حرب الاثني عشر يومًا: هل كانت تجربة لصراع أكبر بين إيران وإسرائيل؟

حرب الاثني عشر يومًا: هل كانت تجربة لصراع أكبر بين إيران وإسرائيل؟

كتب – محمد جعفر:

في خطوة تعكس تصاعد مستوى الاستنفار الداخلي في إيران، أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية المصادقة اليوم، على خطة جديدة لتوسيع برامج “التدريب الشعبي على الدفاع المدني”، في ظل تزايد احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل.

وأوضح رئيس هيئة الأركان، اللواء عبد الرحيم موسوي، أن الخطة تشمل ثلاث مراحل: قصيرة، متوسطة، وطويلة الأمد، وتركز على توسيع نطاق التدريب المدني، وتجنيد المتطوعين، وتحديد مهام الجهات الرسمية بشأن إنشاء الملاجئ وإدارتها، بالإضافة إلى تنظيم أماكن الهواء الطارئ، استعدادًا لما وصفه بـ”احتمال عودة الحرب”.

وعلى الجانب الآخر، صَعدت إسرائيل من حدة تصريحاتها، إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس، إن تل أبيب تستعد لمفاجأة إيران مجددا، محذرا طهران من مغبة مواصلة تهديداتها، منذ انتهاء المواجهة بين البلدين في يونيو الماضي.

ووسط تلك التصعيدات بين البلدين يرى المحللون والخبراء أن الحرب بين البلدين قد تكون وشيكة في ظل تصاعد تلك التطورات، إذ يرى الدكتور أشرف سنجر، أستاذ السياسات الدولية، أن حرب الـ12 يوم بين إيران وإسرائيل لم تكن مشهد النهاية وليست هي الحرب الكبرى، بل هي مجرد تجربة قد تتكرر، مع استمرار التصعيد بين الطرفين لسنوات قادمة.

وأكد سنجر في تصريحات لـ”مصراوي”، أن هناك اقترابًا في موازين القوى الشاملة بين إيران وإسرائيل، لكن الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل يمنحها ميزة نسبية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أظهرت استعدادها للتدخل فورًا لحماية إسرائيل أو لمساعدتها في عمليات لا تستطيع تنفيذها بمفردها، وهي معادلة “إسرائيل–أمريكا” التي توصلت إليها مصر في حرب 1973 عبر الرئيس السادات، لكن لم تدركها أطراف أخرى مثل حماس، حزب الله، الحوثيين، أو حتى إيران.

ماذا تريد إيران من الشرق الأوسط؟

وأشار أستاذ السياسات الدولية إلى أن تقييم إسرائيل والولايات المتحدة هو أن إيران لا تسعى فقط للطاقة النووية السلمية، بل لتطوير سلاح نووي، هذا بالإضافة إلى دعمها لحزب الله، حماس، الحوثيين، وجماعات في العراق، لبنان، سوريا، وغيرها، ما يفتح مجالًا لتحدي الهيمنة الحالية في المنطقة، والتي تخضع لتوازنات القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والصين، مؤكداً أنه لا إيران، ولا إسرائيل، تملك القدرة على الهيمنة على الشرق الأوسط.

وأوضح “سنجر”، أن حرب الـ12 يوم بين البلدين قابلة للتكرار وربما لا تتجاوز في المدة 10 إلى 15 يومًا، دون تصعيد إلى حرب كبرى أو استخدام للأسلحة النووية أو غير التقليدية، محذراً من أن بقاء إيران على طريق تطوير قدراتها النووية، سواء سلمية أو غير سلمية، يبقي احتمال الضربات الوقائية الإسرائيلية أو الأمريكية قائمًا، خاصة مع تأكيد تحليلات استخباراتية أن الضربات لم تدمر المنشآت النووية الإيرانية بالكامل، وأن إيران لا تزال قادرة على التخصيب.

صورة 2

وتابع: العلاقات الإيرانية الإسرائيلية مرتبطة كذلك بعلاقات أمريكا مع الصين وروسيا، خاصة في ظل التوتر الأمريكي الروسي ووجود تحالفات استراتيجية بين إيران وكل من روسيا والصين، ما يعني أن المنطقة ستظل محكومة بتوازنات الدول الكبرى لفترة طويلة.

بداية لجولات صراع بين البلدين أم نهاية مشهد مأساوي

أما الدكتور علي الأعور، الخبير في الشأن الإسرائيلي، فيرى أن الحرب بين إسرائيل وإيران كانت نقطة تحول في الشرق الأوسط وفي مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى أن أحداث السابع من أكتوبر “طوفان الأقصى” ألقت بظلالها على الصراع، مما جعل الولايات المتحدة، والرئيس دونالد ترامب تحديدًا، يدرك أن القضية الفلسطينية هي مركز الصراع في الشرق الأوسط.

وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، في تصريحات لـ”مصراوي”، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرك أن تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني ورفض قيام دولة فلسطينية يعني بقاء إسرائيل في حالة دائمة من الحرب وعدم القدرة على الاندماج في المنطقة، مؤكدا أن المجتمع الدولي فشل منذ أكثر من مئة عام في حل الصراع الفلسطيني، ولهذا اندلعت الحرب بين إيران وإسرائيل.

وأضاف أن إسرائيل حصلت على دعم عسكري كامل وضوء أخضر أمريكي، واستخدم ترامب الفيتو لتغطية قصف وتدمير المنشآت النووية الإيرانية، خاصة مفاعل فوردو، مؤكداً أن الولايات المتحدة كانت مشاركة عمليًا في الحرب، لكنها انتهت دون إنهاء كامل للملف الإيراني.

صورة 3

ويتابع الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن تداعيات الحرب كانت كبيرة، إذ نجحت إسرائيل في تنفيذ ضربة استباقية أدت إلى مقتل عدد كبير من ضباط الصف الأول في القيادة الإيرانية، وعدد من علماء الفيزياء والطاقة النووية والباحثين، كما قصفت مواقع للحرس الثوري الإيراني ومنصات صواريخ، لكن في المقابل، تمكنت إيران من قصف مواقع عسكرية إسرائيلية ووزارة الدفاع ومقر الموساد، مما أجبر 6 ملايين إسرائيلي على البقاء في الملاجئ لمدة 12 يومًا.

ولفت “الأعور”، إلى أن الحرب لم تنتهِ فعليًا، حيث ما زال الملف الإيراني مطروحًا على طاولة نتنياهو والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، كما أن إسرائيل لا تزال تعتبر إيران تهديدًا وجوديًا، لافتاً إلى أن إيران ما زالت قادرة على تخصيب اليورانيوم وتمتلك مئات الصواريخ البالستية، بما فيها صواريخ فرط صوتية، التي دمرت مناطق في تل أبيب.

واختتم الدكتور على الأعور تصريحاته بأن الحرب لم تُغلق إعلاميًا أو سياسيًا، والتهديدات المتبادلة ما زالت قائمة، إذ يرى أن الطرفين في حالة استعداد لجولة قادمة، وأن كل طرف يجهز نفسه لمعركة أكبر قادمة، قد تكون حربًا كبرى.