عبد الخالق كلاب: الأسر المغربية متأثرة بالثقافة العربية، والهوية لا تُحدد من خلال الأيديولوجيا.

أكد عبد الخالق كلاب، الباحث في التاريخي، أن موضوع الهوية الوطنية وفوق الوطنية موضوع ينبغي الحسم فيه معتبراً أنه “من المؤسف أننا في 2025 وما زلنا نطرح سؤال من نحن؟”.
وأشار كلاب، في معرض مداخلته برسم الندوة العلمية لأكاديمية لحسن اليوسي حول “خصائص الهوية المغربية بين التأصيل والتحديث”، أمس الخميس بالرباط، إلى أن المغرب يعيش منذ 95 سنة في ظل العروبة، مضيفا “أستطيع أن أقول إن مجموعة من المشاكل التي نراها في الشارع والاحتقان سببه تسرب هويات فوق وطنية إلى بلدنا”.
وأبرز في مداخلته أن الهوية الوطنية لا تصاغ، إذ يرى أنها “تجليات نلمسها ولا تصاغ وفق الميول الإيديولوجية وكل محاولة لصياغتها ستكون إقصائية”.
واستحضر كلاب في هذا السياق الراحل عباس الجراري الذي كتب مقالا بعنوان “الهوية الوطنية والجهوية” حصر فيه المكونات التي تتشكل بها الهوية، وهي الوطن والدين واللغة والثقافة؛ مؤكدا أن “الهوية لا تتحدد بدين معين، فنحن لدينا مجموعة من الأديان وكلنا مغاربة في إطار مشترك”.
كما اعتبر المتحدث أن الهوية لا تتحدد بالدين ولا يمكن تحديدها باللغة “خاصة وأن الجراري عندما أتى إلى جزئية تحديد الهوية ارتكب خطأ اعتقد الناس من خلاله أن اللغة منحصرة في الهوية بقوله إن اللغة في المغرب هي العربية الفصحى مع ما يعيشها ويغنيها من لغات ولهجات محلية”.
وأضاف كلاب في مداخلته أن “عباس الجراري ومعه كلام العديد من النخبة المثقفة المغربية لا يعتبرون الأمازيغية لغة بل مجموعة من اللهجات لا يربطها رابط، وهذا ما نراه في خرجات المتخصصين حتى في اللسانيات”، مشيرا إلى أن هاته النخبة تضع نفسها في حرج كبير يكشف إيديولوجتها العروبية وزيف خطابها”.
وشدد كلاب على أن “الأمازيغية لم تكن يوما لهجة بل هي لغة بنص الدستور”، مبرزا أن الدستور المغربي يعتبر الأمازيغية لغة رسمية للدولة باعتبارها مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، ولم يقل إن العربية رصيد مشترك بل الأمازيغية هي الرصيد المشترك لجميع المغاربة”.
وحسب الباحث عينه، “لا يمكن أن نأتي بعد سنوات من إقرار الأمازيغية لغة رسمية ونجد الناس يقولون إن الأمازيغية ليست لغة، علما أن حتى الرواية التاريخية تطلعنا أن الأمازيغية لغة وكانت مستعملة في التواصل ومستعملة في التأليف ومستعملة حتى في العبادة وفي الرسائل الدبلوماسية”.
واستدل كلاب بشهادة حسن الوزان (من رواد علم الجغرافيا في الحضارة العربية الإسلامية) في كتاب يقول فيه “إن هذه الشعوب الخمسة المنقسمة إلى مئات السلالات تستعمل لغة واحدة أطلق عليها اسم “أوال أمازيغ”، أي الكلام النبيل بينما يسميها العرب البربرية”.
ويرى المتحدث أن “الهوية هي التي تحددني بالنسبة للآخر، وتميزني عن الآخر، فهي تجليات تميز مجتمعنا وخصوصيته من حيث عاداته وتقاليده ومطبخه.. أما الدين واللغة فلا تحدد الهوية”.
وشدد كلاب على ضرورة “التمعن في ذواتنا وإخراجها من منطقة الراحة، وبعدها سنجد هويتنا التي تميزنا عن الآخر”، مستدركا “لكن هذا صعب لأننا أعوام ونحن في عروبة تامة”. وتابع بالقول: “أنا مغربي أنتمي لأسرة ناطقة بالأمازيغية”، مشيرا إلى أن الأسرة اليوم “معربة وليست عربية ولكن البحث البعيد عن النزوح الإيديولوجي أوصلني لمعرفة أن ما كنا نعتقده في الحقيقة هو فقط وهم”.