إبراهيم معلوف: الموسيقى ملاذي الآمن والجمهور المغربي يتفهمني

إبراهيم معلوف: الموسيقى ملاذي الآمن والجمهور المغربي يتفهمني

استعاد عازف البوق والمؤلف الموسيقي اللبناني الفرنسي إبراهيم معلوف، لحظة فارقة في مسيرته الفنية، حين اعتلى منصة مهرجان “جازابلانكا” بمدينة الدار البيضاء المغربية، ليقدّم عملًا جديدًا لأول مرة أمام جمهور لم يكن يعرفه بعد، لكنه أحسّ بأنه “فهمه”، في تجربة وصفها بأنها من “أقوى اللحظات” التي عاشها فنيًا.

وفي تصريحات خاصة خلال مشاركته في الدورة الأخيرة من المهرجان، قال معلوف: “تقديم عرض موسيقي لأول مرة أمام جمهور غريب هو مغامرة في حد ذاتها، لكن الإحساس بأن هذا الجمهور يفهمك ويتلقّى ما تريد قوله.. هو أثمن ما يمكن أن يناله الفنان، حتى أكثر من الحب ذاته”.

ويرى معلوف أن جمهور “جازابلانكا” يتميز بانفتاحه على موسيقى الجاز وفضوله تجاه التجارب الموسيقية الجديدة، وهو ما يجعل التواصل معه تجربة استثنائية.

ويضيف: “هذه المرة، أعود بعمل صدر قبل أشهر بعنوان Les trompettes de Michel-Ange، وهو مشروع شخصي جدًا يحمل بصمة والدي وجذوري، وصغته على شكل احتفال جماعي، كأنه عرس كبير نحتفل فيه جميعًا فوق الخشبة”.

ويعكس هذا العمل، بحسب الفنان، شغفه بإحياء الذاكرة والانتماء من خلال الموسيقى، حيث تمتزج ثقافات متعددة وتلتقي الهويات في مساحة فنية واحدة.

وفي حديثه لجريدة “مدار21” الإلكترونية، لم يتردد معلوف في مشاركة جزء من ماضيه كطفل لاجئ وصل إلى فرنسا دون أن يتقن لغتها، محمّلًا بتجربة من الغربة والوحدة، قال إنها شكّلت “جرحًا صغيرًا” لازمه طويلًا، وجعلته يسعى طيلة حياته إلى “الاتصال بالعالم” من خلال الموسيقى.

وأوضح: “لم أكن أعاني من صعوبة في التعبير عن ذاتي داخليًا، لكني كنت أبحث عن تواصل خارجي، عن فضاء يشاركني فيه الآخرون لحظات حقيقية نتذكرها لاحقًا.. هذا هو جوهر ما أحاول أن أقدمه على المسرح”.

ورغم أن حلمه في الطفولة كان أن يصبح مهندسًا معماريًا يساهم في إعادة إعمار بيروت، المدينة التي مزقتها الحرب، فإن الحياة قادته إلى “نوع آخر من البناء”، ويقول: “أدركت أن الأبنية قد تُهدَم من جديد، لكن الأحلام والذكريات لا يمكن للقنابل أن تصلها.. قررت أن أكرس حياتي لبناء بيئة داخلية لا تُهدم”.

ويستعد معلوف للاحتفال بمرور 20 عامًا على انطلاق مسيرته الفنية، من خلال حفل ضخم يُقام في 10 أبريل2027 بقاعة “لا ديفونس أرينا” في باريس، وهي الأكبر في أوروبا وتتسع لأكثر من 40 ألف شخص. ويؤكد أنه يرغب في أن يكون هذا الموعد احتفالًا جماعيًا: “أريد أن يكون كل من يحبني هناك.. من المغرب، من لبنان، من فرنسا ومن كل العالم”.

ويؤكد الفنان اللبناني الفرنسية أنه لا يؤمن كثيرًا بالأحلام الكبرى أو الخطط المحددة، بقدر ما يحرص على صناعة لحظات إنسانية وموسيقية تُحفر في الذاكرة، معتبرا عن ذلك بالقول”أنا لا أحلم بشيء محدد أو تعاون معين، حلمي الحقيقي هو أن أواصل عيش لحظات جماعية قوية مع الناس.. أنا أعيش من أجل هذه اللحظات”.