الجارديان: ما يثير القلق في سوريا ليس العنف ذاته بل سهولة اندلاعه

الجارديان: ما يثير القلق في سوريا ليس العنف ذاته بل سهولة اندلاعه

(بي بي سي)

في جولة الصحافة، اليوم نتعرض لمقال يناقش كيف أن سوريا تعيش على حافة العنف، وثانٍ يتعرض لذكاء اصطناعي يقرأ النقوش اللاتينية القديمة، وثالث يحذر من إمكانية ارتفاع أسعار الفائدة مجدداً.

ونبدأ من افتتاحية صحيفة الغارديان، حول المشهد السوري في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد بعد سنوات طويلة من حكم عائلة الأسد وحرب أهلية مدمّرة، محذّرة من أن العنف الطائفي قد يبدّد الآمال الهشة بمستقبل أكثر استقراراً.

وتقول الصحيفة إنّ كثيراً من السوريين استقبلوا رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، المقاتل السابق في تنظيم القاعدة وزعيم جماعة “هيئة تحرير الشام” الإسلامية المتمرّدة بحماسة، في حين نظر إليه أبناء الأقليات بتفاؤل حذر، والآن، “يهدد العنف الطائفي الآمال الهشة، بغدٍ أفضل”.

وتستعرض الغارديان الأحداث الميدانية الأخيرة التي تهدد هذا المسار، مشيرة إلى أنه في مارس/آذار 2025، قُتل المئات من المدنيين – ومعظمهم من الطائفة العلوية – على الساحل، “بعد كمين نصبه أنصار الديكتاتور المخلوع بشار الأسد، وهو من أبناء تلك الطائفة، لقوات الأمن”.

ثم، في هذا الشهر، تصاعد نزاع بين أحد أبناء قبائل البدو وعضو من الطائفة الدرزية في منطقة السويداء الجنوبية بسرعة إلى عنف طائفي جماعي مروّع، شاركت فيه قوات الحكومة السورية.

وتضيف الصحيفة أن الاشتباكات المسلحة، والقصف، والإعدامات الميدانية، ثم الغارات الجوية الإسرائيلية، أسفرت عن مقتل المئات من الأشخاص، بينهم مدنيون، وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق، برأي الصحيفة، “هو السرعة التي يمكن أن تتدهور بها الأوضاع، وعدم قدرة – أو عدم رغبة – الحكومة الجديدة في السيطرة على ما لا يُعدّ جيشاً نظامياً، بل مجرد خليط غير متماسك من الميليشيات وأمراء الحرب”.

وترى الصحيفة أن الشرع كان بارعاً في كسب تأييد جمهوره الدولي، لكنه كان أقل نجاحاً في التعامل مع الداخل السوري، وتوضح أن قيادته يجب أن تتعامل مع تناقض أساسي: “فهو بحاجة إلى الحفاظ على دعم قاعدة متطرفة وفي الوقت ذاته، عليه أن يطمئن بقية البلاد المجزّأة والمجروحة بعمق بأنه قادر على حمايتهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية على الأقل”.

ولا تُغفل الصحيفة البعد الإقليمي للأزمة، مشيرة إلى أن التدخل الإسرائيلي هذا الشهر – الذي قيل إنه جاء دفاعاً عن الدروز، وهي أقلية مهمة في إسرائيل – زاد من تعميق الأزمة.

وتُبيّن الصحيفة أن إسرائيل احتلت أراضي إضافية، “ومن الواضح أنها تسعى إلى تقليص القدرات العسكرية السورية وتقويض القيادة الجديدة”.

وتقول الصحيفة إن استهداف وزارة الدفاع في دمشق، لم يكن مجرد رسالة “بشأن أحداث السويداء”، بل إشارة إلى نوايا أوسع، أما الولايات المتحدة، التي تدرك أن تفكك سوريا لا يخدم مصالحها، “فقد حاولت كبح جماح إسرائيل، ويجب أن تواصل القيام بذلك”.

وتلمح الصحيفة إلى وجود إشارات إيجابية، خاصة في الجهود الشعبية المستمرة لمواجهة العنف الطائفي عبر الحوار، والسعي لتحقيق العدالة الانتقالية، لكنها ترى أنه “لا يمكن أن تُبنى الثقة اللازمة من دون إنهاء الإفلات من العقاب عن أحداث الأشهر الأخيرة والعقود الماضية”.

لكن الصحيفة تُبدي شكوكها في جدّية الحكومة الجديدة، إذ ترى أنها اكتفت بالكلام بشأن العدالة الانتقالية، ولم تُعلن حتى الآن عن أسماء المسؤولين – من وجهة نظرها – عن مجزرة مارس/آذار، رغم وجود أدلة على وسائل التواصل الاجتماعي وشهادات شهود العيان.

وتتابع أن الحكومة تقول إنه “لن يكون هناك تسامح” مع أي انتهاكات في السويداء، لكن الأقليات المذعورة تريد أن ترى دليلاً على هذا الادعاء.

وتشدد على أن تحسين المساءلة، والالتزام ببناء العلاقات بين المجتمعات، “ليسا ترفاً يُؤجَّل إلى أوقات أكثر ازدهارًا، بل هما الأساس الضروري لبناء دولة ناجحة”، مبينةً أن “سوريا التي لا تكون شاملة وحامية لجميع مواطنيها، لا يمكن أن تأمل بالبقاء والازدهار”.