خمسون عاماً من الحرفة: حكايات ترزي الفيوم في مواجهة اندثار المهنة (صور)

خمسون عاماً من الحرفة: حكايات ترزي الفيوم في مواجهة اندثار المهنة (صور)

الفيوم – حسين فتحي:

في أحد أزقة حي البحاري بمدينة الفيوم، يجلس عبد العليم إسماعيل، الذي تجاوز الستين من عمره، في محله الصغير ليواصل مسيرة امتدت لأكثر من نصف قرن في مهنة الخياطة التي تروي فصولًا من تاريخ الفن والأناقة في مصر، لكنها اليوم تواجه خطر الاندثار.

بدأ عبد العليم رحلته في أواخر الستينيات صبيًا لدى كبار الحرفيين، حيث تعلم أصول تفصيل البدل الرجالية لكبار المسؤولين والمشاهير. لينتقل بعدها إلى القاهرة ويعمل لدى الخواجة “موريس” في مصر الجديدة، حيث كان محله قبلة لفنانين كبار مثل فريد شوقي وأحمد رمزي وحسين فهمي، ويقول: “كنا نصمم البدل من أجود الأقمشة كالصوف الإنجليزي والكشمير، وكانت أجرة تفصيل البدلة 15 جنيهًا، أما اليوم فقد تصل إلى 2000 جنيه”.

ويرى عبد العليم أن انتشار مصانع الملابس الجاهزة سرّع من تراجع مهنة التفصيل، فالجيل الحالي يفضل السرعة على الحرفية، حيث يمكنه شراء بدلة في نصف ساعة، مقارنة بالماضي الذي كان يتطلب 21 يومًا وعدة “بروفات” لضمان دقة المقاس.

وعن الثمن الذي دفعه جسديًا، يقول بنبرة مؤثرة: “هذه المهنة سحبت نظري واستهلكت عظام فقرات ظهري”، مشيرًا إلى أن العمل على الماكينات القديمة تسبب له في ضعف البصر وتآكل في فقرات الظهر والركبة.

وبعد توقف دام لسنوات، عاد عبد العليم للعمل مجددًا ليكسب قوت يومه، ويقتصر عمله حاليًا على تعديل الملابس وتصليحها. وينهي حديثه بمناشدة محافظ الفيوم لتوفير محل له بإيجار رمزي، ليستطيع مواصلة العمل وتوفير حياة كريمة لأسرته.