مؤشرات وإشارات: تفاصيل الاحتفال باليوم العالمي للسكان

كتب – أحمد جمعة
أكد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أن الدولة تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق التوازن المنشود بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، مستندة في ذلك إلى استراتيجية شاملة تندرج ضمن إطار رؤية مصر 2030، مشددًا على أن القضية السكانية تمثل أولوية وطنية تتطلب تكاتف جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
جاء ذلك خلال كلمته في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للسكان 2025، الذي أُقيم اليوم الإثنين تحت شعار: “تمكين الشباب لبناء الأسر التي يريدونها في عالم عادل ومفعم بالأمل”. حضر الاحتفال عدد من قيادات وزارة الصحة، منهم الدكتورة عبلة الألفي والدكتور محمد الطيب، إلى جانب اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وممثلين عن الوزارات المعنية، والأمم المتحدة، وشركاء دوليين ومحليين.
التركيز على الشباب وتحديات النمو السكاني
أشار وزير الصحة إلى أن الشعار المختار لهذا العام يعكس التزامًا إنسانيًا بوضع الشباب في صلب السياسات السكانية، باعتبارهم الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة. وأكد أن تمكين الشباب من خلال المعرفة وإتاحة الفرص المتكافئة يمثل السبيل لبناء أسر مستقرة ومجتمع قادر على التقدم.
وأضاف أن العالم يشهد تحولات ديموغرافية غير مسبوقة، حيث بلغ عدد سكان العالم في يوليو 2025 نحو 8.2 مليار نسمة، تستحوذ الهند والصين على 35% منهم. وتحتل مصر المركز الثالث عشر عالميًا، والثالث إفريقيًا، والأول عربيًا بعدد سكان يُقدر بـ107.3 مليون نسمة مطلع العام الجاري، مقارنة بـ94.8 مليون نسمة في عام 2017. وتُشير التوقعات إلى ارتفاع العدد عالميًا إلى 8.9 مليار نسمة عام 2035، و9.7 مليار نسمة عام 2050.
وأوضح أن النمو السكاني يتركّز بصورة أكبر في الدول الأقل تقدمًا، حيث يعيش بها 6.9 مليار نسمة، مقابل 1.3 مليار فقط في الدول المتقدمة، ما يضع الدول النامية أمام تحديات مركبة ومتصاعدة.
في السياق ذاته، استعرض عبدالغفار أبرز خطوات الدولة للتعامل مع القضية السكانية، مشيرًا إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023-2030)، المستندة إلى نتائج مسح الأسرة المصرية 2021. وقد أظهر المسح تحوّلًا إيجابيًا في وعي الأسر المصرية تجاه تقليل معدلات الإنجاب، حيث أبدت السيدات في سن الإنجاب رغبة في الاكتفاء بعدد أقل من الأبناء، وصولًا إلى معدل مستهدف يبلغ 2.1 طفل لكل سيدة.
وأشار إلى إعداد الخطة العاجلة للسكان والتنمية (2025-2027) لتسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية، بالاعتماد على أدوات تحليلية حديثة، في مقدمتها الدليل السكاني الوطني الذي يضم 29 مؤشرًا مركبًا، إلى جانب مؤشرات رئيسية تشمل الأمية، البطالة، زواج الأطفال، والتسرب من التعليم.
وكشف الوزير عن تحقيق نتائج إيجابية واضحة، تمثلت في انخفاض معدل الإنجاب الكلي من 2.85 طفل لكل سيدة عام 2021 إلى 2.41 طفل عام 2024، إلى جانب تراجع معدل المواليد من 26.8 لكل ألف نسمة في 2017 إلى 18.5 في 2024. كما انخفض عدد المواليد السنوي إلى أقل من مليوني مولود، وذلك لأول مرة في تاريخ مصر الحديث.
وأكد عبدالغفار تحسن مؤشرات الدليل السكاني، حيث تراجع عدد المناطق المصنّفة “حمراء” من 74 إلى 32 منطقة، بنسبة تحسن بلغت 41%. كما ارتفع عدد المناطق “الخضراء” من 15 إلى 24 منطقة، وبلغ عدد المناطق “الصفراء” 215 منطقة، في حين ارتفع عدد المحافظات الخالية من المناطق الحمراء من 3 إلى 7 محافظات، من بينها بني سويف، الأقصر، دمياط، والوادي الجديد.
دعوة لتعزيز الشراكات وتمكين الشباب
أوضح وزير الصحة أن هذه الإنجازات جاءت نتيجة التعاون والتكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، مؤكدًا أن القضية السكانية مسؤولية وطنية جماعية. ودعا إلى استمرار الجهود لتعزيز الشراكات، وتطوير خدمات الصحة الإنجابية، وتنفيذ حملات توعوية فعالة لضمان وصول المعرفة والخدمات إلى الفئات الأكثر احتياجًا، وخاصة الشباب.
وشدد في ختام كلمته على أن الاستثمار في الإنسان هو الخيار الأذكى لمستقبل مستدام، مؤكدًا أن التركيبة الديموغرافية لمصر تُعد فرصة ذهبية، حيث تمثل الفئة العمرية أقل من 15 عامًا نحو 31.2% من السكان، مقابل 5.9% فقط لمن هم فوق سن 60، ما يعكس الطبيعة الفتية للمجتمع المصري، التي يجب استثمارها من خلال برامج فاعلة لتمكين الشباب وبناء أسر مستقرة تساهم في دفع عجلة التنمية.