إهمال دار الأيتام في فاس يكشف عن أزمة مقلقة وخبير يحذر من العواقب.

انتشر بحر الأسبوع الجاري مقطع فيديو من داخل دار للأيتام بمدينة فاس، يوثق ظروفا مزرية يعيشها الأطفال داخل المؤسسة، ما أثار موجة واسعة من الغضب والاستنكار على مواقع التواصل، وفتح النقاش حول غياب الرقابة على مثل هذه المؤسسات.
ويظهر الفيديو أواني متسخة، وبقايا طعام متناثرة، وجدران في حالة يُرثى لها، إلى جانب مراحيض تفتقر لأبسط شروط النظافة، في مشهد يعكس غيابا تاما للمتابعة الصحية والمراقبة الإدارية.
وكشف الفيديو حجم الإهمال وسوء التغذية داخل مؤسسات يفترض أن تكون ملاذا آمنا للأطفال فاقدي السند، لا مصدر خطر يهدد صحتهم الجسدية.
وفي هذا السياق، أشار هاني الحراق، خبير بمجال الرعاية الاجتماعية ومنسق الهيئة الاستشارية لقضايا الشباب والطفولة بمجلس جهة الدار البيضاء سطات، في تصريح لجريدة “مدار21 “، إلى أنه سبق وزار هذه المؤسسة، ومؤسسات أخرى توجد في فاس ونواحيها “وما يمكن قوله هو أنه فعلا هناك ظروف صعبة يعيشها النزلاء داخل المؤسسات الرعاية الاجتماعية بفاس”.
وأكد الخبير أن هذه الظروف “تتحمل مسؤوليتها الوزارة، والفاعلون، والقطاعات العمومية، والشركة، والسلطة المحلية”، مبرزا أن هناك “مشاكل في التدبير، وفي الحكامة، والتسيير، والعامل الأساسي هو الصراعات السياسية بين الجمعيات وبين مختلف المتدخلين في مجال حماية الطفولة في مدينة فاس، ويبقى الطفل هو الضحية الأولى”.
وأوضح أن “هناك خصاص مهول في الموارد البشرية التي يمكنها تأطير هؤلاء الأطفال ومواكبتهم، إضافة إلى أن هذه المؤسسات تتخبط في العشوائية بصفة كبيرة جدا”.
وأضاف في معرض حديثة للجريدة بأن “الجمعية يتم استبدالها أكثر من مرة، كل مرة تأتي جمعية، كل مرة يأتي رئيس، والمؤسسة بدورها تتغير، وهذا الأمر يهدد استقرار مؤسسات الرعاية الاجتماعية”.
وتابع في تصريحه “لا يوجد أي استقرار، لا على مستوى الحكامة، ولا على مستوى التدبير، ولا حتى على مستوى الجمعية التي من المفترض أن تتولى زمام الأمور وتضع استراتيجية حقيقية قادرة على تدبير وتسيير المؤسسة بشكل فعال”.
وحسب الحراق فهذا الوضع يؤثر سلبا على الأطفال، موضحا “عندما تترك الأطفال في فضاء لا يوجد فيه أبسط الحقوق وأبسط إمكانيات العيش فهذا سيؤثر سلبا على نفسيتهم، وقد يولد لنا أطفال بسلوك عنيف”.
في المقابل، شدد hgخبير بمجال الرعاية الاجتماعي على أن حالة المؤسسة “يتحمل أولئك الأطفال أنفسهم جزءا منها، إذ يعمدون إلى تخريب الجدران والأبواب ومرافق أخرى”، لكنه يرى في ذلك نوعا من الاحتجاج الصامت، وكأنهم يقولون: “نحن هنا”، فذلك الكسر وتلك الفوضى، ليست سوى ردة فعل تعبر عن صرخة غير مسموعة، يضيف المتحدث.
ودق الحراق ناقوس الخطر “ليس فقط بمدينة فاس وإنما في جميع المؤسسات على المستوى الوطني”، مطالبا بـ”إعادة النظر في دور رعاية الأطفال، وتعزيز المراقبة وتجويد التسيير والتدبير، وتغيير الجمعيات التي لا تشتغل بأخرى لديها كفاءة وتريد العمل على تحسين الوضع الحالي”.