النمو الاقتصادي في المغرب يولد فرص عمل أقل مما كان عليه في السابق.

النمو الاقتصادي في المغرب يولد فرص عمل أقل مما كان عليه في السابق.

في مفارقة اقتصادية سلبية، لا تعكس المجهود الاستثماري الذي بذله المغرب منذ بداية الألفية، حيث يخصص له حوالي 30 في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط عالمي قدره 25.2 في المئة، لا يساهم ذلك في تسريع النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل بالشكل الكافي خلال السنوات الأخيرة، كما كان الشأن خلال العقد الأول من الألفية.

ذلك ما أكده مدير الدراسات الاقتصادية ببنك المغرب، محمد التعموتي، اليوم الأربعاء بمجلس المستشارين، مشيراً إلى أن السنوات الأخيرة اتسمت خارجيا بتوترات جيوسياسية قوية، وداخليا بتوالي مواسم الجفاف، مما أدى إلى تراجع مردودية الاستثمار في خلق نقاط مئوية إضافية من النمو.

ووفقا للمتحدث ذاته بلغت هذه المردودية 9.8 في المئة في المتوسط بين سنتي 2000 و2024 مقابل 4.8 في المئة في الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض التي ينتمي إليها المغرب و6.1% كمعدل عالمي.

وبالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، شهد محتوى النمو من التشغيل تراجعا حيث أصبحت كل نقطة نمو تخلق 21.000 فرصة عمل بين عامي 2010 و2019 عوض 30.000 ما بين 2000 و2009، وكانت النتيجة زيادة في معدل البطالة خلال السنوات الأخيرة. 

وتابع التعموتي تشريحه لواقع البطالة في المغرب قائلاً إنه “من الواضح أن الظروف المناخية غير المواتية بشكل متزايد ساهمت إلى حد كبير في هذه التطورات، مع خسارات هامة في فرص الشغل الفلاحية وعدم كفاية فرص شغل محددة في القطاعات الأخرى لاستيعاب القوى العاملة المتاحة في الفلاحة”.

ومع ذلك بشر المسؤول ببنك المغرب بـ”أنه يجب الإشارة إلى أن هذه الوضعية تعرف تغيرا بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، حسب المعطيات المتعلقة بالفصلين الأخيرين، الفصل الأول من سنة 2025 والفصل الأخير من سنة 2024″. 

واعتبر المتحدث أن تعزيز الاستثمار وتسريع النمو والتشغيل تشكل تحديا كبيرا يتعين تهيئة شروط لازمة لتطويرها، تتمثل أولاً في تعزيز الاستثمار في الاستقرار السياسي والماكرو اقتصادي؛ “وفي هذا الصدد نجحت بلادنا في ترسيخ مكانتها كدولة مستقرة وكشريك موثوق، مع إطار ماكرو اقتصادي تحرص من خلاله السلطات على الحفاظ على التوازنات المالية والخارجية وعلى معدلات تضخم منخفضة إلى معتدلة”.

وأورد أنه “من جهة أخرى يتعين على السلطات أن تواصل العمل على تحسين مناخ الأعمال، وفي هذا الصدد فإن الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تم تعزيزها من خلال ميثاق الاستثمار الجديد تعد توجها حكيما.

وقال إن التحدي الأكبر يتمثل اليوم في جعل القطاع الخاص يتولى زمام المبادرة، ويساهم بشكل فعال في الاستثمار والنمو وخلق فرص شغل والتخفيف بالتالي من حيث الضغط على الموارد العمومية، مستعرضا العوائق التي تحول دون ذلك وفي مقدمتها وضع النسيج الإنتاجي الذي يظل هشا ويواجه صعوبات عدة. 

ومن جملة هذه العقبات “المنافسة غير المشروعة من طرف القطاع غير المهيكل بحيث صرحت حوالي 22% من الشركات سنة 2023 بأن هذا القطاع يمثل العائق الأساسي مقارنة بـ9.1% سنة 2019″، وأضاف “أما فيما يتعلق بالولوج إلى التمويل فإن المقاولات تشيره إليه باعتباره عائقا قائما أمام تطورها ولكن بشدة متناقصة تدريجيا”. 

وقال إن استطلاعات التطور المشار إليها سابقات تبين أنه لم يتم ذكر هذا العائق إلا من قبل 2.5% من أرباب المقاولات في عام 2023، مقارنة ب 4.3% عام 2019 و9.8% عام 2018.