبر روايته الجديدة الموسومة بـ “زبيبة.. الجدّة ماكِدّا” كعمل سردي يستلهم التاريخ ويُعيد تخييل سيرة “زبيبة”، والدة الفارس الشاعر عنترة بن شدّاد، ضمن رؤية أدبية تحتفي بالهامش وتُعيد الاعتبار للصوت المغيّب.
وتقوم الرواية على فرضية أدبية تمنح “زبيبة” موقع الراوي، لتخرج من دائرة المروي عنها إلى فاعلة سرديًا في استعراض سيرتها الذاتية، بما تحمله من معاناة العبودية ووجع الاغتراب، ثم استعادة الأمل والولادة في مشهد ثقافي متعدد الأبعاد.
يبدأ النص بمقدمة إيهامية تنبني على مخطوط مكتشف، عبر شخصية الناقد الدكتور إحسان عباس ودليلته السياحية “ريحانة” (الحفيدة الأخيرة لزبيبة)، قبل أن ينتقل السرد إلى صوت “زبيبة” ذاته، في حكيٍ نابض بالحياة، يتنقل بين الحبشة والجزيرة العربية، متتبعًا مسار الطفولة والرق والتحولات النفسية والاجتماعية.
وتحمل الرواية في بنائها صوتًا نسويًا واعيًا، ينقض الرواية الذكورية التقليدية التي كثُرما صوّرت “زبيبة” كظل لبطولة عنترة، إذ تبرز الرواية دورها كمحور سردي مستقل ومؤسس لحكاية موازية، بل وسابقة لبطولة ابنها.
وقد تمكّن “الجبر” من صياغة نص متعدد الطبقات؛ لغويًا وتاريخيًا ونفسيًا، بُني بأسلوب تصويري رفيع يمزج بين النبرة الملحمية وبوح الاعتراف، متناولًا قضايا الهوية والأنوثة والعبودية والموروث الثقافي الجاهلي والحبشي على حد سواء.
وجاءت الرواية في ستين جزءًا، حمل كل منها عنوانًا خاصًا، مشبعة بصور شعرية نابضة، كما ورد في أحد مقاطعها: “كانت السّماء تمطر برفق، ثمّ يتوقف هطلها، كأنّها تنشج على حافة الذكرى. وقفتُ حافية القدمين على تلّة عالية في طرف قريتنا أمكسوم، أشرف منها على السّهول الغارقة في الضّباب، وأتطلع نحو الطريق الموحلة الطويلة التي لا تفضي إلى شيء… سوى الانتظار. كثافة الضّباب تحجب الطريق عن عينيّ، تمامًا كالغشاوة التي تغلف قلبي، تصاحبني بلا فراقٍ في صحوي والمنام، وتطوّقني بحجابٍ من أسى شفيفٍ كلّما ظننتُ أنّها انقشعت. ضفيرتي الطويلة تتدلى على كتفي اليمنى ثقيلة، تشدّني إلى الأرض؛ كما لو أرادت أن تنغرس في التراب مثل وتدٍ يتعطش للدقّ… أحسُّ بقيدٍ لا يريد أن يفلتني، ولا أعرف كيف أفلته”.
الجدير بالذكر أن الدكتور خالد الجبر له حضور علمي بارز، فهو أكاديمي وناقد وشاعر، صدر له عدد من الدواوين والدراسات المحكّمة في مجالات النقد النظري والتطبيقي والشعر العربي القديم والمعاصر، ويميل في كتاباته إلى معالجة قضايا الفكر العربي الكلاسيكي والفلسفة من منظور معاصر.
/ العُمانية / النشرة الثقافية / أمل السعدية