صلاحيات مجلس الشيوخ: التطلعات والطموحات

صلاحيات مجلس الشيوخ: التطلعات والطموحات


جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان مجلس الشورى (حالياً مجلس الشيوخ) هو الغرفة النيابية الأولى والأساسية في القرن التاسع عشر (1866) عندما أنشأ الخديوي إسماعيل مجلس شورى النواب، الذي يُعَد البداية الحقيقية للمجالس النيابية في مصر. وتكوَّن المجلس من ستة وسبعين عضوًا تم انتخابهم لمدة ثلاث سنوات من قِبَل العُمَد والمشايخ ومديري المديريات والأعيان في المحافظات، وكان الخديوي يقوم بتعيين رئيسه. فلم تكن انتخابات مجلس شورى النواب انتخابات مباشرة.

وفي عام 1883 – أثناء الاحتلال البريطاني – أصدر الخديوي توفيق مرسومًا بتشكيل مجلس شورى القوانين المكوَّن من ثلاثين عضوًا، حيث يقوم الخديوي بتعيين أربعة عشر عضوًا بصفة دائمة، ويتم انتخاب الأعضاء الباقين بطريقة غير مباشرة. وقد تركزت اختصاصات هذا المجلس في طلب من الحكومة تقديم مشروعات القوانين، دون أن يكون من حقه اقتراح القوانين.

وفي عام 1913 تم إنشاء الجمعية التشريعية من ستة وستين عضوًا، وتضم الوزراء وأعضاء منتخبين ومعينين لمدة ست سنوات. أما اختصاصات الجمعية التشريعية فكانت تتلخص في وجوب أخذ رأيها قبل إصدار أي قانون، رغم عدم التقيد بالأخذ بهذا الرأي. وقد عقدت الجمعية التشريعية دور انعقاد واحد فقط من الثاني والعشرين من يناير عام 1914 إلى السابع عشر من يونيو 1914، ولم تُعقَد أية اجتماعات بعد ذلك لتوقف الحياة النيابية في مصر بسبب الحرب العالمية الأولى.

ومنذ إقرار دستور 1930 – الذي لم يستمر طويلاً بسبب الضغوط السياسية – وعلى مدار 23 عامًا، كان لمصر مجلس برلماني واحد هو مجلس النواب. وفي عام 1979 قرر الرئيس أنور السادات إدخال تعديلات على دستور مصر الدائم 1971 بإنشاء مجلس نيابي جديد هو مجلس الشورى، الذي كان يعتبره “مجلس العائلة المصرية”، بحيث يتم تعيين ثلث أعضائه، وانتخاب الثلثين، حتى يتمكن من ضم ممثلين ورموز لجميع فئات وقوى المجتمع المصري، خاصة الفئات والقوى التي ليس لها علاقة بالأحزاب والعمل السياسي. وفي أول تشكيل للمجلس تم تعيين عدد من كبار الكُتّاب والمفكرين المصريين، منهم الكاتب الراحل توفيق الحكيم.

في عام 1980 قام مجلس الشعب المصري وقتها بإقرار القانون الخاص بمجلس الشورى والمعروف بالقانون رقم 120 لسنة 1980، بسبب رغبة نواب مجلس الشعب وقتها في القضاء على أية منافسة لهم من أعضاء مجلس الشورى الجديد، حيث حرصوا على تقليص سلطاته وصلاحياته الدستورية والرقابية والتشريعية إلى أبعد مدى، خاصة أن نصوص الدستور لم تُعطِ لهذا المجلس صلاحيات تماثل صلاحيات مجلس الشعب. وهو ما استمر حتى صدور دستور 2019 المعدَّل، وتخلله إلغاء مجلس الشورى (الشيوخ حالياً) في دستور 2014.

وقد أثرت محدودية صلاحيات مجلس الشورى أو الشيوخ على التنافس على عضويته أو انتخابه، على الرغم من أن هذا المجلس يضم بين جوانبه العلماء والمفكرين وقادة الرأي وأصحاب الخبرة، بما يجعله – وبامتياز – بيت الخبرة المصري. وقد نص دستور 2019 المعدَّل على أن مجلس الشيوخ هو مجلس استشاري، أي قد يُؤخذ برأيه أو لا يُؤخذ به. الأمر الذي قد يؤدي إلى تهميش دوره وخبراته وطاقاته، وقدرته على تقديم العون لمجلس النواب. لذا يتطلب الأمر التفكير في تعديل قانون مجلس الشورى (الشيوخ) من أجل منحه صلاحيات أكبر وأوسع، على غرار المجالس المشابهة له مثل مجلس الشيوخ الأمريكي أو البوندسرات الألماني (المجلس الاتحادي).

فعلى سبيل المثال، لدى المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) المقابل لمجلس الشيوخ المصري، صلاحيات تشريعية، حيث توجد أنواع من القوانين تتطلب موافقته، وأخرى يمكنه الاعتراض عليها. كما يشارك المجلس الاتحادي في العملية التشريعية. وله دور في الرقابة على تنفيذ القوانين، بما في ذلك إصدار اللوائح التنفيذية. ويمثل المجلس الاتحادي مصالح الولايات الألمانية على مستوى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دوره في تعديل الدستور الألماني.

وعليه، يتطلع العديد من المفكرين وقادة الرأي في مصر إلى إعادة النظر في اختصاصات مجلس الشيوخ المصري ومنحه بعض الصلاحيات التشريعية والرقابية على تنفيذ بعض القوانين والمعاهدات، التي تمكّنه من ممارسة اختصاصه الأصيل في توسيع الممارسة الديمقراطية، وحماية كل ما يتعلق بحقوق السيادة المصرية.