قصة “طفل المهندسين والكوافير” .. نهاية مؤلمة لصبي السور ماركت

كتب ـ رمضان يونس:
دون وداع، خرج “عبد الرحمن” ووالده “علاء” (الذي يعاني من إعاقة) في رحلة عمل لم يعلم الصغير أنها ولت إلى غير رجعة بحي المهندسين، داخل سوبر ماركت “بداية” على ناصية شارع البطل أحمد عبد العزيز جمعت “وردية” الأب وطفله طيلة شهر من أجل توفير قوت يومهما، لكن ما كان ينتظر”عبد الرحمن” فاق أى توقع.
الثالثة إلا ربع عصرًا، الثلاثاء الماضي، غلب النوم “علاء” والد الطفل، لم يذهب حينها لسكن العمال، غط في نوم عميق داخل مخزن السوبر ماركت كي ينال قسطا من الراحة بعدما انتهت ورديته، لكن ابنه “عبد الرحمن” ظل مع أبناء عمومته الذين يعملون في ترتيب البضاعة داخل المحل.
داخل السوبر ماركت توسط “عبد الرحمن”، أبناء عمومته على مائدة الإفطار، قبل أن تنتهي الوردية، فجأة دخل “محمود” (كوافير جي حريمي) يتطلع بتمعن على “عبد الرحمن” وكأنه على سابق معرفة من زمن، لم يبال الأخير لنظرات الكوافيرجي، ظن أنه يريد شراء طلبات كمثل أي زبون “هو قام له على أساس أنه هيشتري.. وقاله عايز حاجة”، لكن ما كان يُخفي في نوايا الزبون فاق كل شيء.
شرد عقل “عبد الرحمن” من أفعال “محمود” المريبة منذ أن داخل السوبر ماركت: “كان داخل عمال يبص بشكل غريب.. وراح قال لعبد الرحمن تعالٍ أنت أنا عايزك”، لم يأبي الصغير لكلام الكوافيرجي، ولم يتوقع ما ستؤول إليه منادته، وضعه يده على كفته ليس مزاحًا لكن لتنفيذ خطته، غافل الصبي بوابل طعنات بسلاح أبيض أخرجه من طي ملابسه، لم يتكفٍ بذلك نحر عقنه، في مشهد يقشعر له الأبدان.
لم تسعف صرخات أولاد العم “عبدالرحمن”، ولم تنجده تأويلهم من بطش الكوافير جي الذي أصر على وضع نهاية مفجعة لابن العقدين، أمام “علاء” كان المشهد مأساويًا حين فزع من وهلة نومه، جثة ابنه غارقة في بحر من الدماء، جن جنون الأب من هول ما رأه، لم يتحمل الصدمة التي حلت به وقع مغشيًا على الأرض بجوار الجثمان يصارع الموت من الحسرة: “أبوه كان نايم وصحي على الصراخ لقي ابنه مدبوح قدامه.. جات له صدمه واغمي عليه”.. يقولها سعودى رضوان عم الطفل في بث مباشر لمصراوي.
لم يبال “محمود” أى شيء، ركض على حافة الرصيف يهذي بكلام غير مفهوم، ممسكًا سلاح جريمته الملطخ بالدماء، حاول الهرب من موقع الجريمة بعد أن أتم مراده، لكن الأهالي طاردوه في شارع البطل أحمد عبد العزيز لما ارتكبه بحق “عبد الرحمن” بعدما لقنوه علقة موت كاد يفقد حياته على إثرها “ذبح ابن أخويا قدام ولاد عمه اللي قاعدين بيفطروا ومحدش كان في مصدق”. يواصل العم حديثه لمصراوي.
ما فعله الكوافير جي بصبي السوبر ماركت “عبد الرحمن” لم يكن مشهد درامي مألوف، بل مأساة حقيقة هزت شارع البطل أحمد عبد العزيز من بشاعة المنظر، على فاترينة الكاشير كانت دماء الطفل ملطخة، كل شيء في غمضة عين تحول إلى كابوس يطارد كل من يرى الطفل ممدا على الأرض تسيل منه الدماء من كل جانب.
على حافة رصيف جلست “أم عبد الرحمن” نحو 60 دقيقة تولول على ضناها البكرى بعدما أتاها النبأ المشؤوم “عكازى راح مني”، تصمت الأم المكلوم قليلا قبل تصرخ بعلو صوتها حسرةً “يا ضنايا يا صغير..يا رتني ما سبتك يا ابني”، الحزن بدد ملامح وجهها تحاول فهم ما جرى لكن لا أحد يجب سؤالها “عمل في ابني كده ليه؟”، تتمم الأم قائلة: “كانت بتقول يا ولدي ليك شهر غايب عنى ولما أشوفك الاقيك غرقان في دمك” يواصل العم حديثه لمصراوي.
نحو 3 ساعات، انتظرت أسرة “عبد الرحمن”، في مسرح الجريمة، حتى انتهت الجهات المعنية والنيابة العامة لمناظرة الجثمان ومعاينة السوبر ماركت الذي شوهد الجريمة، بعد أن أطلعت على كاميرات المراقبة التى أظهرت ملابسات ما جرى بين الصبي والكوافير جي. أودع الطفل داخل ثلاجة الموتى لحين انتهاء إجراءات تصاريح الدفن وذلك بعد توقيع الكشف الطبي عليه من قبل الطبيب الشرعي.
في مشهد مهيب، ودع المئات من أهالي الشرقي سمهود ابوتشت قنا “عبد الرحمن” إلى مثواة الأخير بالدموع في مدافن عائلته على أطراف القرية، بعدما أدوا صلاة الجنازة عليه، بعدما صّرحت النيابة العامة دفن الفقيد.
أسرة “طفل المهندسين”، لا تطلب سوى القصاص العاجل من الجاني الذي لم يرحم طفلهم وتحقيق العدالة، تأمل في تطبيق الردع العام :”الإعدام مش يشفي غليلنا..لازم يتعدم في ميدان عام”.