نداء أيت بوكماز يسلط الضوء على معاناة المناطق الريفية ويزيد من حدة الاحتجاجات ضد التهميش

نداء أيت بوكماز يسلط الضوء على معاناة المناطق الريفية ويزيد من حدة الاحتجاجات ضد التهميش

شاهد الجميع خلال اليومين الماضيين مسيرة الآلاف من أهل آيت بوكماز نواحي أزيلال (مسيرة الكرامة) للمطالبة برفع حيفٍ وإقصاء رافق دواوير هذا المجال الجبلي لعقود، والذين لم يطلبوا سوى نصيبهم مما بلغته التنمية في المجالات الحضرية والمدن القريبة من المركز.

وتخفي هذه المسيرة المفاجئة، التي أبهرت رواد مواقع التواصل الاجتماعي برقي التنظيم الذي أبدته الحشود المشاركة في الانتفاضة، واقع التهميش الذي تعانيه المجالات القروية عموماً، والجبلية بالتحديد، حيث اقتصرت مطالب المحتجين في بنيات وخدمات أساسية وضرورية في أي جماعة، قروية أو حضرية، كمراكز التطبيب وشبكة الماء والكهرباء والإنترنت وفضاءات الترفيه.

وعرَّت هذه المسيرة السلمية واقع السياسات العمومية الموجهة إلى المجال الجبلي التي لم تنتج سوى احتقاناً وغضباً في نفوس ساكنة، والذي جسدته ساكنة آيت بوكماز بالاحتجاج السلمي ورفع شعارات رفض تعامل المسؤولين عن تدبير الشأن العام مع قضايا القرى بمنطق “المركز والهامش”.

وتنذر مثل هذه الحركات الاحتجاجية بتراكم فشل التدبير العمومي في إخراج المناطق الجبلية والقروية من واقع الهشاشة الذي يكتفها منذ عقود، على الرغم من إقرار سياسات عمومية تؤهل المجال القروي ووقوف تقارير رسمية على غياب الفعالية في البرامج المشجعة لأنشطة الإنسان المغربي القروي.

وليست هذه المرة الأولى التي يخرج فيها أهل المجالات الترابية المهمشة للاحتجاج والتعبير بصوت سلمي وحضاري عن اليأس من ضياع حظها من التنمية التي تعرفها مجالات “المغرب النافع”، وإنما سبق لاحتجاجات سابقة، في ضواحي إقليم تنغير ومداشر ورزازات، أن نبهت الدولة والسلطات المدبرة للشأن العام للغضب المدفون في نفوس سكان الجبال والقرى التي أنهكها انتظار التفاتة المسؤول إلى أحوالها المزرية.

الائتلاف الوطني من أجل الجبل، وبحكم اهتمامه بقضايا ساكنة الجبال، اعتبر أن خروج ساكنة أيت بوكماز للاحتجاج في مسيرة سلمية هو لحظة فارقة في تاريخ العلاقة بين الجبل والدولة، مبرزاً أن “الساكنة خرجت لتقول بصوت جماعي واضح كفى من التهميش، كفى من الانتظار”.

وأضاف الائتلاف، في البلاغ الذي توصلت جريدة “مدار21” الإلكترونية بنسخة منه، أن “هذه المسيرة ليست سوى تعبير حضاري عن تراكم عقود من الإقصاء التنموي الذي جعل من المناطق الجبلية، وفي مقدمتها أيت بوكماز، نقطة عمياء في السياسات العمومية”.

واعتبر الائتلاف أن “المواطنون في الجبل سئموا من الشعور بأنهم في الهامش، وأن أحلامهم في الصحة والتعليم والبنية التحتية لا تدخل ضمن أولويات الدولة”، مشدداً على أن “ما يطلبه أهالي أيت بوكماز، وما تنتظره جل ساكنة الجبل، ليس امتيازا ولا ريعا بل الحد الأدنى من شروط العيش والانتماء لهذا الوطن”.

ودعا الإطار المدني المهتم بقضايا الجبل الحكومة والسلطات المعنية إلى التجاوب الفوري والمسؤول مع مطالب الساكنة، باعتبارها مطالب عادلة تعبر عن احتياجات حقيقية، لا تحتمل مزيدا من التأجيل، منبهاً إلى أن استمرار إقصاء المناطق الجبلية يهدد التماسك الاجتماعي ويخدش صورة المغرب ويعيق أي نموذج تنموي وطني من بلوغ أهدافه.

وذكَّر المصدر ذاته بالتزامات الدولة المغربية في إطار الخطة الخماسية الأممية لتنمية المناطق الجبلية (2023-2027)، مستعجلاً الحكومة المغربية بتنفيذ التزاماتها الوطنية والدولية المتعلقة بالتنمية المستدامة للمجالات الجبلية وسن إطار تشريعي خاص بالمناطق الجبلية، يضمن العدالة المجالية، ويضع حدا للفجوة التنموية بين المركز والهامش.