عوامل تعيق استقرار الاقتصاد الوطني بعيدًا عن الأمطار من خلال الصناعة

أمام تعاقب سنوات الجفاف وما يفضي إليه ذلك من تراجع القيمة المضافة الفلاحية، وبالتالي انخفاض النمو الاقتصادي الوطني، لم يعد تنويع الاقتصاد المغربي خياراً للمغرب بل ضرورة ملحة؛ وفي هذا الصدد أطلق المغرب مجموعة من المبادرات ساهمت في تطوير صناعات معينة، غير أن هذا النمو الصناعي ما زال عاجزاً عن فك ارتهان الاقتصاد المغربي بغيث السماء.
ويرى الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة، أن المسألة الصناعية بالمغرب ما زال فيها نقاش، مشيراً إلى أن المغرب مازال يفتقر إلى المناطق الصناعية والمناطق الحرة لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع الصناعي.
وسرد رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية في برنامج “تنوير21” الذي بث على قناة “مدار21″، الاستراتيجيات الصناعية التي اعتمدها المغرب منذ 2004 بدءا من استراتيجية الإقلاع الصناعي؛ والتي كانت بحسبه “حماسية ولها أهداف مهمة تروم رفع مُساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام، لكننا بعد سنوات لم نصل إلى الأهداف المسطرة”.
“ثم جاءت استراتيجية ثانية وثالثة ورابعة، وخلال تقلد مولاي حفيظ العلمي حقيبة الصناعة والتجارة سطر مجموعة من الأهداف التي لم تنفذ على أرض الواقع بدورها” يقول الفينة مضيفاً؛ “الخلاصة هي أن المغرب يفتقر لاستراتيجية صناعية، والقطاع الصناعي يتطور من تلقاء نفسه فحسب”.
ولفت إلى أن بعض فروع القطاع استفادت من مساهمة الدولة، من بينها قطاع صناعة السيارات وتطوره بطنجة والقنيطرة والدار البيضاء؛ حيث كانت إرادة قوية للدولة وأحيانا تدخل الملك محمد السادس شخصياً”.
وأوصى الفينة لتدارك الموقف بزيادة عدد المناطق الصناعية قائلا إن عرض المغرب من المناطق الصناعية ما زال هزيلا، وأن عددا كبيرا من المدن المغربية ليس بها مناطق صناعية.
ومن جهة ثانية، لاحظ الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي أن حصيلة ميثاق الاستثمار والمراكز الجهوية للاستثمار التي أحدثت منذ سنة 2022 ضعيفة و”لا تحتوي على عمق اقتصادي؛ فالميثاق صاغه تقنيون لا اقتصاديون”.
وقال الفينة إن تطوير القطاع الصناعي ليس بالأمر العسير، لافتا إلى تجربة الصين التي كانت إلى غاية متم القرن الماضي تصنف من بين الاقتصادات النامية، وهي الآن من أقوى الدول الصناعية، لأنها راهنت على “تأهيل اليد العاملة وعلى سياسة الإعفاءات الضريبية، وجلب الاستثمارات الخارجية”.
“جلب الاستثمارات الخارجية أمر حاسم، إذ لا يمكن للقطاع الصناعي الوطني أن يتطور بالرساميل المغربية؛ أولا لأن الرأسمال المغربي ما زال ضعيفاً، وثانياً لأن النسيج المقاولاتي المغربي لا يجازف بالاستثمار في الصناعة”.
ومضى يقول “النسيج المقاولاتي بالمغرب لا يواكب التطلعات الوطنية في مجال الصناعة، وهو يفضل الاستثمار في قطاعات أقل خطورة كالعقار والفلاحة وحتى الاستثمارات الصناعية لا تتجاوز في كثير من الأحيان الاستيراد والتصدير… ولذلك من الضروري العمل على جلب الاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الصناعة”.
ولاحظ أن المغرب لم يتمكن من جلب رؤوس أموال أجنبية تطور الصناعة الوطنية وتضطلع بهيكلة الاقتصاد الوطني؛ “بالكاد وصلنا إلى 3 ملايير دولار بصعوبة بالغة، بينما هناك دول متوسطية أصغر من المغرب تستقطب 30 مليار دولار سنويا؛ فإذا نجح المغرب في جلب رقم كهذا فسيصبح قوة اقتصادية”.
وخلص إلى أن المغرب لم يستفد من اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمها مع عدد من البلدان المتقدمة على غرار الولايات المتحدة الأمريكية في جلب الاستثمارات الخارجية، على الرغم من أن موقعه الاستراتيجي هو الأفضل على الإطلاق ويخدمه كثيراً في هذا المجال.