فتاة من الإسكندرية تسجل وصيتها للتبرع بأعضائها بعد الموت.. “مصراوي” يكشف التفاصيل

فتاة من الإسكندرية تسجل وصيتها للتبرع بأعضائها بعد الموت.. “مصراوي” يكشف التفاصيل

الإسكندرية – محمد البدري:

قررت فتاة من محافظة الإسكندرية، أن تجعل من لحظة وفاتها بداية جديدة لآخرين ينتظرون فرصة للنجاة، بعد أن وقعت وثيقة رسمية بالتبرع بأعضائها وأنسجتها بعد الوفاة، مؤكدة أن القرار نابع من قناعة داخلية ورغبة صادقة في تقديم الأمل للآخرين.

وقالت منى الحسيني، صاحبة وثيقة التبرع: “أوصيت حبًا وطواعية التبرع بأعضائي وأنسجتي بعد وفاتي بعد عمر طويل إن شاء الله، لتصبح نهاية إنسان فرصة بداية أخرى لإنسان آخر لا يمت لي بأي صلة. يارب أكون سبب فرحة شخص وأحبابه حينما أموت ويستكمل شخص آخر حياته.”

وحصل “مصراوي” على صورة من الوثيقة التي حررتها المواطنة منى الحسيني، صادرة عن اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة والسكان، بعنوان “وصية للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة”.

وتنص الوثيقة على أن التبرع يشمل أي عضو أو نسيج يمكن زرعه مستقبلاً وفقًا للتقدم العلمي، ويشترط أن يكون المستفيد مصري الجنسية. كما تؤكد أن الوصية تمت بإرادة حرة مستنيرة، ولا يجوز للورثة المطالبة بأي مقابل مادي أو عيني، وتخضع لأحكام القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية.

ويُذكر أن اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة والسكان، كانت قد أصدرت هذا النموذج لتيسير الإجراءات أمام المواطنين الراغبين في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، ضمن جهودها لنشر ثقافة التبرع وتعزيز الوعي المجتمعي.

وأوضحت صاحبة مبادرة التبرع أنه تم تحرير الوثيقة في بنك الدم التابع لمركز العلاج الحر بمحافظة الإسكندرية، وأشارت إلى أن الإجراءات بسيطة، ولا تتطلب سوى صورة من بطاقة الرقم القومي، ويمكن التوجه مباشرة إلى مكتب العلاج الحر بالإدارة الطبية التابعة للمحافظة.

وفي حديثها لـ”مصراوي”، أوضحت منى الحسيني، أن قرارها بالتبرع بأعضائها بعد الوفاة لم يكن وليد لحظة عابرة، بل نابع من قناعة داخلية راسخة بأهمية هذا الفعل في إنقاذ حياة الآخرين.

وتقول: “ما دفعني إلى اتخاذ هذه الخطوة هو شعوري العميق بأهمية التبرع في منح الآخرين فرصة جديدة للحياة، وربما تأثري بكلمات الدكتور مجدي يعقوب عن أن التبرع بالأعضاء هو هبة الحياة.”

وتابعت: ” أنه لم يكن هناك موقف محدد ألهمها، بل كانت الفكرة في حد ذاتها كافية لتدفعها نحو اتخاذ القرار”، وتضيف: “لم أتعرض لموقف معين، لكن مجرد التفكير في أن الإنسان يمكن أن يكون نافعًا حتى بعد وفاته، كان دافعًا قويًا بالنسبة لي.”

وعن شعورها بعد توقيع وثيقة التبرع، عبّرت منى عن سعادتها الغامرة، قائلة: “شعرت بفرحة حقيقية، وكأنني قدمت شيئًا ذا قيمة، وأتمنى من قلبي أن يكون هذا القرار سببًا في إنقاذ حياة شخص آخر.”

ورغم تأييد المقربين لها، واجهت منى بعض الانتقادات المجتمعية، والتي عزتها إلى غياب الوعي والخوف من المؤسسات الطبية، وتقول: “الانتقادات التي تلقيتها كانت في معظمها ناتجة عن نقص الوعي، وبعضها بسبب تساؤلات دينية حول التحليل والتحريم، رغم أن دار الإفتاء المصرية قد أفتت بجواز التبرع، كما أن معظم الدول تسمح به.”

وترى منى أن التبرع بالأعضاء ليس مجرد إجراء طبي، بل هو فعل إنساني نبيل يحمل في طياته معاني الأمل والعطاء، وتقول: “التبرع هو هبة الحياة، واستمرارها، وهو الأمل الذي يمكن أن نقدمه للآخرين، وفرصة لفرحة إنسان لا نعرفه.”

وتعرفت منى على الإجراءات القانونية للتبرع من خلال مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت أن الأمر بسيط ولا يتطلب سوى صورة من بطاقة الرقم القومي. وتضيف: “الإجراءات كانت سهلة جدًا، وأنا مستعدة لمساعدة أي شخص يرغب في اتخاذ هذه الخطوة.”

وفي رسالتها للناس، شددت منى على أن التبرع لا يرتبط بالمال، بل هو فعل إنساني لا يُشترى، وتقول: “التبرع ليس بالمال فقط، هناك أشياء لا تُشترى، ونحن نملك الكثير من الأمل لنمنحه حتى بعد وفاتنا.”

وتختم منى حديثها لـ”مصراوي”، بالإشارة إلى أن عيد ميلادها يصادف بعد يومين، معتبرة هذه الخطوة بداية جديدة لسنة مختلفة، وتقول: “أردت أن أبدأ عامي الجديد بخطوة مهمة، وأن أعلّم نفسي كيف أحب الناس.”

ولاقت خطوة “الحسيني” تفاعلًا واسعًا واعتبرها كثيرون نموذجًا إيجابيًا لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، باعتبارها صدقة جارية وأحد أسمى صور العطاء الإنساني.