أسوان كمعرض فني في الهواء الطلق: فنانان يجددان هوية المدينة عبر لوحات جدارية (فيديو)

أسوان – إيهاب عمران:
في مدينة أسوان، حيث تمتزج عظمة التاريخ بسحر الطبيعة، يقود زوجان فنانان، مها جميل وعلي عبد الفتاح، مبادرة فنية فريدة. فبدلًا من حصر الفن داخل قاعات مغلقة، قررا أن يجعلا من واجهات المباني وأسوار الشوارع لوحات عملاقة تروي حكايات أسوان وتعيد تعريف هويتها البصرية أمام سكانها وزوارها.
تقول الفنانة مها جميل، وهي تصف بداية رحلتهما التي انطلقت قبل 15 عامًا: “بدأنا ونحن لا نزال في السنة الأولى بكلية الفنون الجميلة. شعرنا أن علينا وضع بصمتنا كفنانين تشكيليين، وأن نكمل مسيرة أجدادنا المصريين القدماء. أسوان مدينة سياحية تستحق أعمالًا فنية تليق بها، تحاكي ملامحها البارزة وروحها الخاصة”.
تُعد هذه المبادرة تجسيدًا حيًا لمفهوم الفن العام (Public Art)، الذي يهدف إلى إخراج الأعمال الفنية من سياقها التقليدي وعرضها في الفضاءات العامة لتكون جزءًا من الحياة اليومية.
من أبرز أعمال هذين الزوجين مشروع “ذهب أسوان”، الذي تقول مها عنه: “هو عبارة عن ثلاث جداريات ضخمة على واجهات ثلاث عمارات، كل واحدة منها تحاكي قصة من طبيعة البلد. الأولى لرجل شيخ يشبه في ملامحه أجدادنا وآباءنا. والثانية لفتاة تعكس ملامحنا كبنات، وتحتفي بالصناعات اليدوية التي تمتاز بها المرأة الأسوانية. أما الثالثة، فهي تحية لشباب بناة السد العالي، رمز الإرادة والصداقة”.
لكن تحويل الجدران الصامتة إلى لوحات نابضة بالحياة ليس بالأمر السهل. فالرحلة الفنية التي يخوضها الزوجان محفوفة بالتحديات التقنية والجسدية.
يتحدث الفنان علي عبد الفتاح عن كواليس العمل على ارتفاعات شاهقة: “قبل أن نصعد إلى العمارات، نهبط أولًا بالسقالات وأحزمة الأمان لضمان سلامتنا الكاملة. نحن نعمل بألوان خاصة مخلوطة بمواد عازلة حتى لا تتأثر بالشمس أو الأمطار. وقد تعودنا على العمل في أماكن مرتفعة، مثل صهريج مياه يصل ارتفاعه إلى 40 مترًا، وكان تحديًا كبيرًا لكننا نجحنا في إتمامه”.
يكشف علي عن سر آخر من أسرار المهنة: “نحب أن نعمل عقب غروب الشمس. فالإضاءة القوية تجعل من الصعب رؤية درجات الألوان الحقيقية على الجدار. لذلك، أبدأ يومي مع الغروب لأضمن دقة الألوان وطبيعتها”.
مع كل جدارية تكتمل، تتجدد أحلامهما. تستكمل مها الحديث عن المستقبل، وعن بصمتهما القادمة: “الجدارية الجديدة ستكون لفتاة صغيرة تحمل الملامح الأسوانية، وستكون مكملة للوحات الثلاث الأخرى. رسالتنا هي أن نستمر في تقديم فن أسوان للعالم، ليس فقط من خلال آثارها، بل أيضًا عبر جدرانها التي تنبض بالحياة اليوم”.