المادة 139 من مدونة الضرائب: خطر ضريبي يهدد استثمارات مغتربي المغرب

حذّر الموثق بالدار البيضاء، رشيد التدلاوي، مما وصفه بـ”القنبلة الجبائية” التي فجّرتها المادة 139 من المدونة العامة للضرائب، مؤكدًا أن هذا النص، كما يُطبق اليوم، حوّل صيف المغاربة المقيمين بالخارج من موسم استثمار وتفاؤل إلى موسم قلق واضطراب.
وأوضح الخبير أن هذا الوضع تفاقم بعد دخول القانون الجديد المتعلق بضريبة السكن حيز التنفيذ، وتحويل الوعاء الجبائي من الخزينة العامة إلى المديرية العامة للضرائب، دون مرسوم تطبيقي واضح أو فترة انتقالية تتيح استيعاب التغييرات.
ودخل منذ شهر يوليوز الماضي حيز التنفيذ تعديل الفقرة الرابعة من المادة 139، القاضي بأن العدول والموثقين والمحامين لا يمكنهم تحرير أي عقد يتضمن “تفويت ملكية عقارية أو حقوق عينية أو أصل تجاري” قبل استلام شهادة الإبراء الضريبي التي تثبت دفع الضرائب والرسوم المتعلقة بالمسألة، تحت طائلة المسؤولية التضامنية.
كما أصدرت المحافظة العقارية تعليمات في يناير 2025 تلزم الموثقين بعدم تسجيل أي عقد أو سند ما لم تُرفق شهادة الإبراء، مما فجر جدلا حول نطاق الشهادة، ففي الممارسة، لاحظ المتضررون أن المطلوب لا يقتصر على الضرائب العقارية، بل يشمل جميع ديون البائع (مثل الرسوم على المقاهي والمشروبات)، وهو ما لم يكن مقصد النص التشريعي.
وأدى هذا التوسع إلى تعقيد الإجراءات وتأخير المعاملات العقارية؛ مما أضر باستثمارات المغاربة المقيمين بالخارج على وجه الخصوص بأرض الوطن.
وقال التدلاوي: “لقد انتقل المغرب من نظام جبائي إلى آخر دون وجود مظلة أمان، ما خلق أكبر خلل في المعاملات العقارية خلال السنوات الأخيرة.”
وأضاف أن شهر يوليوز الذي كان تقليديًا فترة ذروة للمعاملات العقارية، خاصة في صفوف أفراد الجالية المقيمة بالخارج، “أصبح اليوم مرادفًا للطوابير الطويلة، وشهادات الإبراء غير المتوفرة، ووعود البيع المعلقة في بوابات إلكترونية جامدة”.
وسجل التدلاوي بأسف أن النتيجة كانت “موثقين عاجزين، ومشترين محبطين، وبائعين غاضبين، وجالية صارت تتساءل إن لم يكن الأجدى نقل استثماراتها إلى دول أخرى.”
وذكر أن الإصلاح في حد ذاته كان يمكن أن يمثل خطوة إيجابية نحو التحديث، شريطة وضع خارطة طريق واضحة، وضمان قابلية الأنظمة للتشغيل البيني، وتكوين الموظفين، وإخبار المواطنين، حتى لا يختلط الإصلاح الجبائي بالفوضى الرقمية.
لكن الواقع، حسب التدلاوي، يُظهر أن المواطن اليوم تائه بين أسئلة بسيطة بلا أجوبة: هل يؤدي ضريبة السكن عن 2023 أم 2024؟ من هي الجهة المخوّلة لتحصيلها؟ وهل هو أصلًا لا يزال مدينًا بها في ظل غياب إشعارات ضريبية دقيقة؟
وختم التدلاوي قائلاً: “هذه الإصلاحات كان يفترض أن تعزز الثقة وتحسن الشفافية، لكن للأسف النتيجة كانت عكسية. الجالية تغادر بحقائب ملأى بالعملات الصعبة والمشاريع المؤجلة. لقد أصبح المناخ الجبائي اليوم مصدر صداع أكثر منه أفقًا واعدًا.”