الإعلام العام: من الإساءة للملك إلى حذف خريطة الوطن

عندما يصل الأمر إلى الإساءة للملك في برامج ميدي1 تيفي، ثم تمر أشهر معدودة لتبث قناة “الرياضية” خريطة مبتورة للمغرب، فإن الأمر لم يعد يتعلق بأخطاء مهنية معزولة، بل بمؤشرات خطيرة على عمق الفوضى وغياب المحاسبة داخل مؤسسات الإعلام العمومي.
لقد كان من المفترض أن يكون القطب العمومي رافعة للسيادة الوطنية، حاملاً لقيم الدولة، حريصاً على رموزها ووحدتها الترابية، لكن الواقع أن بعض المسؤولين حولوه إلى فضاء للارتجال واللامسؤولية، بل إلى عبء حقيقي على صورة البلاد.
ففي سابقة لا يمكن تبريرها بأي ذريعة، كانت قناة حسن خيار قد بثت شريطا إخباريا تضمن عبارات غير لائقة تمس مقام الملك، وهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه بأي حال. ثم جاءت الطامة الأخرى عبر “رياضية فيصل العرايشي” التي عرضت خريطة المغرب مبتورة، ماسة بشعور ملايين المغاربة المدافعين عن قضيتهم الوطنية الأولى.
ما يجري ليس صدفة، ولا مجرد زلات تقنية، بل نتيجة مباشرة لعقليات مترهلة تدير هذه المؤسسات بعقلية الريع والزبونية والمحسوبية، دون أي كفاءة أو حس وطني.
أين هو دور القيادة التحريرية؟ أين هي الرقابة؟ وأين هي المسؤولية السياسية التي من المفترض أن تواكب أداء هذا القطب، المفترض فيه أن يخدم المصلحة العليا للوطن؟
إن ما نعيشه اليوم هو إفلاس مهني وأخلاقي، لم يعد مجدياً ترقيعه بل يستدعي قرارات حاسمة. وعلى رأسها: رحيل كل من ثبت فشله في تدبير هذه المؤسسات، وفتح تحقيق نزيه لمحاسبة المتورطين في هذه الانزلاقات التي لم تعد تُحتمل.
الوطن أكبر من الجميع، ومن لا يملك الكفاءة ولا الحس الوطني لتحمل مسؤولية الإعلام العمومي، فليُفسح الطريق لغيره.