“الكوبي كولي” يُخَفِّف من الجوانب العلمية في الأبحاث ويهدد مصداقية الجامعات المغربية

تشهد ظاهرة “الكوبي كولي” تصاعدًا ملحوظًا في الأوساط الأكاديمية في الآونة الأخيرة، ما فتحت نقاشات واسعة حول أخلاقيات البحث العلمي ومصداقية الإنتاج الأكاديمي، واستمرار انتهاك قواعد النزاهة الأكاديمية.
ويرى عبد الجبار شكري، أستاذ علم النفس وعلم الاجتماع، أن تفشي ظاهرة “النسخ واللصق” أو ما يُعرف بـ “الكوبي كولي” أصبح يُنذر بأزمة حقيقية في منظومة التعليم العالي بالمغرب.
وأشار في تصريح لجريدة “مدار 21″، إلى أن أسباب انتشار هذه الظاهرة تتعدد، ومن بينها ضعف المهارات الأكاديمية لدى الطلبة، والجهل بعواقب النسخ دون توثيق، إلى جانب ضغوط الحياة الجامعية التي تدفعهم إلى اختصار الطريق على حساب الجودة العلمية.
ونبّه شكري إلى أن هذه الظاهرة تُفرغ التكوين الجامعي من مضمونه الحقيقي، إذ يُنجز الطالب مشروعًا شكليًا لا يعكس قدراته، ما يُفقده فرص التطور الذاتي، ويؤثر على مصداقية المؤسسات الجامعية، خاصة في ظل غياب رقابة صارمة.
واعتبر المتحدث ظاهرة “الكوبي كولي” تحديًا حقيقيًا أمام الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، ويتطلب القضاء عليها جهودًا مشتركة من الإدارات، والأساتذة، والطلبة أنفسهم”، مؤكدا أن البحث العلمي “ليس مجرد واجب دراسي، بل هو أداة لصناعة المستقبل وبناء مجتمع المعرفة”.
ودعا أستاذ علم الجتماع والنفس إلى التصدي لهذه السلوكيات من خلال اعتماد برامج متخصصة في كشف الانتحال، وتعزيز التكوين في مجالات التوثيق والنزاهة العلمية، وتشجيع طرق تدريس تركز على التحليل والتفكير النقدي.
وأسهم التطور التكنولوجي، وعلى رأسه أدوات الذكاء الاصطناعي، في تسهيل هذه الممارسات، حيث بات بالإمكان توليد نصوص متكاملة خلال وقت وجيز، دون الرجوع إلى المصادر أو بذل مجهود حقيقي.
ولا تقتصر ظاهرة “كوبي كولي” على الطلبة فقط، بل امتدت أيضا للأساتذة الجامعيين، إذ فتحت المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير التابعة لجامعة ابن زهر، بحثا إثر شكايات متعددة رفعها أربعة أساتذة، ضد زميل متهم بالانتحال والسرقة العلمية، تمثلت في نسخ 56 صفحة حرفيا من أطروحة دكتوراه وإدراجها ضمن ملف تأهيله الجامعي.
وفي يونيو المنصرم، أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير حكما بإدانة أستاذ قانون بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بتهمة سرقة مؤلف أكاديمي من 228 صفحة، وتم تغريمه 10.000 درهم مع تعويض قدره 25.000 درهم، كما ألزمت بحذف النص المنسوخ من جميع الوسائط الرقمية.