الكونفدرالية الديمقراطية: أرقام الحكومة تبدو “واعدة” لكن واقع سوق العمل ضعيف ومقلق

الكونفدرالية الديمقراطية: أرقام الحكومة تبدو “واعدة” لكن واقع سوق العمل ضعيف ومقلق

انتقدت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين ما اعتبرته انفصامًا بين الخطاب الرسمي للحكومة والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية المقلقة، مؤكدة أن السياسات الحالية لم تُنتج عدالة اجتماعية ولا فرص شغل كريمة، رغم الأرقام المتفائلة المقدمة في تقرير رئيس الحكومة حول الحصيلة الاقتصادية والمالية.

وفي مداخلتها خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة، شددت المجموعة على أن النمو الاقتصادي المسجل في سنة 2025 لم يكن مدعومًا بإصلاح هيكلي حقيقي، بل ظل رهينًا بتحسن الموسم الفلاحي وارتفاع تحويلات مغاربة الخارج، دون أن ينعكس على تحسين الأوضاع الاجتماعية أو تقليص نسب البطالة، التي بلغت 13.1% على المستوى الوطني، وأكثر من 19% في صفوف خريجي الجامعات.

وأعربت الكونفدرالية عن خيبة أملها من “ميثاق الاستثمار الجديد”، الذي رُوج له كأداة حاسمة لتحفيز الاستثمار وخلق فرص الشغل، معتبرة أن الاستثمار الخاص لا يزال “ضعيفًا وانتهازيًا” يعتمد على صفقات الدولة، فيما توجه الاستثمارات العمومية إلى مشاريع كبرى غير منتجة لفرص الشغل، ولا تأخذ بعين الاعتبار العدالة المجالية، وهو ما تؤكده احتجاجات المواطنين على الخصاص في البنيات الأساسية.

وفي ما يتعلق بالتشغيل، رسمت المجموعة صورة قاتمة عن واقع الشغل في المغرب، حيث أن أكثر من 80% من المناصب المحدثة غير مهيكلة، ولا تخضع للحد الأدنى من الأجور، لا سيما في قطاعات مثل الفلاحة والبناء والنسيج. ولفتت إلى تفشي أنماط التعاقد الهش، خصوصًا في ملفات مربيات التعليم الأولي وحراس الأمن الخاص، معتبرة أن التشغيل أصبح بدون أفق مهني أو تغطية اجتماعية أو أجر كريم.

وسجلت المجموعة أن البرامج الحكومية مثل “أوراش” و”فرصة” لم تحقق الأثر المرجو منها، بسبب غياب تقييم شفاف، وضعف التنسيق بين الفاعلين الترابيين، وعدم ملاءمتها لخصوصيات الجهات، داعية إلى مراجعة هذه السياسات وربط التمويل العمومي بإحداث مناصب شغل حقيقية.

وانتقدت الكونفدرالية استمرار الغلاء في المواد الأساسية، ووجود اختلالات بنيوية مثل تفشي الفساد الذي يكلف الاقتصاد الوطني نحو 5% من الناتج الداخلي، واستمرار منطق الاحتكار، وغياب المنافسة الحقيقية، كما ورد في تقارير مجلس المنافسة، إلى جانب ما وصفته بـ”المستوى المقلق” للمديونية العمومية.

وأمام هذا الواقع، دعت المجموعة إلى مراجعة جذرية للسياسات الاستثمارية، وتفعيل الإصلاح الجبائي لمحاربة الريع وتوسيع الوعاء الضريبي بشكل عادل، مع تحفيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بدل الاقتصار على دعم كبار الفاعلين.

كما شددت على ضرورة احترام الاتفاقات الاجتماعية، وإطلاق حوار اجتماعي جاد يفضي إلى نتائج ملموسة، ووضع استراتيجية وطنية واضحة لتشغيل الشباب، خصوصًا حاملي الشهادات العليا، مؤكدة أن الاستثمار لن يزدهر في ظل الغموض والتفاوت والبيروقراطية، والتشغيل لا يمكن أن يتحقق في ظل التعاقد الهش والإجهاز على الحقوق.