بخلاف ذلك، ليس له أي قيمة

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
الخبر ليس في اجتماع الكنيست الإسرائيلي وموافقته بأغلبية ٧١ صوتاً على إعلان يجيز فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، ولكن الخبر في رد الفعل العربي والإسلامي معاً.
ففي ظل وجود حكومة من نوعية حكومة التطرف الحالية في تل أبيب برئاسة بنيامين نتنياهو، وعضوية واحد مثل إيتمار بن غفير فيها، أو واحد مثل سموتريتش، لا غرابة في موافقة الكنيست على الإطلاق، لأن الثلاثة على وجه التحديد فعلوا ويفعلون ما هو أشد وأعتى.
ولكن الغريب بالفعل هو في أن يقال إن عدداً من الدول العربية والإسلامية أدانت مشروع القانون، وأن جامعة الدول العربية، ومعها منظمة التعاون الاسلامي، أدانتا بالدرجة نفسها، ما وافق عليه الكنيست بأغلبيته الكبيرة.
ذلك أنك مع خطورة ما أقدم عليه الكنيست لا بد أن تتساءل: وماذا بعد الإدانة من الدول منفردة أو مجتمعة في المنظمتين الإقليميتين؟
لا شيء في الحقيقة!
إن القاعدة الذهبية المنسوبة إلى أينشتاين تقول إنك لا يمكن أن تفعل الشيء نفسه للمرة الثانية، ثم تتوقع أن تحصل على نتيجة مختلفة؟.. لا يمكن بحكم طبائع الأشياء.. وإلا، فإنك تبدد الجهد والوقت معاً.
ولهذا، فإن علينا أن نستعرض المرات التي أدانت فيه المنظمتان أو الدول هنا أو حتى في العالم، قراراً اتخذته إسرائيل ثم أدت الإدانة إلى شيء على الأرض!
لم يحدث ولن يحدث، وعلينا بالتالي كدول عربية وإسلامية أن نفكر في المسألة من زاوية مختلفة، وأن نتوقف عما لا يؤدي إلى فعل في الواقع الحي للناس.. علينا أن نتصرف بشكل مختلف، وأن نتوقف عن حكاية الإدانة والشجب وأخواتهما، فكلها صارت تثير السخرية أكثر مما تثير أي شيء آخر.
إسرائيل كيان لا يفهم سوى القوة، والقوة ليس من الضروري أن تكون حرباً، وإنما يمكن أن تكون بأورق وأدوات سياسية، ودبلوماسية، واقتصادية. فلا أحد يريد حرباً أو يدعو إليها، والشاعر القديم عاش يقول: وما الحرب إلا ما قد علمتم وذقتم.
ولا زلت كلما أردت أن أضرب مثلاً بالورقة الاقتصادية أذكر ما بادرت به الحكومة في مدريد، برئاسة بيدرو سانشيز، عندما ضجت من طول استخفاف إسرائيل بنداءات وقف الحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة، فقررت الغاء صفقة كانت وزارة الداخلية الإسبانية قد أبرمتها مع شركة إسرائيلية.
صحيح أن إلغاء الصفقة لم يوقف الحرب، ولكن لنا أن نتصور أن تفاجأ تل أبيب بأن خطوات متعددة من هذه النوعية الإسبانية العملية قد جرى اتخاذها ضدها على المستوى السياسي، والاقتصادي، والدبلوماسي، وبامتداد ٥٨ دولة عربية وإسلامية تتمتع بالعضوية في جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي.
فلتجرب العواصم العربية والإسلامية التي تتعاون اقتصادياً مع إسرائيل أن تقول إن تعاونها معلق إلى أن يتم كذا وكذا في أرض فلسطين، وعندها سوف ترى هذه العواصم وسوف نرى معها أثر ذلك على إسرائيل.. وما عدا ذلك بلا قيمة في الحقيقة.