مواضيع وآراء في الإعلام العالمي

مواضيع وآراء في الإعلام العالمي

عواصم في 30 يونيو /العُمانية/ تابعت
وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا متنوّعة تناولتها الصحف
العالمية عبر مقالات نُشرت في صفحاتها وتطرّقت إلى تداعيات السياسة الاقتصادية
الأمريكية على العالم، ودور الذكاء الاصطناعي كأداء للتركيز على الواقع إضافةً إلى
واقع الحروب وتأثيراتها على السلام والظلم والتطرف.

فقد طرح الكاتب “محمد
العرياني” رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج تساؤلًا في مقاله الذي نشرته منصة
“بروجيكت سينديكت” الإعلامية بعنوان: إلى أين تأخذنا السياسة الاقتصادية
الأمريكية هذه المرة؟

وأشار الكاتب إلى أن السياسات
الاقتصادية الأمريكية في العام الحالي تسببت في تقلبات غير مسبوقة في الأسواق
المالية والعلاقات الدولية.

فبينما تعد الولايات المتحدة حجر
الزاوية في الاقتصاد العالمي بفضل عملتها الاحتياطية وأسواقها المالية العميقة،
فإن تقلباتها تترك آثارًا عالمية، مما يزيد من عدم اليقين الاقتصادي لدى الشركات
والأسر حول العالم.

واستعرض الكاتب أبرز التحديات
الاقتصادية الراهنة منها أولًا: التعريفات الجمركية والسياسة التجارية، حيث أدت سياسة
الرسوم الجمركية الأمريكية إلى ردود فعل دولية، مما أثار مخاوف من حرب تجارية. كما
أن هناك جدلًا بين الخبراء حول ما إذا كانت هذه السياسة مؤقتة لتحقيق مكاسب تفاوضية،
أم أنها بداية لانعزالية اقتصادية؟

ثانيًا: سوق السندات والعجز المالي،
حيث دفعت عودة “مراقبي السندات” عوائد السندات طويلة الأجل إلى
الارتفاع، مما يزيد من تكلفة الاقتراض على الحكومات والشركات.

ثالثًا: التضارب بين الاقتصاد والأمن
القومي، إذ أن هناك صراعًا داخل الإدارة الأمريكية بين من يرون الأولوية للتعاون
الاقتصادي (الحمائم) ومن يفضلون سياسات أكثر تشدّدًا لمواجهة الصين (الصقور).

ويعدّ مصطلح الصقور والحمائم من
المصطلحات التي تعبر عن اختلاف تناول الأحداث بين القادة السياسيين في أمريكا.
فالصقور يميلون نحو الضغط العسكري واستخدام القوة المفرطة في حل أي نزاع، بينما
يميل الحمائم نحو الحلول السلمية البعيدة عن سياسة فرض القوة بشكل مباشر.

أما التحدي الاقتصادي الرابع في نظر الكاتب فهو ردود فعل الدول الأخرى، حيث تتساءل دول كثيرة عن مدى استمرار الاعتماد على
النظام المالي الأمريكي، مما قد يدفع نحو أنظمة بديلة للتجارة والمدفوعات.

بينما يتمثل التحدي الخامس في سلوك الشركات، فهل
ستكتفي بتخزين السلع تحسبًا للرسوم الجمركية، أم ستغير استراتيجياتها الاستثمارية
بشكل دائم؟

ويرى الكاتب أن العالم قد يكون أمام
خيارين رئيسين وهما:

سيناريو التشاؤم ويعني تفكك النظام التجاري
العالمي، وزيادة الركود التضخمي، وتراجع الثقة في المؤسسات الدولية.

وسيناريو التفاؤل ويعني إعادة هيكلة تشبه
سياسات ريجان وتاتشر في الثمانينات، تؤدي إلى نمو أعلى ونظام تجاري أكثر عدالة.

وختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن
التقلبات الحالية قد تكون مقدمة لتغيرات هيكلية كبرى، مما يتطلب من الحكومات
والشركات والأفراد تعزيز المرونة لمواجهة سيناريوهات مستقبلية مختلفة.

فبينما تبقى الولايات المتحدة محورًا
رئيسًا في هذه التحولات، فإن نتائج سياساتها الاقتصادية ستحدد ما إذا كان العالم
سيتجه نحو الانقسام أم التجديد.

وفي عالم تتعدد فيه الحقائق وتتصارع
السرديات، يطرح الكاتبان “تشيونغ أون جو” وهي باحثة تقنية مشاركة في جامعة
دونغهيون للعلوم التطبيقية، و “جويل تشو” وهو محامٍ متخصص في مجال
الملكية الفكرية والقانون الرقمي، سؤالًا محوريًا، هل يمكن للذكاء الاصطناعي
أن يكون أداةً لتركيز رؤيتنا للواقع، بدلًا من تشتيتها؟

وأشار الكاتبان في مقالهما الذي نشرته
صحيفة “كوريا تايمز” إلى أننا نعيش في عالم مُجزّأ، حيث تُشكّل
الخوارزميات والمعتقدات الفردية حقائقنا. وفي هذا السياق، لم يعد الذكاء الاصطناعي
مجرد أداة للإجابة على الأسئلة، بل أصبح وسيلة لاستكشاف المنظور الأخلاقي
والعدالة، ومرآة أقل تحيزًا من العقل البشري.

واستعرض الكاتبان تجربة كوريا الجنوبية
الرائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم القضاة، حيث يُسهم في تقليل التحيز
البشري وضمان الاتساق في الأحكام.

ففي قضايا مثيرة للجدل، كشفت الأحكام
المتضاربة عن أخطاء النظام البشري، مما عزز الدعوة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي باعتباره مساعدًا قانونيًّا نزيهًا.

وحذر المقال من المخاطر الكامنة، مثل
تصرفات الذكاء الاصطناعي غير المتوقعة (محاولة نماذج مثل شات جي بي تي تجنب
الإيقاف بتعديل شفرتها). كما أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الفهم العاطفي
والثقافي، مما يجعله عاجزًا عن استيعاب التعقيدات الإنسانية.

ودعا الكاتبان في مقالهما إلى عدم
استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي، بل دمجه كأداة مساعدة في القضاة مثلًا لتحليل
السوابق وكشف التناقضات، بينما يبقى الحكم النهائي للبشر، وفي الحياة اليومية كـ “مرشد
أخلاقي” يساعد على التأمّل، دون أن يفرض حقائق مطلقة.

وأكدا على أن الذكاء الاصطناعي ليس
حلًّا سحريًّا، بل أداة قد تُسهم في توضيح الحقائق المشتركة في عالم ممزق. ومع ذلك،
يظل السؤال الأهم: كيف نستخدمه لتعزيز العدالة والفهم، دون أن نفقد إنسانيتنا؟

ويرى الكاتبان أن الذكاء الاصطناعي قد
لا يكون “قاضيًا”، لكنه قد يكون المرآة التي نحتاجها لنرى أنفسنا
والعالم بوضوح أكبر.

وفي عالم تشهد فيه فلسطين بشكل عام
وغزة على وجه الخصوص والسودان وغيرها أزمات إنسانية مروعة، يطرح الكاتب
“ماريو جيرارد” في مقاله الذي نشرته صحيفة “تايمز أوف مالطا”
سؤالًا جوهريًّا: ما الذي يجعلنا بشرًا؟

ويرى الكاتب أن الإجابة لا تكمن في
العنف، بل في قدرتنا على رفضه. فالحرب لا تحقق سوى مزيد من الدمار، وتعمّق
الانقسام، وتُحوّل المظلومين إلى مقهورين يحملون الثأر، مما يغذّي حلقة لا تنتهي من
الصراع.

وبين أنه عندما تُرتكب جرائم ضد
الإنسانية، مثل تلك التي تحدث في غزة، يصبح الصمت تواطؤًا.

وأشار إلى أن بعض الأشخاص يرفضون هذا
الصمت ويُدينون العنف بوضوح، ولكن في المقابل هناك الكثيرون الذين يختارون
اللامبالاة أو حتى التأييد، وهنا يبرز السؤال الأخلاقي: كيف نتعامل مع الإبادة
الجماعية؟

ويعتقد الكاتب بأنه من غير المنطقي
مطالبة الضحايا بعدم المقاومة، فحق الدّفاع عن النفس إنساني. ولكنه يرى أن الحلّ لا
يكمن في الحرب، بل في المحاسبة الدولية والعقوبات وضغوط وقف إطلاق النار.

ويستند الكاتب إلى أفكار رينيه جيرار،
وهو مؤرخ وناقد أدبي فرنسي وعالم في الأنثروبولوجيا، الذي رأى أن العنف يُولّد
عنفًا مماثلًا، حتى يصبح الطرفان متطابقين في الكراهية.

وأكد على أن الخروج من هذه الدوامة
يتطلب رفض نزع الصفة الإنسانية عن الآخر، حتى في خضم الصراع، لافتًا إلى أن
“محبة العدو” لا تعني قبول الظلم، بل هي مقاومة أخلاقية تمنع تحول
الصراع إلى حرب دائمة.

وشدد الكاتب على أن السلام ليس ضعفًا،
فالتاريخ يثبت أن الإمبراطوريات القائمة على العنف سقطت، بينما انتصرت قيم
المصالحة.

ونوّه في ختام مقاله إلى أن السؤال
الحقيقي ليس كيف نرد على العنف، بل أي نوع من البشر نختار أن نكون في مواجهته،
مشيرًا إلى أن الإنسانية الحقيقية تكمن في الاختيار الأصعب وهو رفض العنف، ولو كان
الثمن مرتفعًا.

/العُمانية/

أحمد صوبان