أسباب الحكم في “انفجار خط غاز أكتوبر”: “جنازات تحركت بصمت”

كتب- صابر المحلاوي:
أودعت محكمة جنح مستأنف أكتوبر حيثيات حكمها الصادر حضوريًا بحق جميع المتهمين الخمسة في واقعة حريق خط غاز الواحات، والذي أسفر عن مصرع 8 أشخاص وإصابة 17 آخرين.
جاء الحكم بقبول الاستئنافين شكلًا، وفي الموضوع برفضهما، وتأييد الحكم المستأنف بالحبس 10 سنوات لكل متهم، مع إلزامهم بمصروفات الدعويين الجنائية والمدنية، وسداد 75 جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة.
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد هشام محمد، وعضوية المستشارين مصطفى منصور غيضان، وكريم الجندي، وأمانة سر محمود عبد الرحيم.
وجاء في حيثيات الحكم: “ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة، وما أفظع التقصير حين تكون كلفته أرواحًا بريئة قضت دون ذنب، ودفعت ثمنًا باهظًا لإهمال قاتل من مهندس كان يفترض أن يكون عين الأمان، لا يد الخراب”.
وأكدت المحكمة أن المتهمين ارتكبوا خطأ لا يُغتفر، ليس عن جهل، بل عن تقاعس مهني وتفريط في أقدس واجبات المهنة، فخانوا الأمانة، وتجاهلوا القواعد الفنية الأساسية، واختاروا التغاضي عن مواطن الخطر حتى تحولت إلى كارثة.
وأضافت الحيثيات: “المهندس الفني ليس موظفًا عابرًا، بل هو الحارس على سلامة الأرواح والمنشآت، فإذا غابت عنه الدقة وساد الاستهتار، صار وجوده خطرًا على المجتمع، لا عونًا له”.
ورأت المحكمة أن ما وقع لم يكن مجرد “حادث مؤسف”، بل جريمة مكتملة الأركان، ضحاياها بشر لهم وجوه وأسماء وأحلام قُطعت فجأة، لا لذنب اقترفوه، بل لأن من حملوا مسؤولية العمل الفني خانوا الثقة وارتدوا عباءة الخبرة دون حق.
وقالت المحكمة إنها وهي تزن أوراق القضية، لم تنظر إلى أرقام أو تقارير فنية فحسب، بل رأت “نعوشًا تحركت في صمت، وأمهات فقدن أبناءهن، وأطفالًا باتوا بلا آباء”، وكل ذلك بسبب “خطأ لا يحق لمن يرتدي خوذة المهندس أن يرتكبه”.
واختتمت الحيثيات بالتشديد على أن هذه الواقعة يجب أن تكون “علامة فاصلة ورسالة صارمة لكل من يتعامل مع مهنته بخفة”، لأن الإهمال المهني قد يكون حكمًا بالإعدام على أبرياء لا ذنب لهم.