مؤسسة المغرب 2030: حكومة كأس العالم

مؤسسة المغرب 2030: حكومة كأس العالم

صادق مجلس الحكومة يوم الخميس العاشر من شهر يوليوز صيف 2025 على القانون 35.25 المنظم لمؤسسة مغرب 2030، مؤسسة أقل ما يمكن أن يقال عنها ( حكومة المونديال ) غير أن الفارق بين مفهوم مؤسسة ومفهوم حكومة، أن المعنى الأول يخضع لقوانين علم الإدارة والمعنى الثاني يخضع لقوانين علم السياسة.

وهذا في العمق يحتاج إلى وقفة تأمل حول برنامج حكومة 2026 التي تلفظ بعض السياسيين بكونها حكومة المونديال، وهل تم سحب الثقة من السياسة في تدبير المونديال لتتولى الإدارة المسؤولية، أم أن الموضوع اتخذ منحا سياديا ليستقر على الثقة في المؤسسة الأكثر أمانا للبرامج التنموية التي ستساير الإعداد لكأس العالم، أم أن السياسة صارت ملاذ من لا ثقة فيهم من حيث تحقيق النتائج، أو الوعود الانتخابية التي تخاطب تطالعات المواطن، ومن ذلك تكون مفزعة باعثة على الخوف من الثقة في تدبير ملف المونديال؟.

هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إجابة، لكن وعلى سبيل الاستئناس بالوقوف على مؤسسة مغرب 2030 يمكن الجزم أن الرجل الأول داخل هرمها، الأستاذ فوزي لقجع سيكون بعيدا عن السياسة في توقعات انضمامه رسميا إلى حزب معين ومن تم قيادته للسباق الانتخابي لتحقيق النتيجة الأولى في الانتخابات التشريعية لسنة 2026، ومن تم قيادة حكومة المونديال لشخصيّته الاعتبارية في عالم كرة القدم المغربية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الفصل التام بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الإدارية.

وباعتبار عمل المؤسسة سيكون مستقلا عن عمل الحكومة، إلا أنه سيلزم الحكومة بمسايرة مشاريعها، وخلق خط موازي لأجندتها السريعة في تلبية التنمية المجالية التي هي المبتغى الأوفر من خطة تنظيم كأس العالم عادة، والمؤسسة كخطوة هي الأقوم في حماية الصيرورة السليمة لمواكبة برنامج المونديال من قبل وفي حينها، ومن بعد تقييم نتائجها.

لكن يبقى أن المشهد السياسي من بعد الإعلان عن المؤسسة، سيعرف نقاشا مفتوحا بين مفهومين، مفهوم التغول الحزبي ومفهوم التشاركية الحزبية من حيث تدبير الانتخابات التشريعية، فأما بالمنطق الأول ستكون الكلمة للتحالف الثلاثي المشكل للحكومة الحالية، والذي صار يعمل بمنطق الحكومة والمعارضة، في ظل غياب معارضة بناءة تتقوى بوضع البدائل المتوافقة مع تطلعات الشعب، وتكتفي بالترافع الصوتي بدل الترافع الاقتراحي في التشريع، وأما بالمنطق الثاني وإن عمدوا على تحقيق مقاربة القاسم الانتخابي كما هو في تطلعات واضعيه، أن تكون الديمقراطية السياسية تشاركية في تدبير العملية الانتخابية، لتضع التوازن بين الأحزاب التي لها امتداد في تاريخ العمل الحكومي، لتكون الحكومة ترجمة حقيقية في الاختلاف على مستوى تدبير المؤسسات والقطاعات المختلفة، وهو ما سيساهم بطريقة مباشرة في إشراك الناخب في الرقابة، خاصة أن الأضواء في عملية الأوراش الكبرى للخمس السنوات القادمة ستكون لمؤسسة مغرب 2030 ولشخص فوزي لقجع والذي لن يتوانى الرأي العام في وصفه داخل الصالونات السياسية وموائد المقاهي بكونه الرئيس الفعلي للحكومة، وهو ما يحيل مباشرة إلى السؤال عن ما جدوى حكومة المونديال في ظل وجود مؤسسة المونديال ؟ وهل حقا حكومة المونديال ستكون كما هو معهود في برامج السياسيين دون تطبيق، إلا من رحم الله تعالى، بكونها حكومة الكفاءات أو حكومة الشماعات تنتهي صلاحيتها تاريخيا بمجرد ذوبانها.

إن مؤسسة مغرب 2030 خطوة ضامنة لاستقرار العملية التنموية، خاصة عندما تكون فاعلة في استقطاب الكفاءات التي تزخر بها بلادنا الكريمة دون بؤس الولاءات، لتعطي ثمار الرهان في تنظيم تظاهرة تنظم الذوق عند العموم، وتعكس النقلة الحضارية في زمن التخلف الأخلاقي.

وأن تكون مفتاح لرفع سقف المنافسة مع الحكومة السياسية، علّها ترقى بالعمل السياسي الذي سيراهن على تجديد الثقة عند الشباب في ممارسة العمل السياسي، وما بين مؤسسة 2030 وحكومة 2026، أن الثقة في المؤسسة ستكون مرتفعة لخضوعها للرقابة السيادية والمتابعة المولوية، وحكومة 2026 المنتخبة التي ستكون محط التقييم الشعبي عن مدى نجاعتها وصيرورتها لمتطلبات ورهانات المرحلة.