الشباب المغربي: الوعود الانتخابية وتراجع الاهتمام الحزبي بعد الانتخابات

الشباب المغربي: الوعود الانتخابية وتراجع الاهتمام الحزبي بعد الانتخابات

مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تُستدعى فئة الشباب إلى قلب الخطاب السياسي في المغرب، فتغدو العبارات حول التمكين والمشاركة وتجديد النخب حاضرة بكثافة في نشرات الأحزاب وتصريحات مسؤوليها.

غير أن هذا الحضور، رغم زخمه الظاهري، سرعان ما يتبدد في الواقع، حيث تغيب الأفعال خلف الشعارات، وتظل الفئة الأكثر عددًا في المجتمع على هامش التمثيل والقرار.

يقول عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية، إن ما يحدث مع كل موعد انتخابي يكاد يُصبح مشهداً متكرراً، حيث “تستدعي الأحزاب السياسية المغربية فجأة فئة الشباب إلى قلب خطابها السياسي، كأنها تعيد اكتشافهم مع كل دورة انتخابية”.

ويرى الباحث في العلوم السياسية في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه الفئة تظل، في غالب الأحيان، أداة للترويج السياسي أكثر من كونها فاعلاً حقيقياً في صنع القرار، مشيراً إلى أن الخطاب المفعم بالوعود الوردية حول التمكين وتجديد النخب “لا يلبث أن يتبخر لحظة الانتقال من الشعارات إلى الواقع، من الخطب إلى قوائم الترشيح”.

ويضيف سرحان أن معظم المنتديات والمبادرات الشبابية التي تُنظم خلال الحملات الانتخابية لا تتجاوز نطاق الاستعراض السياسي، إذ “لا يُتبع بخطوات مؤسسية تضمن استمرارية المشاركة”، لافتاً إلى أن هذا النمط يعكس منطق “التزيين الانتخابي” أكثر مما يُجسد إرادة فعلية في الاستثمار في قدرات الشباب.

ويعتبر أن هذه الممارسات تُفاقم أزمة الثقة المتبادلة، خاصة أن الشباب، بعد تجارب متعددة من التهميش، صاروا “أكثر تشككًا في صدقية المبادرات الحزبية”، وهو ما يُفسر بحسبه تدني نسب مشاركتهم في التسجيل والتصويت والترشح.

ويشدد المتحدث ذاته على أن تجاوز هذه الحلقة المفرغة يتطلب مراجعة داخلية عميقة للأحزاب المغربية، سواء على مستوى بنياتها التنظيمية أو آليات التأطير والانفتاح. ويضيف: “نحتاج إلى جرأة حقيقية في منح الشباب مواقع فعلية في القيادة واتخاذ القرار، لا مواقع رمزية ظرفية”.

ويؤكد سرحان أن الدولة بدورها مطالبة بتحفيز الحياة الحزبية، وتعزيز دور الوساطة السياسية، من خلال بيئة ديمقراطية تتيح للشباب التعبير عن تطلعاتهم دون وصاية أو تمييع، حتى لا يظل الخطاب عنهم واجهة انتخابية تنتهي صلاحيتها مع غلق صناديق الاقتراع.