ما المعلومات المتاحة حول اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية؟

ما المعلومات المتاحة حول اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية؟

بي بي سي

لوّحت إيران مجددًا بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في ظلّ التصعيد العسكري المتبادل بينها وبين إسرائيل.

وكانت إسرائيل قد شنّت صباح الجمعة 13 يونيو عملية عسكرية استهدفت قادة عسكريين وعلماء نوويين، وقصفت منشآت ومراكز يشتبه في ارتباطها ببرنامج إيران النووي.

وقالت الحكومة الإسرائيلية، إنّ العملية تهدف إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي، ووضع حدّ لما وصفته بتهديدٍ مباشِر لأمنها.

وجاءت هذه التطورات في وقت كانت تطرح فيه إمكانية عقد جولة مفاوضات جديدة في سلطنة عمان، بمشاركة مسؤولين إيرانيين وأمريكيين، بهدف إحياء المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني.

وتؤكد إيران، من جهتها، أنّ برنامجها النووي ذو طابعٍ سلمي، وتقول إنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وقد دعمت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الموقف، إذ لم تعثر حتى الآن على دليلٍ يثبت امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، لكنّ الوكالة حذّرت مرارًا من أنّ مستويات تخصيب اليورانيوم في إيران تقترب من العتبة اللازمة لصنع سلاحٍ نووي، وهو ما يثير قلقًا دوليًا متزايدًا.

فما هي معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية؟ وما أهدافها؟ ومن هي الدول التي لم تنضم إليها حتى الآن؟

1 – متى وضعت المعاهدة ولماذا؟

فُتح باب التوقيع على المعاهدة عام 1968، ودخلت حيّز التنفيذ في مارس 1970.

وتوصَف المعاهدة بأنها حجر الزاوية في منظومة منع الانتشار النووي، وقد وضعت تحت رعاية الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ووفقًا لنصّ المعاهدة، فإنّ الدول الأطراف اتفقت على إبرامها تماشيًا مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي دعت مرارًا إلى اتفاقٍ دولي يحدّ من انتشار الأسلحة النووية.

وتستند المعاهدة إلى قناعةٍ بأنّ أي حربٍ نووية ستخلّف دمارًا شاملًا للبشرية، وأنّ تقليص انتشار هذه الأسلحة يساهم في خفض التوترات الدولية وتعزيز الثقة بين الدول.

وتنصّ ديباجة المعاهدة على السعي إلى وقف إنتاج الأسلحة النووية، وتصفية المخزونات القائمة، وإزالة وسائل إيصالها، في إطار نزع سلاحٍ شاملٍ وخاضعٍ لرقابةٍ دولية صارمة وفعّالة.

2 – ما أبرز بنود المعاهدة؟

تتألف المعاهدة من 11 مادة، تنظّم امتلاك ونقل وتطوير الأسلحة النووية، وتشجّع في الوقت ذاته على الاستخدامات السلمية للطاقة الذرّية. ومن أبرز البنود:

تتعهّد الدول الحائزة على السلاح النووي بعدم نقل أي سلاح نووي أو أجهزة نووية متفجّرة، أو تمكين أي طرفٍ آخر من السيطرة عليها، كما تلتزم بعدم تشجيع أو مساعدة الدول غير النووية على تطوير أو امتلاك هذه الأسلحة.

كذلك، تلتزم الدول غير النووية بعدم تصنيع أو امتلاك أو تلقي أسلحة نووية، أو السعي للحصول على مساعدةٍ فنية في هذا المجال.

ووفق المعاهدة أيضًا، تلزَم الدول غير النووية بتوقيع اتفاقيات ضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، لضمان عدم تحويل المواد أو التكنولوجيا النووية إلى أغراضٍ عسكرية، وتقوم الوكالة بعمليات تفتيشٍ منتظمةٍ للتحقّق من الاستخدامات السلمية.

ولا يجوز نقل أي مواد خام أو مواد انشطارية خاصة، أو معداتٍ أعدّت خصيصًا لاستخدامٍ نووي، إلى دولةٍ غير نووية، ما لم تكن خاضعةً لنظام الضمانات.

وتنصّ المعاهدة أيضًا على “الحق غير القابل للتصرف” لجميع الأطراف في تطوير واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية دون تمييز.

كما تمنح المعاهدة الدول الأعضاء الحق في الانسحاب منها، إذا رأت أنّ ظروفاً استثنائية أضرّت بمصالحها العليا، شرط توجيه إخطارٍ رسمي قبل 3 أشهر إلى الأطراف الأخرى ومجلس الأمن الدولي، مع توضيح الأسباب.

3 – من هي الدول التي وقعت على المعاهدة؟

انضمّت معظم دول العالم إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، منذ فتح باب التوقيع عام 1968. وفي عام 1995، جرى تمديد المعاهدة إلى أجلٍ غير مسمّى.

ويبلغ عدد الدول الأطراف في المعاهدة حالياً 191 دولة، ما يجعلها إحدى أكثر الاتفاقيات الدولية انتشارًا من حيث عدد الدول الموقّعة.

من بين هذه الدول 5 تملك سلاحًا نوويًا، بينما تلتزم باقي الدول بعدم تطوير أو امتلاك أو نقل أو تلقي أسلحة نووية.

2_11zon

4 – من هي الدول النووية الموقّعة على المعاهدة؟

الدول الخمس التي تعرّفها المعاهدة كـ”دول نووية” هي: الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، والصين.

وقد حدّد هذا التصنيف بناءً على إجراء هذه الدول لتجارب نووية قبل 1 يناير 1967، وهو ما يجعلها الطرف الوحيد المسموح له قانونًا بامتلاك الأسلحة النووية، وفقًا للمعاهدة.

وهي أيضاً الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

لكن رغم توقيع هذه الدول على المعاهدة، إلا أنّ عددًا من الدول غير النووية ينتقد ما يعتبره تمييزًا ممنهجًا داخل الاتفاق، إذ لم تحدَّد أي مهلة زمنية واضحة لتفكيك الترسانات النووية لدى هذه القوى الكبرى، ما يبقي ميزان الردع مختلًا ويقوّض مبدأ المساواة.

وترى بعض الدول أنّ الالتزامات المفروضة على الدول غير النووية أكثر صرامةً من تلك المفروضة على الدول الحائزة للسلاح، وهو ما يطرح تساؤلاتٍ مستمرّةً حول مدى التزام المعاهدة بمبدأ نزع السلاح الشامل فعليًا.

5 – من هي الدول التي لم توقّع على المعاهدة؟

أربع دول لم تنضمّ إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، وهي:

– إسرائيل

– الهند

– باكستان

– كوريا الشمالية

تجدر الإشارة إلى أنّ كوريا الشمالية كانت قد انضمّت إلى المعاهدة عام 1985، لكنها أعلنت انسحابها منها عام 2003، وأجرت لاحقًا عدّة تجارب نووية.

أما إسرائيل، فلم تؤكّد رسميًا امتلاكها أسلحة نووية، لكنها تعتبر بحكم الواقع دولةً نووية.

وتثير هذه الحالات تساؤلاتٍ متكرّرةً حول قدرة المعاهدة على فرض التزاماتٍ عالميةٍ شاملة، في ظلّ عدم انضمام عددٍ من الدول ذات النفوذ العسكري والسياسي.