مصطفى الخلفي ينبه من استغلال الدعم الحكومي للصحافة كوسيلة للانتقام.

حذر وزير الاتصال الأسبق مصطفى الخلفي من خطر استغلال الدعم العمومي الممنوح للمنشآت الصحافية كوسيلة عقابية قد تؤثر سلباً على حرية الصحافة والتعددية الإعلامية بالمغرب.
وأوضح الخلفي أن بعض النصوص في مرسوم الدعم العمومي تسمح بحرمان المؤسسات الصحافية من الدعم إذا صدر ضدها حكم عقابي، معتبراً أن هذا الإجراء يتعارض مع المادة السابعة من قانون الصحافة، التي تنص بشكل حصري على الشروط والمعايير المنظمة للاستفادة من الدعم العمومي.
وأشار إلى أن الحرمان من الدعم يعد إجراءً غير دستوري، لما له من تأثير مباشر على التعددية الإعلامية التي تعتبر ركيزة أساسية للديمقراطية، خصوصاً عندما يتم تجميد الدعم بسبب أخطاء قد ترتكبها صحف أو مؤسسات إعلامية دون مراعاة السياق.
وشدد الخلفي على أهمية إعادة النظر في هذه المقتضيات ضمن مشروع القانون الجديد، من أجل ضمان حماية الصحافة المستقلة وتعزيز دورها في التعبير عن التنوع والاختلاف داخل المجتمع المغربي.
جاء ذلك في لقاء دراسي نظمته مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، لمناقشة، مشروع القانون رقم 25.26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة تحت شعار: «أي تشريع لتنظيم المهنة يضمن حرية الصحافة وحرية التعبير بالمغرب، في ضوء أحكام الدستور والالتزامات الدولية، ومتطلبات التطور الديمقراطي؟».
وأكد وزير الاتصال الأسبق، أن النقاش حول الهيأة المشرفة على الانتخابات الصحافية عرف تراجعاً، لافتا إلى أن الإشكالية التي حالت دون انتخاب المجلس الوطني للصحافة في 2022 ليست قانونية بقدر ما هي ترتبط بالتركيبة التي ألغى فيها مشروع القانون الجديد النظام السابق الذي كان ينص على تناوب رئاسة المجلس بين الناشرين والصحفيين، مما أوجد توجساً من انتقال الهيأة بين فئات مختلفة.
وأشار الخلفي إلى أن مشروع القانون ألغى هذا التناوب، مما قد يسمح ببقاء الرئيس لفترة مستمرة، لأن انتخابه يكون من طرف الجمعية العامة. وقال: «المشكلة كانت في السابق متعلقة بالانتقال من هيئة إلى أخرى ومن فئة إلى أخرى، وهذه مشكلة لا علاقة لها بالنظام الانتخابي».
كما أوضح الخلفي أن تعديل تركيبة المجلس شمل إدخال ثلاثة أعضاء معينين من طرف رئيس الحكومة، وهو أمر اعتبره إشكالياً، لكنه أكد أنه مرتبط بالدستور، خصوصاً بعد نقاشات اللجنة المكلفة بتعديل الدستور سنة 2011، حيث تم الاتفاق على أن الدولة تشجع التنظيم الذاتي للمهنة، لكنها تبقى معنية بتنظيم القطاع.
في هذا السياق، بين الخلفي أن تركيبة المجلس الحالي ترتكز على مقاربة ثلاثية تمثل فيها المجتمع المدني بشكل أوسع، عبر إدماج ممثلين عن اتحاد كتاب المغرب، وهيئة المحامين، والمجلس الوطني للغات والثقافة، إضافة إلى ممثلين سابقين عن الناشرين والصحافيين، ما يسمح بمجلس يعكس توافقاً بين الصحفيين والناشرين.
وذكر الوزير الأسبق أن هذا التوازن الثلاثي أتى في محاولة لضمان حكماء ذوي خبرة ونزاهة سجلهم المهني، ولفت إلى أن تقليص مدة العضوية من 15 إلى 10 سنوات مع التركيز على ممثلي المجتمع المدني والسلطة القضائية والهيئات الاقتصادية والاجتماعية يشكل تطوراً مهماً في فلسفة تنظيم المهنة.
وختم مصطفى الخلفي كلمته بالإشارة إلى تقرير اللجنة المؤقتة لعام 2023، مؤكداً أن المغرب يسير نحو نظام جديد أكثر نضجاً يوازن بين حرية الصحافة وتنظيمها المهني في إطار ديمقراطي يراعي متطلبات العصر وأحكام الدستور.