“يا بابا لو سمحت.. ماما بالله كفاية”.. ما الذي حدث لـ “طفل البلكونة” في العيد؟

“يا بابا لو سمحت.. ماما بالله كفاية”.. ما الذي حدث لـ “طفل البلكونة” في العيد؟

كتب- محافظات مصراوي:

في المجاورة الثالثة بمدينة العاشر من رمضان، لم يكن أحد يتوقع أن تستيقظ مصر كلها على صرخة صغيرة هزّت القلوب قبل أن تطرق الأذان، صرخة من طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، خرجت من شرفة منزل لا تتجاوز بضعة أمتار، لكن صداها وصل إلى ملايين.

“يا بابا بلاش.. ماما والنبي كفاية!”

هكذا توسل “مينا”، الطفل الصغير، وسط نحيب وانهيار لم يكن فيه شيء من التمثيل أو المبالغة، بل وجع خالص من قلب لم يعرف بعد كيف يتحمّل الألم، دوّى صوت الطفل في أرجاء العمارة، ليس لمرة أولى حسب شهادة الجيران، لكن هذه المرة كان مختلفًا، أحد الجيران أمسك هاتفه، وبدأ التصوير، على أمل أن يوثق ما عجزت الكلمات عن وصفه، الفيديو انتشر كالنار في الهشيم، واحتل المركز الأول في حديث المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ظهر “مينا” في الفيديو يتعرض للضرب على يد والده، بينما الأم تقف إلى جانبه، تشارك بالصمت أو الضعف، والعصا تنهال على جسد الصغير، الذي لم يجد أمامه إلا الشرفة ليهرب إليها.. لا ليقفز، بل ليتنفس.

الشقيق الأكبر يدافع

بعد موجة الغضب الكبيرة، خرج الشقيق الأكبر لمينا في فيديو يدافع عن والده: “بابا حنين، وأخويا غلط وكان لازم يتعاقب. بابا قعد معاه وفهمه، لكن لما مفيش فايدة، اضطر يعلّمه الأدب”، مضيفا: “محدش فاهم حاجة.. الناس شافت بس جزء من الفيديو، لكن ماحدش عارف الحقيقة الكاملة”.. كلمات الشقيق لم تُطفئ نار الغضب الشعبي، بل زادت الأسئلة: “هل التأديب بالضرب هو الحل؟ هل نبرر العنف إذا خرج من الأب؟.

الجيران يشهدون

في تصريحات مؤلمة، قال أحد جيران الأسرة إنهم اعتادوا سماع صرخات الطفل باستمرار، لكن لم يكن بيدهم حيلة: “كنا بنسمع صوت الضرب كل فترة.. بس دي المرة كانت صرخته مفزعة.. كأن قلبه بيطلع مع كل كلمة.” وأكد أن الأب معروف بعنفه مع أبنائه، وأنه سبق وطُرد من المنزل بعد شجار عنيف، لكن الأمور كانت دائمًا تعود لنقطة الصفر.

التحرك الأمني

وزارة الداخلية رصدت الفيديو المنتشر، وأكدت في بيان رسمي أنه تم تحديد هوية الأسرة، وانتقلت قوة أمنية إلى الشقة التي ظهرت في الفيديو.

التحريات الأولية أكدت أن الواقعة حقيقية، وحدثت في شقة بالدور الثالث، والطفل يدعى “مينا” وعمره 10 سنوات، أما السبب، فحسب أقوال الأب، فكان “التأديب”، بعد أن سرق الطفل هاتف شقيقه لشراء السجائر.

تم ضبط الأب والأم، وجرى تحرير محضر رسمي بالواقعة، بينما أمرت النيابة العامة بإيداع الطفل في دار رعاية الأقباط الأرثوذكس بالزقازيق مؤقتًا، لحين انتهاء التحقيقات، وضمان سلامته النفسية والجسدية.

كما قررت النيابة حبس الأب 4 أيام على ذمة التحقيق، بعد توجيه تهم تتعلق بالتعدي والعنف الأسري، فيما تم إخلاء سبيل الأم بكفالة قدرها 5000 جنيه.