متحف بيت الشرف في قرية العقر بولاية الجبل الأخضر: استثمار مثمر في المباني التاريخية وتجديد لوجه السياحة الثقافية

الجبل الأخضر في 22 يونيو /العُمانية/ يعد متحف “بيت الشرف” بقرية العقر في ولاية الجبل الأخضر مبادرة فردية تحولت إلى مشروع ثقافي وسياحي يعيد تقديم البيت العُماني التقليدي كمساحة تُحاكي ذاكرة المكان وتحتضن الزوار وخاصة السيّاح الأجانب ممن يبحثون عن تجربة أصيلة تمزج بين التاريخ والمعيشة في البيوت التقليدية دون مساس بأصالتها. وبدأ المتحف بمبادرة من المواطن يوسف بن ناصر العمري الذي اختار أن يُرمم بيت طفولته ويحوّله إلى معلم تراثي نابض دون أن يُغيّر ملامحه القديمة؛ ليبقى شاهدًا حيًّا على أسلوب الحياة في قرى ولاية الجبل الأخضر، ويتكوّن المتحف من تسع غرف لكل منها وظيفة وحكاية أبرزها غرفة الشتاء وغرفة الأبواب، إضافة إلى مقهى عصري يُطل على المدرّجات الزراعية ومقر يعرض منتجات الحرف المحلية.
ويقول يوسف بن ناصر العمري صاحب المتحف: “فكرت في إعادة الحياة لهذا البيت خاصة مع تزايد الزوار والسياح الذين يقصدون قرية العقر كنقطة انطلاق نحو قرى ولاية الجبل الأخضر، فرأيت تحويل البيت إلى متحف كفرصة لصون الذكرى وخدمة الضيف وتحقيق مردود اقتصادي بسيط. ولأن للمكان أصالته؛ فقد حرصت أثناء الترميم على أن يحافظ على كل تفاصيل البيت العتيق؛ أبوابه وأسقفه وتقسيماته حتى أخشابه الأصلية من أشجار العتم. ويتكون من تسع غرف لكل منها دور معين، من أبرزها غرفة الشتاء تلك التي كانت تجمع أفراد الأسرة حول النار لساعات طويلة في برد الجبل، وكانت أقرب إلى برلمانٍ عائليّ مصغّر تُناقش فيه شؤون الحياة ويُعد فيه الشاي والقهوة على الفحم. أما الغرفة الثانية فهي غرفة تقطير ماء الورد، تلك الحرفة التي تمتد جذورها إلى أكثر من ثلاثمائة عام ولا تزال حية تُمارس حتى اليوم خلال موسم الورد (مارس – أبريل)، ونقوم بعملية التقطير بشكل حي أمام الزوار بل نتيح لهم فرصة المشاركة من قطف الورد حتى استخلاص الماء والزيوت العطرية منه”.
ويتضمّن المتحف كذلك غرفة الأبواب التي تعكس براعة الأجداد في صناعة الأخشاب من أشجار العتم والغاف حيث تمثّل تلك الأبواب فنًّا معماريًا متقنًا بموارد محدودة لكنها صامدة وجميلة.
ونظرًا إلى أن المشروع لا يكتفي بعرض التراث بل يشارك في استدامته؛ أضاف صاحب المتحف مقهى يطل على مدرجات الجبل الزراعية ومتجرًا تراثيًّا لعرض المنتجات العطرية من ماء الورد والزيوت والصناعات الحرفية معظمها من إنتاج نساء القرى مما يجعل المتحف أيضًا نافذة تسويقية للأسر المنتجة.
ويستقطب المتحف حاليًا عددًا متزايدًا من الزوّار لا سيما من السياح الأوروبيين والآسيويين الذين يبحثون عن تجربة تراثية أصيلة ويوفّر المتحف لهم جولات إرشادية وتذوّقًا بسيطًا لحياة الجبل اليومية؛ ما يجعل الزيارة أكثر من مجرد مرور بصري بل تفاعل إنساني مع الذاكرة كما نسعى إلى توسيع نطاق الشراكة مع الشباب المهتمين بإحياء البيوت القديمة وتحويلها إلى مشاريع مستدامة تُثري السياحة الثقافية في ولاية الجبل الأخضر بشكل خاص وسلطنة عُمان على وجه العموم.
ويدعو العمري الشباب العُماني إلى إعادة النظر
في البيوت القديمة والقرى غير المأهولة قائلاً: “هذه البيوت ليست عبئًا بل فرص يمكن تحويلها إلى
مزارات سياحية تُعيد للقرية نبضها وتوفر فرص عمل ولو لعدد بسيط من أفراد الأسرة
بدل أن تظل مغلقة خلف الغياب لتكون بذلك نموذجًا حيًّا لاستثمار البيوت القديمة في
تنشيط السياحة المستدامة”.
/العُمانية/ نشرة المحافظات
علي الريامي