جيل الرسائل النصية يزيد من عزلته وخبير يحذر من العلاقات التي تُبنى على النصوص

يفضل الشباب اليوم الرسائل النصية بدل المكالمات الهاتفية، وهو ما يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية، لا سيّما أن أغلبهم يعيشون بعيدًا عن عائلاتهم.
وأظهرت دراسة أجريت عام 2019 في المملكة المتحدة أن ما يقرب من 80% من جيل الألفية يشعرون بالقلق عندما ترنّ هواتفهم المحمولة، وذلك مقابل 40% فقط من الأجيال التي تسبقهم.
ويرى بعض الشباب أن الرسائل النصية تمنحهم راحة نفسية لأنها لا تلزمهم بالرد الفوري، وتجنبهم المواقف المحرجة أو الارتباك في الكلام.
لكن هذه الظاهرة، وفق خبراء، قد تؤدي إلى عزلة عاطفية، حيث تصبح العلاقات سطحية، ويصعب التعبير الحقيقي عن المشاعر من خلال كلمات مكتوبة فقط.
وفي هذا الصدد، أكد عادل الحسني، أخصائي الإدماج الاجتماعي واستشاري علم النفس الاجتماعي، في تصريح لجريدة “مدار21” أن “السياق المغربي الجديد، كما في كثير من المجتمعات، يتجه الجيل الذي ينهي الربع الأول من هذا القرن إلى تفادي المكالمات الهاتفية وتفضيل الرسائل النصية”.
وأشار إلى أن هذا التحول يرتبط بالتكنولوجيا ويعكس أيضا تحولا عميقا في علاقة الأفراد بالآخر وبأنفسهم، إذ تقتضي المكالمة الهاتفية، بطبيعتها، حضورا فوريا، واستعدادا للاستجابة في الزمن الحقيقي، وقدرة على ارتجال الموقف، وهذا ما بات يشكل ضغطا على الكثيرين بسبب “الكسل” أو الارتياح الذي توفره تطبيقات النصوص في الهاتف، يضيف الحسني.
ويرى المتحدث أن الجيل الجديد “شبع من ثقافة التهيؤ المسبق وتدبير الصورة الشخصية، ويرى في الرسائل النصية وسيلة تتيح التحكم في الذات قبل أن تُرى، وتأجيل الرد حتى يكون مدروسا، أي متحكما فيه”.
وأوضح في تصريحه، أن هذا السلوك “حين يتراكم دون تنوع، يشكل هشاشة في تحمل الموقف الحي، المباشر، بكل ما فيه من تردد، صوت، خجل، أو تلعثم، فالمكالمة تكشف، أما الرسالة فتقدم الصورة المتحكم فيها”.
وفي السياق ذاته أكد الاستشاري النفسي أن “النتائج خطرة، فحين تصبح العلاقات مبنية على النصوص المؤجلة، تفقد العلاقة شيئا من دفئها الفوري، من عفويتها، ومن القدرة على بناء الثقة من خلال الإيقاع الحي للصوت والحضور، ومع بعد الأهل، وغياب اللقاءات، وتقلص المكالمات، تصبح الوحدة أكثر ضراوة”.
واعتبر الحسني أن “هذه الظاهرة لا تعني أن الرسائل مدمّرة، ولكن الاعتماد الكلي عليها، ورفض المكالمة كوسيط تفاعلي، يساهم في إنتاج جيل يتقن التدوين ويخشى المواجهة، يحسن التعبير ويخسر التماس”.
وحسب الأخصائي “فالرسالة ليست بديلاً عن الصوت، هي أحد أوجهه، وإذا ضاع الصوت ضاع كثير مما يجعلنا بشرا من ارتباك وتنفس وحتى ذلك الصمت بين الجمل”.