تقرير يعبر عن انتقاده لافتقار الشفافية في إصلاح نظام التقاعد وينبه إلى مخاطر تحميل الأعباء على العاملين.

تقرير يعبر عن انتقاده لافتقار الشفافية في إصلاح نظام التقاعد وينبه إلى مخاطر تحميل الأعباء على العاملين.

أبرز تقرير لمرصد العمل الحكومي ومركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، مقترحات الحكومة الرامية إلى توحيد الأنظمة ورفع سن التقاعد وزيادة الاشتراكات. ورغم الإشادة بمقاربة الحكومة التشاركية ضمن الحوار الاجتماعي، انتقد التقرير غياب الشفافية بشأن الدراسة الاكتوارية، وتحميل الأجراء كلفة الإصلاح دون تحمل الدولة لمسؤوليتها عن الاختلالات البنيوية السابقة. كما دعا التقرير إلى إصلاح تدريجي وشامل، وتحسين مردودية الاستثمارات، واعتماد قانون إطار ملزم لتأمين استدامة أنظمة التقاعد.

وجاء في التقرير حول صناديق التقاعد في المغرب الواقع والتحديات، أن الهيكلة المقترحة من خلال الدراسة التي قدمتها الحكومة خلال جلسات الحوار الاجتماعي قدمت “مجموعة من المتغيرات، أبرزها “اعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور بكل من القطب العمومي والقطب الخاص، فضلا عن اعتماد معاش تكميلي إجباري وآخر إضافي للقادرين عليه، وإلغاء النسبة المئوية وتعويضها بالنقط فضلا عن إلغاء اعتماد أجر السنوات الثماني الأخيرة كقاعدة لاحتساب المعاش، واحتساب المعاش على أساس طول مدة العمل”.

وبسط مرصد العمل الحكومي ملاحظات حول سيناريو إصلاح أنظمة التقاعد، مسجلا بإيجابية المقاربة المعتمدة من طرف الحكومة فيما يتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد، من خلال جعلها ضمن اجندة الحوار الاجتماعي وتضمينها في اتفاق 30 ابريل 2022، واشراك الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين في اتخاذ القرار، و إيجابية التحديد الزمني المتبع لإصلاح أنظمة التقاعد بما تقتضيه استعجالية إيجاد الحل الشامل للملف، إلى جانب إيجابية التصور القاضي بإحداث قطبين الأنظمة التقاعد قطب عمومي وقطب خاص، مع توحيد أنظمة احتساب التعويض في افق الدمج النهائي للنظامين.

واستدرك المرصد بتأكيد رفضه ” التستر غير المبرر للحكومة على نتائج الدراسة الاكتوارية المنجزة من طرف مكتب الدراسات حول إصلاح أنظمة التقاعد، والدفع بإلزام الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالحفاظ على سرية المقترحات، في تعارض تام مع طبيعة الملف المجتمعية”، منتقدا ” ضعف النظام الأساسي المعتمد لاحتساب عتبة تعويضات التقاعد والاقتراح غير المفهوم بشأن التقاعد التكميلي وإجباريته بالنسبة لبعض الفئات والجهة المكلفة بإدارته والاشراف عليه”.

ورفض تقرير المرصد ” التجاوز غير المبرر للتحليل المقدم من طرف الحكومة للمسببات الحقيقية للازمة ومن بينها الامتناع الطويل للدولة عن تأدية مستحقاتها للصناديق التقاعد ما تسبب في عجز بنيوي في احتياطاتها وسرع بعجزها التقني “، و”التجاوز غير المبرر لإشكالية الديون المستحقة لنظام المعاشات العسكرية والمقدرة ب 7 ملايير درهم لفائدة الصندوق المغربي للتقاعد “.

وانتقد التقرير عدم تضمين المقترحات المقدمة من طرف الحكومة لأي رؤية فيما يتعلق بتحسين مردودية الاستثمارات الخاصة باحتياطات صناديق التقاعد وتحسين فعاليتها وتقييم أوجه اعتمادها وتوظيفها، والتنصل من المسؤولية والتجاوز غير المبرر للتدبير الكارثي لصناديق التقاعد والهدر الكبير الذي عرفته ماليتها واحتياطاتها رغم صدور عدة تقارير في هذا الشأن.

ويرى المرصد أن الحكومة تعتمد على مقاربة إصلاحية ذات اتجاه واحد بإجراءات ثلاثية (رفع سن التقاعد، خفض تعويضات التقاعد، الرفع من قيمة الاشتراكات) تقع مسؤولية وأثر تنفيذها بشكل كلي على الأجراء، دون تحمل الدولة لمسؤوليتها فيما يتعلق بالاختلالات البنيوية التي تسببت فيها طيلة عقود من الزمن .

وأشار المرصد إلى “غياب أي بعد تواصلي لدى الحكومة فيما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد، و حصر النقاش داخل جلسات الحوار الاجتماعي، في تغييب غير مبرر للنقاش المجتمعي بخصوص هذا الملف الاستراتيجي والمصيري لفئات واسعة من المجتمع المغربي”.

وأوصى مرصد العمل الحكومي بضرورة تحمل الدولة لمسؤوليتها عن عدم تسديدها لأقساطها عن الفترة المعتدة من 1959 إلى 1997 وما خلفه من هدر أثر على مردوديتها بما يقدر بأكثر من 25 مليار درهم، داعيا إلى ضرورة اعتماد اصلاح تدريجي وفق أجندة إصلاح متوسطة المدى لا تقل عن 10 سنوات من أجل تنزيل إصلاح شامل و مستدام.

ولفت المرصد إلى ضرورة  إعادة النظر في القوانين المنظمة لتدبير احتياطات صناديق التقاعد بما يزيد من مردودية استثماراتها بما لا تقل عن 8 أو 9% سنويا ، ويحسن من مساهمتها في تمويل الاقتصاد الوطني، داعيا إلى  حذف استثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تدبير أمواله الاحتياطية، بما يمكنه من الرفع من مردوديتها ويعالج إشكالية العجز ويزيد من أمد استدامة احتياطاته”.

وأكد ضرورة اعتماد توجهات إصلاحية شاملة ومتزامنة لكل من أنظمة التقاعد، صندوق المقاصة وكذلك النظام الضريبي، خصوصا المتعلق بالضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء والموظفين وكذلك تحسين التعريفة الوطنية المرجعية، بما يضمن عدم تأثير الإصلاح على القدرة الشرائية للمتقاعدي، مع  ضرورة إعفاء الأجراء والموظفين الذين يفوق سنهم 55 سنة من كل أثر الإصلاح مرتقب، مع تغليب الكفة نحو الفئات العمرية الشابة.

وشدد المرصد ضرورة وضع حد أدنى لمعاش التقاعد لا يقل عن 1800 درهم للحفاظ على القدرة الشرائية على الطبقة الشغيلة من ذوي الدخل المحدود، وضرورة الرفع النسبي من سقف النظام الأساسي لاحتساب التعويض عن التقاعد المقترح، بما يتوافق والقدرة الأجرية للأجراء، والعمل على توفير جسور الانتقال بين أنظمة التقاعد العام والخاص من أجل تسهيل حركية السكان النشيطين داخل سوق الشغل من القطاع العام إلى القطاع الخاص أو في الاتجاه المعاكس، والعمل على تقليص هدر زمن تنزيل الإصلاح في أفق 2024 على أبعد تقدير.

وأشار إلى أهمية  العمل على تنزيل نص تشريعي، قانون إطار يوضح خارطة الطريق الإصلاح أنظمة التقاعد، يأخذ طابع الإلزامية للجميع أفراد ومقاولات وقطاعات حكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية ومهن حرة …، والعمل على من إجراء ضريبي تضامني، يخصص لتمويل ورش الحماية الاجتماعية بشكل عامل و أنظمة التقاعد بشكل خاص.