هآرتس: هل يعني النقاش حول الإطاحة بخامنئي أن اغتيال قادة الدول أصبح مقبولاً؟

تساءل جدعون ليفي الكاتب الإسرائيلي في صحيفة هأرتس، هل يجوز طرح مسألة اغتيال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، وكأنها نقاش مشروع في المجال العام؟
وهل يصح، من حيث المبدأ، اغتيال رؤساء الدول؟ وإن كان الجواب بالإيجاب، فمن يحدّد متى يكون ذلك مسموحًا، وأي زعيم يُستثنى من هذا المصير؟ من يملك الحق أن يقول إن خامنئي هدف مشروع بينما نتنياهو ليس كذلك؟ أو أن بوتين يمكن اغتياله، أما ترامب .. فلا يمكن.. من منهم يشكّل تهديدًا أكبر لمستقبل البشرية؟ الإجابات على هذه الأسئلة تتغير وفقًا لمن يطرحها، لكن خطورتها تبقى ثابتة.
قتل علماء الذرة
وفي سياق متصل، لماذا يُعتبر قتل علماء الذرّة الإيرانيين أمرًا مقبولًا، بينما يُمنع المساس بنظرائهم الإسرائيليين؟ أليس كلا الطرفين يعمل في خدمة آلة القتل النووية ذاتها؟ وهل من المنطقي أن يُسمح لدولة بامتلاك السلاح النووي بينما يُحرّم على أخرى؟ التهديد لا يرتبط بجنسية الدولة، فإيران لم تكن دائمًا عدوًا، وإسرائيل ليست دائمًا آمنة. واليوم، يوجد في إسرائيل عدد كافٍ من الساسة المتطرفين الذين يهددون استقرار المنطقة بأسرها. فهل نثق بوضع الشيفرات النووية بين أيديهم؟ وهل يصبح اغتيالهم مشروعًا هو الآخر؟
هذه الأسئلة تلامس حدود المحرّم والمخيف، ومع ذلك تتجنّب إسرائيل مواجهتها، متمسّكة بردّها المألوف: “لا مجال للمقارنة”. إسرائيل تعتبر نفسها حالة فريدة، استثناء مطلقًا، كأنما قوانين العالم لا تنطبق عليها. لكنها ليست كذلك. فحتى يغئال عمير اعتقد أن إسحق رابين خطر وجودي – ومع ذلك، لا أحد في إسرائيل يبرّر اغتياله.
اليوم، ترى إسرائيل في خامنئي تهديدًا وجوديًا وتعتبر اغتياله خيارًا مشروعًا، دون مواربة أو خجل. لكن حين ننزع غطاء “الخصوصية الإسرائيلية” – الذي يبرّر لها كل شيء باسم المحرقة ومجزرة السابع من أكتوبر – تظهر الأسئلة على حقيقتها، ولا يمكن الهروب منها. هذه الأسئلة تتطلّب إجابات كونية، لا استثنائية.
خامنئي ليس هتلر
تستحضر إسرائيل اسم هتلر لتبرير اغتيال خامنئي، كما لو أن الأخير تجسيد جديد للنازية. لكن خامنئي ليس هتلر، ومجرد مقارنة كهذه تكشف عن خواء أخلاقي. إسرائيل تدّعي أنها لا تستهدف المدنيين، لكن خامنئي ليس عسكريًا، بل رجل دين وزعيم سياسي. فلنترك مسألة الشرعية جانبًا ونسأل: هل الاغتيال خطوة حكيمة أصلًا؟ الحرب مع إيران تنزلق إلى مستنقع. وفقًا لتقارير يانيف كوفوفيتش، الجيش الإسرائيلي لم يعد قادرًا على تحديد مدى زمني للعمليات. والاغتيال لن يوقف هذا المسار، بل سيزيده اشتعالًا.
وزير الدفاع الإسرائيلي يتصرف كأنه إله
في هذه الأثناء، يتصرّف وزير الدفاع الإسرائيلي كأنه إله يعلن، بكل ثقة، أن “خامنئي لا يحق له الوجود”. لكن ما هي معاييره لهذا الحق؟ من خوّله تحديد من يعيش ومن يموت؟ هل نعيش تحت سلطة محكمة سماوية يرأسها وزير إسرائيلي؟ وإذا كان كذلك، فهل يحق لوزير الدفاع الإيراني أن يهدد باغتيال نظيره الإسرائيلي؟ الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن “صيد العلماء” الإيرانيين، في تكرار مرعب لمصطلحات الستينات في مصر. لكن العلماء لا يُصادون، لأنهم ليسوا طرائد – وإن كان صيد الحيوانات ذاته جريمة أخلاقية – فكيف إذا كانوا بشرًا؟
نتنياهو مسؤول عن مقتل عشرات الآلاف في غزة
الدعوات لاغتيال رؤساء الدول، أيا كانت خلفياتهم، لا يمكن أن تكون مشروعة. بنيامين نتنياهو مسؤول عن مقتل عشرات الآلاف في غزة. هل هذا يبرّر الدعوة لاغتياله؟ كثيرون في إسرائيل يرونه طاغيةً ومدمرًا للدولة والديمقراطية، ومع ذلك لا أحد – كما نأمل – يطرح اغتياله كخيار. فتح باب الحديث عن اغتيال خامنئي يعني القبول بفكرة أن اغتيال القادة أداة شرعية في العلاقات الدولية. وسرعان ما ينقلب السؤال من “هل يجوز؟” إلى “من يجوز اغتياله؟ ومن لا؟” — والإسرائيليون، طبعًا، مستثنون.