بنسعيد: النموذج الاقتصادي هو ركيزة الصحافة ومجلسها ليس ميدانًا للصراعات التمثيلية

بنسعيد: النموذج الاقتصادي هو ركيزة الصحافة ومجلسها ليس ميدانًا للصراعات التمثيلية

لفت محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، اليوم الأربعاء، إلى أن النقاش حول مجلس الصحافة انصب على مسألتي الإقصاء والتمثيلية، غير أنه أغفل جانبًا أساسيًا يتمثل في أنه لا يمكن الحديث عن مقاولات صحفية دون وجود نموذج اقتصادي. وأضاف أن الدعم الحكومي، رغم أهميته، يظل غير كافٍ، لأنه يستند إلى معايير لا تتوفر لدى جميع الفاعلين، مشددًا على أن دور المجلس الوطني للصحافة لا يتمثل في إغلاق باب النقاش حول الحريات أو إقصاء أي طرف، بل في مواكبة تطورات القطاع على الصعيد الدولي.

وفي ما يخص التمثيلية داخل المجلس الوطني للصحافة، أوضح الوزير، خلال المناقشة التفصيلية لمشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، أن المادة السابعة من قانون الصحافة والنشر لسنة 2016 تأخذ بعين الاعتبار رقم المعاملات وعدد العاملين، مشيرًا إلى أن الأمر لا يُقاس بمنطق الربح، إذ إن المعطيات الراهنة تفيد بأن عدد المقاولات الإعلامية التي تحقق أرباحًا لا يتجاوز مقاولتين فقط، في وقت تواجه فيه باقي المقاولات تحديات، من أبرزها منافسة قوية في سوق الإشهار.

وأضاف أن غياب معايير دقيقة لقياس مردودية المواقع الإلكترونية يصعّب إمكانية اعتمادها أساسًا للانتخاب أو للدعم أو لغيرهما، مبرزًا أن المعطيات الرسمية المتوفرة تهم فقط مبيعات الصحافة الورقية، أما بالنسبة للصحافة الإلكترونية، فلا توجد إحصائيات رسمية معتمدة.

وأشار إلى أن اعتماد التمثيلية داخل المجلس تم انطلاقًا من الواقع، ولا يمكن اعتباره تراجعًا إلى الوراء، مبرزًا أن هذه تجربة مستقلة للمعنيين بالأمر، ويجب تمكينهم من تدبير شؤونهم بحرية، موضحًا أن الوزارة اختارت هذا المسار بناءً على تقرير اللجنة المؤقتة، في ظل وجود نقاش سابق حول التمثيلية.

وأكد الوزير أن رقم معاملات المقاولات الصحفية اليوم لا يرتبط بالدعم العمومي، لأن هذا الأخير يُخصص أساسًا لأجور الصحافيين، مضيفًا أن إشكالية التمثيلية مطروحة في مختلف الهيئات. وتابع قائلاً: “نحن في حاجة إلى أعضاء ذوي تجربة داخل المجلس الوطني للصحافة، لتطوير المجال الإعلامي”.

وأوضح أن المجلس الوطني للصحافة لا تُطبّق عليه معايير التمثيلية كما هو الحال في البرلمان، لأنه لا يُعبر عن تمثيلية حزبية أو إيديولوجية، بل عن مهنة تُعنى بتطوير الاستقلالية وتحسين الوضعية الاجتماعية للصحفيين. فالمجلس ليس برلمانًا لكي نتحدث فيه عن التعددية بالمعنى السياسي أو الحزبي.

وأضاف أن من مهام المجلس مناقشة قضايا كبرى، من ضمنها وضعية المقاولات الصحفية، مؤكدًا أن النموذج الاقتصادي حاضر بقوة، لأنه لا وجود لمقاولة صحفية بدونه. وشدد على أن المجلس ليس نقابة تدافع عن فئة بعينها، بل هيئة تُعنى بالصحافة بمختلف مكوناتها، وليس بالصحفيين فقط.

وخلص الوزير إلى أن تطور المقاولة الصحفية سينعكس إيجابًا على الصحفي، لأنه يتيح له العمل في ظروف تضمن استقلاليته الكاملة. وأضاف: “إذا استمرت النظرة التي ترى أن كل قانون يُمرر لصالح فئة معينة، فلن نتمكن من تمرير أي قانون، وسنبقى دائمًا في دوامة الصراع”. وأكد في هذا الصدد: “أنا لا أدافع عن أحد، ولا نمتلك هاجسًا سياسيًا لترشيح أي شخص، بل همّنا الوحيد هو كيفية المساهمة في تطوير العمل الصحفي”.

وأكد الوزير أن الغاية هي تجاوز منطق الأنانية والشخصنة، وبناء مجلس يتمتع بالتجربة اللازمة لمعالجة القضايا الكبرى التي تفرضها التحولات التي يشهدها مجال الصحافة، مشيرًا إلى أن هذا المجال بات يواجه منافسة شديدة، ويجب العمل على تطويره ليظل مصدرًا موثوقًا للمعلومة.