هل سينجح المغرب في تحويل أنظار مونديال 2030 بعيداً عن “هشاشة الشارع”؟

يستعد المغرب، رفقة إسبانيا والبرتغال، لاحتضان أكبر عرس كروي في العالم “مونديال 2030″، الحدث الاستثنائي بكل المقاييس، الذي تتجه فيه أنظار الملايين نحو المدن المضيفة، لا فقط لمتابعة المباريات، بل لرصد كل التفاصيل، من التنظيم إلى البنية التحتية، ومن الأمن إلى المشهد المجتمعي العام.
ورغم أن المغرب راكم تجربة معتبرة في تنظيم تظاهرات كبرى، فبعض الظواهر الاجتماعية تطرح اليوم تساؤلات جدية حول مدى انعكاسها على صورة البلاد في عيون العالم على غرار التسول، وأطفال الشوارع، والسرقة بالعنف (الكريساج) وغيرها من الظواهر المرتبطة بالهشاشة الاجتماعية التي تتطلب أكثر من مجرد حلول ترقيعية.
في هذا السياق، يؤكد أستاذ السوسيولوجيا والأنتربولوجيا بجامعة محمد الخامس، عمر بنعياش، ألا وجود لمجتمع يخلو تمامًا من مظاهر الاختلال، فكل الدول، مهما بلغت من تطور، تعرف بعض الظواهر السلبية المرتبطة بالبطالة أو التشرد أو المرض النفسي، لكن ما يميز دولة عن أخرى هو قدرتها على تنظيم هذا الواقع والتعامل معه بفعالية ووعي.
وأضاف في تصريح لجريدة “مدار21” أن الدول المستضيفة لمثل هذه التظاهرات العالمية تحرص عادة على مضاعفة جهودها الاستباقية لمعالجة هذه الإشكالات، إدراكًا منها لحساسية الصورة التي ستنطبع في ذاكرة الزوار، والمشاهدين عبر القنوات العالمية.
وأبرز الأكاديمي أن خمس سنوات “تعد فترة كافية لاهتمام المغرب بمعالجة بعض الظواهر الاجتماعية السلبية كالتشرد والبلطجة والتسول، ما سيسمح للدولة المستضيفة بالتحضير لاستقبال عرس كروي في أحسن الظروف، تمامًا كما تتهيأ الأسر للاحتفال بمناسبة اجتماعية معينة، إذ تحرص على إصلاح أي وضع قد يفسد عليها فرحتها.
ويتجلى هذا الاستعداد، يضيف المتحدث عينه، خاصة في بناء طرق، وتوسيع الطاقة الاستيعابية للملاعب الموجودة وصيانتها، وتحسين مرافقها وكل التفاصيل المتعلقة بنقل الجماهير الرياضية الوافدة وإيوائها وإطعامها وتوفير كل وسائل الأمن والراحة لها.
ويرى بنعياش أن نيل شرف تنظيم كأس العالم “هو في جوهره، رسالة سياسية وثقافية، ويعكس رغبة المغرب في تسويق نفسه كبلد متقدم وآمن، ومستقر، ومتضامن، ونظيف ومضياف”، مردفا “أنا على ثقة تامة بأن الدولة المغربية لها ما يكفي من القدرة على معالجة مظاهر التشرد والتسول والسرقة”.
وشدد بنعياش على أن مسؤولية إنجاح هذه التظاهرة تقع على عاتق الجميع؛ الدولة بمؤسساتها، والمجتمع المدني، والمواطن في سلوكه وجميع حالاته، مؤكدا أن “الصورة التي سنقدمها للعالم هي حصيلة مشتركة، وعلينا أن ندرك أن الصحافة العالمية ستسلّط الضوء على كل تفاصيلنا”.
وأبدى الأستاذ الجامعي ثقته في أن المغرب سيحرص على تقديم عروض ترفيهية وجولات سياحية للزوار الأجانب وألا خوف من هذه الناحية، مشيرا إلى أنه “المصالح الاجتماعية المعنية من المرتقب أن تقوم بالدراسات اللازمة، سواء من حيث اللوجستيك أو من حيث بنيات الاستقبال والموارد البشرية اللازمة لتدبير مشكلات اجتماعية من قبيل التشرد والتسول والسرقة، سيما مضايقة الضيوف وازعاجهم”.
وعبّر أستاذ علم الاجتماع والأنتروبولوجيا عن تفاؤله في قدرة المغرب على ركوب تحدي تنظيم تظاهرات كبرى من حجم مونديال 2030، مشيرا إلى أنه “من المرتقب أن تشكل هذه التظاهرة الكروية الكبرى فرصة ذهبية لتوفير مناصب شغل لآلاف الشباب المغربي العاطل، في عدة ميادين مما سيبعدهم عن أعمال الشغب وأي سلوك مشين خلال تنظيم الكأس العالمية”.