هل سيتمكن زوما من إنهاء التأثير الجزائري على مواقف جنوب إفريقيا بشأن قضية الصحراء؟

تحول لافت على مستوى الخطاب السياسي بجنوب إفريقيا تجاه قضية الصحراء المغربية، عبر عنه الرئيس الجنوب إفريقي السابق وزعيم حزب “أومكونتو وي سيزوي” الجديد، جاكوب زوما، بدعمه الواضح لمقترح الحكم الذاتي المغربي، معتبرا إياه “حلًّا ملموسًا ومتوازنًا” من شأنه ضمان السيادة المغربية وتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
زوما، الذي أدلى بتصريحاته عقب لقاء جمعه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، شدّد على أن حزبه يعترف بشرعية المطالب المغربية في الصحراء، مستندًا إلى السياقين التاريخي والقانوني، ومثمنًا في الآن ذاته تزايد الدعم الدولي والإفريقي لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع.
وجاء هذا الموقف في سياق وثيقة سياسية أصدرها حزب “أومكونتو وي سيزوي” حديثًا، تحت عنوان: “شراكة استراتيجية من أجل الوحدة الإفريقية والتمكين الاقتصادي والوحدة الترابية”، دعت المجتمع الدولي إلى أخذ الروابط التاريخية بين المغرب والصحراء بعين الاعتبار، واعتبرت أن مطالبة الرباط بأقاليمها الجنوبية تسبق الاستعمار الإسباني وتستند إلى بيعة القبائل الصحراوية للعرش المغربي. كما استحضرت الوثيقة المسيرة الخضراء باعتبارها نموذجًا نضاليًا سلميًا فريدًا لإنهاء الاستعمار في إفريقيا.
وفي تعليقه على هذه التصريحات، اعتبر عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن موقف زوما يمثل تحولًا نوعيًا داخل بيئة سياسية لطالما ارتبطت بدعم جبهة البوليساريو، مشددًا على أن المكانة الرمزية والسياسية التي يحتلها زوما في الذاكرة النضالية لجنوب إفريقيا، تمنح تصريحه قوة رمزية لا يمكن إغفالها، حتى إن لم تصدر عن موقع رسمي في الدولة.
وأشار سرحان إلى أن هذا التحول لا يمكن فصله عن الدبلوماسية المغربية النشطة في القارة، والتي انتقلت خلال السنوات الأخيرة من موقع الدفاع إلى صناعة المبادرة، ونجحت في استقطاب حلفاء جدد في غرب وشرق القارة، بل وحتى داخل معاقل الدعم التقليدي لأطروحة الانفصال.
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن جنوب إفريقيا قد تكون بصدد إعادة تموقعها التدريجي، ولو بشكل غير رسمي، انسجامًا مع المصالح الاقتصادية المتنامية مع المغرب، خاصة في مجالات الطاقة، الأمن الغذائي، والتكوين المهني.
ورغم هذا التوجه الإيجابي، يشير سرحان إلى أن العلاقات الوثيقة التي تربط جنوب إفريقيا بالجزائر، تظل محددًا بنيويًا في سياستها الخارجية. غير أن تصاعد النزعة البراغماتية لدى بعض النخب الجنوب إفريقية، والضغوط التي تفرضها متغيرات الساحة الإفريقية، قد تفتح المجال أمام موقف أقل انحيازًا وأكثر توازنًا في المستقبل.
واختتم الباحث تصريحه بالقول إن ما قاله زوما “قد لا يكون معزولًا، بل يمثّل إشارات أولية على تحوّل تدريجي في نظرة بعض القوى السياسية الجنوب إفريقية إلى مقترح الحكم الذاتي”، معتبرًا أن المغرب إذا أحسن استثمار هذه النافذة السياسية، فبإمكانه أن يخطو خطوة نوعية نحو اختراق أحد أكثر الحصون الدبلوماسية صلابة في ملف الصحراء.