ارتفاع ثقة المغاربة في الديمقراطية إلى 73% خلال فترة ولاية “حكومة أخنوش”

أظهرت نتائج الدورة الثامنة من استطلاع الباروميتر العربي (2023-2024) أن ثقة المواطنين المغاربة في الديمقراطية تتعزز بشكل لافت، لكن بنظرة نقدية تتجاوز الشعارات والإجراءات الشكلية، إذ كشف الاستطلاع، الذي شمل أكثر من 15 ألف مقابلة وجها لوجه في ثماني دول بالمنطقة، أن 73% من المغاربة يعتبرون الديمقراطية النظام الأفضل، وهي نسبة تُسجّل ارتفاعًا ملحوظًا بمقدار 19 نقطة مئوية مقارنة باستطلاع عام 2021.
ولا يقتصر هذا الارتفاع على التفضيل العام للديمقراطية، بل يشمل أيضًا ما يُعرف بـ”الالتزام الحصري”، أي الاعتقاد بأن الديمقراطية هي النظام الوحيد الصالح. إذ ارتفعت نسبة من يتبنون هذا الموقف في المغرب بـ16 نقطة مئوية خلال الفترة ذاتها، ما يُشير إلى تحوّل نوعي في الوعي السياسي، وارتفاع سقف التوقعات الشعبية من الأنظمة السياسية.
لكن هذا التأييد الواسع لا يعني غياب الهواجس. فحسب نفس الاستطلاع، يرى 41% من المغاربة أن النظم غير الديمقراطية قد تكون أفضل، وهي نسبة لا يمكن إغفالها، إذ تعكس وجود شكوك مستمرة في قدرة الديمقراطية على تحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي. كما لم تسجل آراء المواطنين حول قدرة النظام الديمقراطي على ضمان الأمن تحسّنًا يُذكر مقارنة باستطلاع 2021-2022، ما يعني استمرار تخوفات مرتبطة بالأمان الشخصي.
في المقابل، سجّل المغرب تحسنًا في بعض المؤشرات المرتبطة بنظرة الناس لأداء الديمقراطية، وتراجعت نسبة من يربطونها بضعف الأداء الاقتصادي بـ7 نقاط مئوية، وتراجعت نسبة من يعتبرونها نظامًا غير حاسم في اتخاذ القرارات بـ5 نقاط مئوية، وهي إشارات إيجابية على استعادة بعض الثقة في فعالية هذا النموذج رغم تحديات الواقع.
وتُظهر النتائج أن المغاربة، شأنهم شأن باقي شعوب المنطقة، لا ينظرون إلى الديمقراطية باعتبارها مسألة إجراءات انتخابية فقط، بل يربطونها بالنتائج الملموسة: العدالة، الكرامة، توفير الخدمات، وضمان الحريات. ويُعدّ هذا التحوّل في تعريف الديمقراطية – من النموذج الإجرائي إلى النموذج القائم على الأداء – أحد أبرز خلاصات استطلاع الباروميتر العربي.
وعبر باقي الدول المشمولة بالاستطلاع، حافظت الديمقراطية على موقعها كنظام مفضل للحكم، إذ عبّر 73% على الأقل من المستجوبين في كل دولة عن تأييدهم لها. وتصدرت الكويت القائمة بنسبة 85%، تليها الأردن (84%)، ثم تونس (79%)، وموريتانيا (77%). أما في فلسطين ولبنان والعراق، وبلغت النسبة 74%، وهي قريبة من النسبة المسجلة في المغرب (73%).
وشهدت بعض الدول الأخرى زيادات في مستوى الدعم للديمقراطية، مثل الأردن وتونس (+7 نقاط مئوية لكل منهما)، والعراق (+6 نقاط مئوية). بالمقابل، سجّل لبنان تراجعًا لافتًا في هذا الدعم بـ7 نقاط مئوية، كما تراجعت نسبة من يرون الديمقراطية النظام الوحيد الصالح فيه بـ5 نقاط.
وفي ما يخص التشكيك في قدرة الديمقراطية على تحقيق نتائج فعالة، جاءت العراق وتونس في صدارة الدول التي يرى مواطنوها أن الديمقراطية مرتبطة بضعف الأداء الاقتصادي (76% و73% على التوالي)، تليهما فلسطين (58%)، ولبنان (53%)، والأردن (50%). لكن المؤشر تراجع في عدد من الدول مقارنة باستطلاع 2022، ومنها المغرب (-7 نقاط مئوية)، موريتانيا (-12)، والكويت (-10).
أما بالنسبة للرأي القائل بأن الديمقراطية “غير حاسمة”، فقد بلغ أعلى مستوياته في العراق (76%) وتونس (73%)، في حين تراجعت نسب تبني هذا الرأي في كل من المغرب (-5 نقاط مئوية)، والكويت (-10)، ولبنان (-7)، وموريتانيا (-7).
كما عبّر العديد من المشاركين عن تخوفهم من أن النظم الديمقراطية قد تفشل في ضمان الأمن، وهو رأي تراجع في بعض الدول مثل لبنان (-7 نقاط مئوية)، والكويت (-6)، وموريتانيا (-5)، لكنه بقي مستقرًا في المغرب والأردن، وسجّل ارتفاعًا طفيفًا في العراق وفلسطين (+4 نقاط في كل منهما).
في المقابل، عبّر أغلب المستجوبين في الدول الثمانية عن تشككهم في فعالية النظم غير الديمقراطية، خاصة في ما يخص الأداء الاقتصادي. وكانت أعلى نسب هذا التوجه في العراق (73%)، والأردن (72%)، وتونس (71%). كما أجمعت الأغلبية في جميع الدول على أن هذه الأنظمة غير حاسمة في الحكم، ومرتبطة بسوء الإدارة وانعدام الأمن، خاصة في الأردن (74%) والعراق (72%).
ورغم ذلك، عبّر عدد من المواطنين في بعض الدول عن تفضيلهم للنظم غير الديمقراطية، خاصة في السياقات التي تعاني من أزمات حادة. ففي العراق، قال 66% من المستجوبين إنهم يرون أن النظام غير الديمقراطي قد يكون أفضل، تليها تونس (58%)، وفلسطين (54%)، ولبنان (46%)، فيما بلغت النسبة 41% في المغرب، و42% في الأردن.