لماذا نفضل الحلويات؟ اكتشافات حول الإدمان الغذائي المشابه لتعاطي المخدرات – دراسة

لماذا نفضل الحلويات؟ اكتشافات حول الإدمان الغذائي المشابه لتعاطي المخدرات – دراسة

كتب- عمر صبري:

قالت الدكتورة دعاء محمود بدوي، الباحثة بقسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، إن حبنا للسكر ليس مجرد تفضيل مكتسب؛ بل هو مزيج معقد من البيولوجيا التطورية، وحاسة التذوق لدينا، وآليات المكافأة القوية في الدماغ، والتي قد تتطور لدى البعض إلى ما يشبه الإدمان.

وكشفت الباحثة عن الأسباب الكامنة وراء هذا الحب العميق للسكر، وكيف يمكن أن يتحول إلى ما يشبه الإدمان، والتي توضحها في ما يلي:

التطور وحاجة الطاقة السريعة

أضافت بدوي، خلال دراسة صادرة عن مركز الدراسات والبحوث الزراعية، أنه عبر تاريخ البشرية الطويل، كانت مصادر الغذاء وفيرة الطاقة نادرة نسبيًّا. والأطعمة الحلوة غالبًا ما كانت تشير إلى مصادر غنية بالكربوهيدرات، وهي وقود أساسي لأجسامنا؛ خصوصًا الدماغ والعضلات، لذلك تطورت لدينا رغبة فطرية في تذوق السكر والسعي إليه؛ لضمان الحصول على سعرات حرارية كافية للبقاء على قيد الحياة. وهذه الرغبة الفطرية كانت ضرورية لبقاء أسلافنا على قيد الحياة في بيئات كانت فيها مصادر الغذاء غير مضمونة.

ونوهت الباحثة بإشارة الأمان؛ لأن الحلاوة غالبًا ما ترتبط بالأطعمة غير السامة في الطبيعة، مثل الفواكه الناضجة. وفي المقابل، الطعم المر غالبًا ما يشير إلى وجود سموم، هذا الارتباط بين الحلاوة والأمان ساعد أسلافنا على تجنب الأطعمة الضارة واختيار الأطعمة التي توفر الطاقة اللازمة للبقاء.

حاسة التذوق والاستقبال الحسي

وذكرت دعاء بشأن مستقبلات التذوق الحلو أن لدينا مستقبلات تذوق خاصة في الفم واللسان تستجيب لجزيئات السكر. عندما يرتبط السكر بهذه المستقبلات، ترسل إشارات عصبية إلى مناطق معينة في الدماغ مسؤولة عن إدراك الطعم، هذه المستقبلات حساسة جدًّا، ويمكنها اكتشاف حتى كميات صغيرة من السكر؛ مما يجعلنا نفضل الأطعمة الحلوة.

وتابعت الباحثة: الدماغ يقول “هذا جيد”، هناك أيضًا مستقبلات للطعم الحلو في الأمعاء. عندما نتناول أطعمة حلوة ويرتفع سكر الدم، يرسل الدماغ إشارات مفادها “هذا جيد، يعجبني هذا، استمر في فعله”. هذه الإشارات تشجعنا على تناول المزيد من الأطعمة الحلوة؛ مما يضمن حصولنا على الطاقة اللازمة.

نظام المكافأة في الدماغ والإدمان الغذائي

ولفتت دعاء إلى إطلاق الدوبامين؛ حيث إن تناول السكر يحفز إطلاق الدوبامين، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا رئيسيًّا في نظام المكافأة في الدماغ، وهو نفس النظام الذي ينشط عند تناول المخدرات أو ممارسة سلوكيات ممتعة أخرى. هذا الإطلاق للدوبامين يخلق شعورًا بالمتعة والرضا؛ مما يجعلنا نرغب في تكرار التجربة. نظام المكافأة هذا هو الذي يجعلنا نشعر بالسعادة عند تناول الأطعمة الحلوة، ويشجعنا على البحث عنها مرة أخرى.

وقالت الباحثة إن تأثير السكر يشبه المخدرات؛ حيث يشير بعض الأبحاث إلى أن السكر يمكن أن ينتج تأثيرات في الدماغ مشابهة لتلك التي تحدثها المخدرات، مثل الرغبة الشديدة، وفقدان السيطرة على الكمية المتناولة، وحتى أعراض الانسحاب عند التوقف عن تناوله، هذه التأثيرات يمكن أن تجعل من الصعب على بعض الأشخاص التحكم في استهلاكهم للسكر؛ مما يؤدي إلى دورة من الإفراط في التناول.

واستطردت دعاء: تكيُّف الدماغ وزيادة التحمل مع الاستهلاك المنتظم لكميات كبيرة من السكر، قد يتكيف الدماغ ويقل عدد مستقبلات الدوبامين أو تقل حساسيتها. هذا يعني أننا قد نحتاج إلى كميات أكبر من السكر للحصول على نفس الشعور بالمتعة، وهي آلية مماثلة لما يحدث في الإدمان. هذا التكيف يمكن أن يؤدي إلى زيادة استهلاك السكر؛ مما يزيد من مخاطر المشكلات الصحية.

ونوهت الباحثة بأنه بارتباطات مكتسبة بالإضافة إلى الاستجابة الفطرية، نطور أيضًا ارتباطات مكتسبة مع الأطعمة الحلوة. على سبيل المثال، قد نربط تناول الحلوى بمناسبات سعيدة أو الراحة العاطفية؛ مما يزيد من رغبتنا فيها، هذه الارتباطات يمكن أن تجعل من الصعب مقاومة الرغبة في تناول الأطعمة الحلوة، حتى عندما نكون على علم بمخاطرها الصحية.

عوامل أخرى تسهم في حبنا للسكر

– ارتفاع السعرات الحرارية: تاريخيًا، حسب الدراسة، كانت الأطعمة الحلوة غالبًا ما تكون غنية بالسعرات الحرارية، وهو أمر مرغوب فيه عندما كانت مصادر الغذاء شحيحة. لا يزال دماغنا يبحث عن “أكبر فائدة مقابل أقل جهد” من الناحية الغذائية. هذه الرغبة في الحصول على أكبر قدر من الطاقة بأقل جهد ممكن يمكن أن تجعلنا نفضل الأطعمة الحلوة الغنية بالسعرات الحرارية.

– تأثيرها على الحالة المزاجية: يمكن أن يؤدي تناول السكر إلى إطلاق السيروتونين، وهو ناقل عصبي آخر مرتبط بالشعور بالسعادة والرفاهية، على المدى القصير. ومع ذلك، فإن هذا التأثير غالبًا ما يتبعه انخفاض في مستويات السكر في الدم وتقلبات مزاجية. هذا التقلبات يمكن أن تجعلنا نشعر بالحاجة إلى تناول المزيد من السكر لتحسين حالتنا المزاجية؛ مما يؤدي إلى دورة من الإفراط في التناول.

– صناعة الأغذية: تدرك شركات الأغذية هذه الآليات البيولوجية والنفسية وتقوم بصياغة المنتجات بكميات كبيرة من السكر والدهون والملح؛ لخلق ما يسمى بالأطعمة “المستساغة جدًّا” التي تثير الرغبة الشديدة. هذه الأطعمة مصممة لتكون لذيذة جدًّا، مما يجعل من الصعب مقاومة الرغبة في تناولها. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة استهلاك السكر؛ مما يزيد من مخاطر المشكلات الصحية.

واستخلصت الباحثة دراستها العلمية قائلةً: إن حبنا للسكر هو نتيجة لتطورنا، وحاسة التذوق لدينا المصممة للتعرف على مصادر الطاقة، ونظام المكافأة القوي في الدماغ الذي يكافئنا على تناول الأطعمة الحلوة، في حين أن السكر ضروري لتزويد خلايانا بالطاقة؛ فإن الاستهلاك المفرط له في العصر الحديث، حيث تتوفر الأطعمة الحلوة بكثرة، يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية والإسهام في دورة من الرغبة الشديدة التي تشبه الإدمان لدى بعض الأفراد، فهم هذه الآليات هو الخطوة الأولى نحو اتخاذ خيارات غذائية أكثر وعيًا والتحكم في استهلاكنا للسكر، فمن خلال فهم الأسباب الكامنة وراء حبنا للسكر، يمكننا اتخاذ خطوات نحو تناول غذاء أكثر صحة والتحكم في استهلاكنا للسكر.

اقرأ أيضًا:

“الإسكان” تُغلق باب التقديم اليوم.. تفاصيل وأسعار شقق “سكن لكل المصريين 7”

تحسن نسبي.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس حتى الأحد المقبل

تنسيق الجامعات 2025| 5 معلومات مهمة عن “هندسة حلوان” وبرامجها المتميزة