أوزين: الثوابت الدينية للمغاربة لا تعيق التقدم، والحداثة أصبحت حاجة ملحّة.

أوزين: الثوابت الدينية للمغاربة لا تعيق التقدم، والحداثة أصبحت حاجة ملحّة.

أكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، أن القيم الروحية والثوابت الدينية للمغاربة لم تكن أبداً عائقاً في وجه الحداثة بل داعمة لها، مشدداً على أن الحزب منذ تأسيسه اختار عدم التوجه نحو نماذج أجنبية والرهان على النموذج المغربي.

واستحضر أوزين، في هذا السياق، رد المغفور له الملك محمد الخامس على طلب حكومة فيشي النازية بتسليم المغاربة من معتنقي الديانة اليهودية، حين قال “ليس عندي رعايا مسلمين ولا يهود ولا مسيحيين، عندي مغاربة”.

واعتبر المتحدث، في معرض مداخلته برسم الندوة العلمية لأكاديمية لحسن اليوسي حول “خصائص الهوية المغربية بين التأصيل والتحديث”، اليوم الخميس بالرباط، أنه بروح الانتماء هذه إلى تامغرابيت، استمر شموخ المغرب في عهد الملك الحسن الثاني وازداد توهجا في عهد الملك محمد السادس.

وتطرق الأمين العام للحزب المنظم إلى العلاقة بين الأصالة الدينية للمغاربة ومتطلبات الحداثة؛ معتبراً أن المملكة المغربية “أرض ضاربة في عمق التاريخ، هي ملتقى للحضارات، وذات جذور راسخة وآفاق مفتوحة، بهوية نسجتها وصقلتها قرون من التراكم الحضاري”.

وتابع “هي مملكة عريقة قائمة على أساس متين: الإسلام المعتدل، المتسامح والمنفتح، إمارة المؤمنين، والمذهب المالكي، والتصوف المتجذر في الروحانية، وممارسة دينية متوازنة”.

وشدد على أن هذه الأصالة الدينية، وعكس ما يذهب إليه البعض، ليست ولم تكن أبدا عائقا أمام الحداثة، بل هي من أقوى دعائمها، ذلك أن الثبات العقائدي، والمرجعية المتمثلة في إمارة المؤمنين، مكنت المغرب من أن يقي نفسه من التطرف والانحراف، وأن يشق طريقه بثقة نحو المستقبل.

غير أنه استطرد بأن هذا الوفاء والارتباط بهذه القيم ليس مرادفا للجمود، ذلك أن “العالم يتغير، والمجتمعات تتحول، وتطلعات شبابنا تتنامى وتكبر وتتغير”، مشيراً إلى أن الحداثة لم تعد ترفا أو حديث الصالونات المخملية، بل أصبحت ضرورة ملحة في مجالات التعليم، والعدالة، والاقتصاد، والثقافة، بل وحتى في تدبير الشأن الديني.

وأوضح أن حزب الحركة الشعبية اختار منذ التأسيس أن يكون ضد استيراد نماذج جاهزة من الخارج، “لأننا نمتلك نموذجنا المغربي الخاص، نموذج يزاوج بين الوفاء لقيمنا المتوارثة، والقدرة على مواجهة تحديات العصر من قبيل المساواة بين المرأة والرجل؛ حرية المعتقد والضمير في إطار ثوابت الأمة؛ ترشيد تدبير الحقل الديني؛ ومحاربة الجهل والفقر وكل أشكال الإقصاء والتهميش.

وفي هذا الإطار، ذكر بانخراط المغرب، في هذا المسار الإصلاحي من خلال إصلاحات جريئة تهم على سبيل المثال لا الحصر: إصلاح الحقل الديني؛ إحداث معاهد لتكوين الأئمة والمرشدات؛ مراجعة مدونة الأسرة؛ ترسيخ التعدد الثقافي واللغوي والإدماج التدريجي للنساء في مهام الوعظ والتأطير الروحي.

وتابع “ومع ذلك، فإن استكمال وتعزيز هذه المكتسبات الطريق،يتطلب منا شجاعة سياسية،وبصيرة تاريخية متقدة، حتى نكون ملتزمين بقيمنا الروحية وحداثيين في اجتهاداتنا، ومغاربة أصلاء ومنفتحين على المستقبل”، مضيفاً “فالمغرب الذي نحلم به، مغرب لا يتعارض فيه الإيمان مع الحرية، ولا تتناقض فيه العقيدة مع الكرامة، ولا تقطع فيه الحداثة صلتنا بذاكرتنا الجماعية”.