هجرة عكسية: 13 ألف مغربي يغادرون إسبانيا خلال 3 أشهر.

شهدت إسبانيا خلال الربع الأول من سنة 2025 مغادرة 13.900 مغربي، وفق بيانات رسمية صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء (INE)، في رقم يجعل من الجنسية المغربية الأكثر مغادرة للبلاد، متقدمة على كولومبيا (13.500) وإسبانيا (10.300).
ورغم أن المغرب لا يزال يُصنَّف ضمن الجنسيات الثلاث الأولى من حيث عدد المهاجرين الوافدين إلى إسبانيا (25.900 مهاجر جديد خلال نفس الفترة)، إلا أن ارتفاع عدد المغادرين يعكس تحولًا في مناخ الاستقبال والاستقرار.
ويأتي إعلان هذا المعطى في سياق اجتماعي وأمني متوتر، خاصة بعد تصاعد أحداث العنف في مدينة توري باتشيكو، الواقعة في إقليم مورسيا شرقي البلاد.
المدينة، التي يُشكّل المهاجرون المغاربة أكثر من ثلثي سكانها، شهدت موجة من الصدامات الخطيرة بين شبان مغاربة وشباب من اليمين المتطرف، على خلفية اعتداء عنيف على مسن إسباني (68 سنة) صُوّر ونُشر على مواقع التواصل، مما فجّر موجة غضب وتحريض ضد الجالية المغربية.
وتحوّلت البلدة الزراعية الصغيرة، التي تعتمد على اليد العاملة المغربية في قطاع الفلاحة، إلى مسرح لأعمال شغب غير مسبوقة، شملت إحراق سيارات، وتخريب ممتلكات، ورفع شعارات تطالب بطرد المغاربة.
ودانت الحكومة المركزية هذه الأحداث واعتبرتها “خطرًا مزدوجًا”، يتمثل في الجريمة من جهة، وخطاب الكراهية الذي يستغله اليمين المتطرف من جهة أخرى.
واعتبرت وسائل إعلام إسبانية، أن هذه الأجواء المشحونة، إلى جانب صعوبات الاندماج، وغلاء المعيشة، وتزايد العنصرية في بعض المناطق، قد تكون ضمن العوامل الدافعة لمغادرة جزء من المغاربة التراب الإسباني، سواء بشكل طوعي أو تحت الضغط الاجتماعي والنفسي.
وتُعد منطقة مورسيا، التي تضم مدينة توري باتشيكو، من أكثر الجهات استقطابًا للعمال المغاربة، لكنها أيضًا من أكثرها هشاشة من حيث التوازنات الاجتماعية بين السكان المحليين والمهاجرين.
ورغم أن المعهد الوطني للإحصاء يربط النمو الديمغرافي الإسباني أساسًا بارتفاع عدد الأجانب المقيمين (زيادة بـ95.000 شخص في ثلاثة أشهر فقط)، فإن تراجع عدد المواطنين من أصل مغربي المقيمين بإسبانيا يطرح أسئلة عميقة حول مستقبل التعايش وأمن واستقرار الجالية، خصوصًا في وجه تصاعد الخطابات العنصرية وتزايد حالات التمييز المؤسساتي في بعض الجهات.
وفي المجمل، ارتفع عدد سكان إسبانيا خلال الربع الأول من السنة بـ75.865 شخصًا، ليصل إلى 49.153.849 نسمة في فاتح أبريل 2025، وهو أعلى رقم يتم تسجيله في تاريخ الإحصاء السكاني الإسباني.
ويعود هذا الارتفاع أساسًا إلى تدفق المهاجرين الأجانب، بينما سجلت فئة السكان من مواليد إسبانيا انخفاضًا بـ42.165 شخصًا، ما يعكس تحولًا ديمغرافيًا عميقًا في بنية المجتمع الإسباني.
ويُلاحظ أن عدد الأجانب المقيمين في البلاد بلغ 6.947.711 شخصًا، بزيادة قدرها 95.363 خلال ثلاثة أشهر فقط، فيما تراجع عدد السكان من ذوي الجنسية الإسبانية بـ19.498.
وتعني هذه الأرقام أن النمو السكاني في إسبانيا بات معتمدًا بشكل متزايد على الهجرة، في الوقت الذي تتراجع فيه الولادات والزيادة الطبيعية للسكان.