جثث بلا هوية.. سوهاج تودع 4 ضحايا، بينهم طفلة، في كارثة قطار الصعيد

سوهاج – عمار عبدالواحد:
تحولت شوارع المدينة إلى مأتم مفتوح، وارتفعت أصوات البكاء والنحيب كأنها صدى لصرخة لم تسمعها القضبان.. جنازة لم تبكِ فيها عائلة واحدة، بل بكتها قرية كاملة، تلملم أشلاء أحبابها من بين حديد السكك ومواقيت القطارات التي لا ترحم.
في مشهد مهيب يخطف الأنفاس ويثقل القلوب، شيّع الآلاف من أهالي مركز ومدينة جرجا جنوبي محافظة سوهاج، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، أربعة نعوش خرجت من مشرحة واحدة، تحمل ثلاث سيدات وطفلة صغيرة، قضين دهسًا أسفل عجلات قطار الصعيد.
تحركت النعوش الأربعة في صمت ثقيل من أمام مشرحة مستشفى جرجا العام، يتقدمها رجال يجهشون بالبكاء، ونساء يصرخن بأسماء فقيداتهن في محاولة عبثية لإيقاظ الموتى.
كانت الجنازة أشبه بموكب حزن جماعي، لا يخص عائلة واحدة فقط، بل قرية بأكملها ودّعت بناتها وطفلتها في مشهد لن يُنسى.
– “أشلاء على القضبان”
وقع الحادث عند مزلقان السكة الحديد الأوسط بمدينة جرجا، حين كانت الضحايا يحاولن عبور القضبان المغلقة، لكن لحظة مرور القطار لم تمنحهن فرصة أخرى للحياة.
لم يُسمع سوى صوت ارتطام مدوٍ، تلاه صراخ من شهود عيان وجدوا أنفسهم أمام مشهد صادم.. أربع جثث تحولت إلى أشلاء مبعثرة.
سرعان ما وصلت قوات الأمن وسيارات الإسعاف، لكن كل ما استطاعوا فعله هو جمع الأشلاء ونقلها إلى مشرحة مستشفى جرجا العام.
الجثث كانت مجهولة الهوية في البداية، فقد طمس القطار الملامح، لكن بمساعدة الأهالي والجهات المختصة، تم التعرف عليهن: نورهان محمد قاسم، 23 عامًا، إيمان ناصر جمعة محمد، 25 عامًا، أم هاشم فتوح محمد عبد الرحمن، 53 عامًا، الطفلة حبيبة فتوح محمد، 7 أعوام.
– “كلهم راحوا مرة واحدة”
قال أحد أقارب الضحايا، وهو بالكاد يتمالك دموعه: “كانوا رايحين يزوروا حد.. لكن محدش رجع.. كلهم راحوا مرة واحدة، حتى الصغيرة اللي لسه بتتعلم الكلام.. مشينا ورا أربع جنازات في يوم واحد.”
وتداول الأهالي صورًا حزينة للحظة خروج النعوش، فيما أشار البعض إلى أن المزلقان مغلق بالفعل وقت الحادث، لكن الضحايا قررن العبور من بين الحواجز – كعادة متكررة في مناطق الصعيد التي تفتقر للحواجز الآمنة أو الكباري العلوية.
– “مزلقانات الموت لا تزال تفتك بالأبرياء”
لم تكن هذه هي المأساة الأولى من نوعها في صعيد مصر. عشرات القصص المشابهة تتكرر كل عام، وسط مطالبات لا تتوقف بإيجاد حل جذري لأزمة المزلقانات غير الآمنة.
وفي جنازة اليوم، لم تكن الكلمات ضرورية، فقد تكفّلت الدموع والصمت وارتباك الخطوات بسرد الحكاية بأكملها.
اقرأ أيضًا…
4 نعوش في جنازة واحدة.. سوهاج تشيع جثامين ضحايا دهس قطار الصعيد- صور