النقابات ترفض “الثلث المحظور” وتنتظر مقترحات الحكومة لإصلاح نظام التقاعد

تستعد المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، في غضون اليومين المقبلين، للتوجه إلى طاولة الحوار الاجتماعي للتفاوض مع الحكومة حول تدبير ملف قديم جديد، يتعلق بمستقبل معاشات ملايين المغاربة، والتوافق حول الصيغة الأنسب لإنهاء أزمة تهدد استمرار صناديق استراتيجية في بنية الدولة، وهي صناديق التقاعد.
ولطالما شغل موضوع إصلاح التقاعد تجمعات وتجمهرات الهيئات النقابية لما يشكله من حساسية وأهمية في استدامة حقوق الطبقة العاملة، حيث تتسبث النقابات بإصلاح جذري لأنظمة المعاشات دون المساس بالمكتسبات السابقة وبعيدا عن (الثالوث الملعون)، رفع سن التقاعد وزيادة الاقتطاعات وتقليص المعاشات.
وإلى حدود اللحظة، حسب القيادات النقابية التي تواصلت مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، فإن الحكومة لم توفد أي مقترح أو أرضية تنبني عليها جلسات الحوار الاجتماعي حول إصلاح منظومة التقاعد، والتي ستنطلق ابتداء من يوم 17 يوليوز الجاري (الخميس المقبل).
وتتمسك النقابات المدعوة إلى جلسة الحوار بمخرجات اللقاءات السابقة للجنة الوطنية لإصلاح التقاعد قبل سنوات، رافضةً أي توجه، قد تعبر عنه الحكومة، بالانطلاق من نقطة الصفر في تدبير أزمة صناديق التقاعد.
“بعث لجنة إصلاح التقاعد”
سميرة الرايس، عضوة الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، ورئيسة لجنة الحوار الاجتماعي بالنقابة، قالت إنه “لم نتوصل إلى حدود الآن بأي وثيقة أو أرضية تؤسس لجلسة الحوار الاجتماعي المرتقبة خلال اليومين المقبلين مع الحكومة في إطار اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة المتقاعد”، مشيرة إلى أن “المؤكد هو أن نقابتنا ستظل ثابتة في ما يتعلق بتصور إصلاح صناديق معاشات المواطنين المغاربة”.
وأوردت الفاعلة النقابية، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن إحياء اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد هو مطلب دافعت عليه النقابات في جلسة الحوار الاجتماعي الأخير، خلال شهر أبريل، موردةً أن “الداعي لبعث أشغال هذه اللجنة هو اشتغالها لسنوات ومراكمتها لخلاصات مهمة خلال هذه المدة الطويلة، سواء من حيث تصورات النقابات أو من طرف الحكومة وممثلي الصناديق”.
وتابعت المتحدثة ذاتها أنه “إلى الآن لا علم لنا بعرض الحكومة، هل ستحيي اللجنة ومخرجاتها أم أنها ستقدم تصوراً جديداً لإنقاذ صناديق التقاعد من أزمتها المزمنة؟”، مبرزةً أن “الطرح الذي تدافع عليه النقابات، وخصوصاً نقابة الاتحاد المغربي للشغل، هو أن يتم الاستمرار في العمل بناء على مخرجات اللجنة الوطنية حتى لا يتم استنزاف الكثير من الوقت”.
وعن مواقف “نقابة المخارق” إزاء هذا الإصلاح، شددت الرايس على “أننا نرفض رفضا باتا (الثالوث الملعون) المتجسد في سنوات عمل أكثر ومساهمات أكثر ومعاشات أقل أو أي مساس بالحقوق والمكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة طيلة سنوات النضال العمالي”، مؤكدةً أن “أي إصلاح للتقاعد يجب أن يتم في إطار وفاء الحكومة بالتزاماتها”.
“نرفض اللاءات والثالوت الملعون”
وبخصوص ضيف الحكومة الثاني، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد أكد نائب الكاتب العام للنقابة المدعوة إلى طاولة الحوار مع الحكومة، بوشتى بوخالفة، أنه “لم نتوصل بأي ورقة أو عرض من طرف السلطات الحكومية المعنية بهذا الموضوع”، مستدركا أن “الأساسي هو أن موقف نقابة “CDT” محسوم في موضوع إصلاح التقاعد”.
وأوضح القيادي النقابي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “أي تفاوض مع الحكومة يجب أن يتم وفق مقاربة تتجاوز اللاءات غير المرغوب فيها من طرف الحكومة”، لافتاً إلى أن “أي متقاعد بلغ سن التقاعد أو اختار طوعياً أن يطلب التقاعد فهذا حق يضمنه القانون ولا يمكن أن نصادق على ما يخالف هذه الاختيارات”.
وتابع المتحدث ذاته أن “النقابة تتجه للحوار الاجتماعي بفكرة واحدة هي أنها لم تقبل أي مقترح برفع سن التقاعد ويقلص من قيمة المعاشات ويزيد من قيمة الاقتطاعات”، مؤكداً أن “المطلوب من ممثلي الطبقة العاملة، أي النقابات هو توحيد الرؤى بخصوص الإصلاح المرتقب في صناديق التقاعد”.
وواجهت “مدار21” النقابي عينه بسؤاله عن العرض الذي تتجه به النقابات إلى الحوار حول إصلاح التقاعد إذا كانت ترفض منطق (الثالوث الملعون) حيث أكد أن “حلول تسوية أزمة صناديق التقاعد متعددة ولا يمكن حصرها في منهجية (الثالوث الملعون) بوجود موارد أخرى”.
وفي هذا الصدد، تساءل نقابي “CDT” عن “كيف يمكن أن نقبل تحميل المستخدمين والموظفين كلفة هذا الإصلاح في الوقت الذي من المفروض من الصناديق أن تحصل ديونها من عدد من المؤسسات التي لازالت في ذمتها مستحقات لصالح هذه الصناديق؟”.